التخارج من التركة في القانون العماني

 

 

د. طه زهران

محامٍ بالمحكمة العليا - مكتب سعيد المعشني للمحاماة

قد يُفضِّل أحد الورثة، أو بعضهم، أن يتخارجوا من تركة مورثهم عن طريق بيع حصتهم في الميراث لباقي الورثة الآخرين، أو لوارث مُعيَّن منهم، أو حتى لشخص آخر من خارج الورثة، وقد تكون مصلحتهم في ذلك هي الحصول على مقابل نصيبهم في الميراث نقدا، أو الإسراع في الحصول على نصيبهم قبل انتظار إجراءات قِسمة التركة التي قد تستغرق وقتا طويلا.

وللوقوف على كافة الضوابط والأحكام القانونية التي وضعها المشرع العُماني لحالة التخارج من التركة، يتعين علينا الرجوع لقانون المعاملات المدنية في المواد من (428) وحتى (431)، والتي تستند في مجمل أحكامها إلى الشريعة الإسلامية ومبادئ الفقه الإسلامي.

فيجوز للوارث -طبقا لهذا القانون- بيع نصيبه في التركة بعد وفاة المورث لوارث آخر أو أكثر مقابل عوض معلوم، حتى ولو لم تكن موجودات التركة قد تم تعيينها بعد، وعندئذ يقع البيع على مقدار الحصة الميراثية.

ويترتب على عقد التخارج هذا نقل حصة البائع الإرثية إلى المشترى، وبذلك يحل هذا المشتري محل البائع في استحقاق نصيبه من التركة فيصبح مثله مثل الوارث تماما من حيث أحقيته في الحصة المباعة له. ولكن يجب ملاحظة أن عقد التخارج لا يشمل كل مال يظهر للميت بعد العقد ولم يكن المتخارجان على علم به في وقت العقد؛ فالبيع قد وقع على النصيب المعلوم من التركة وقت البيع فقط؛ وبالتالي فلا يشمل أي ممتلكات أخرى مجهولة قد تظهر بعد ذلك.

وكذلك لا يشمل عقد التخارج الحقوق التى للتركة على المتخارجين أو على أحدهم، كما لو كان هؤلاء المتخارجون أو أحدهم مدينين للتركة بدين خاص بهم، ولا يشمل عقد التخارج كذلك الحقوق التى علي التركة لهم أو لأحدهم، كأن تكون للمتخارجين ديون مستحقة لهم على تلك التركة. فجميع الحقوق الخاصة الدائرة بين المتخارج والتركة سواء كانت له أو عليه لا يشملها عقد التخارج، بل تظل في ذمة المتخارج قبل التركة؛ وذلك ببساطة لأن تلك الحقوق تسبق الميراث، فلا تركة إلا بعد سداد الديون، ومن ثم فلا علاقة لعقد التخارج بها لأن هذا العقد يقع على أنصبة التركة فحسب.

ولا يضمن البائع المتخارج للمشترى غير مجرد وجود التركة وثبوت حصته الإرثية فيها إذا تم إبرام عقد التخارج دون تفصيل مشتملات التركة.

ويقع على المشترى عبء اتباع الإجراءات التى يُوجِبها القانون لنقل كل حق اشتملت عليه الحصة الإرثية محل التخارج؛ فإذا كانت تشتمل على عقارات أو أراضٍ وجب عليه تسجيلها في السجل العقاري بوزارة الإسكان ونقل ملكيتها إليه. وإذا كانت تشتمل على سيارات أو مركبات وجب عليه إتمام نقل ملكيتها في إدارة المرور بشرطة عمان السلطانية. وإذا كانت تشتمل على سفن أو طائرات مثلا وجب اتباع كافة الإجراءات اللازمة لنقل ملكيتها طبقا لأحكام القوانين البحرية والجوية.

وغنيٌّ عن البيان ختامًا أنه يجب اتباع كافة الأحكام المتعلقة بحق الشفعة في هذا البيع إذا كان التخارج واقعا على عقارات أو أراضٍ، وكان ذلك البيع لصالح الغير من خارج الورثة؛ حيث يتعيَّن إخطار باقي الورثة بذلك البيع وانتظار المدة اللازمة لإعلان رغبتهم في الشراء وبنفس الثمن المتفق عليه بين المتخارج والغير. ولا يصبح هذا البيع صحيحا نافذا إلا بعد فوات ميعاد إعلان الرغبة أو موافقة باقي الورثة على البيع، أو عدم قدرتهم على دفع الثمن المتفق عليه للبيع دفعة واحدة، أو بنفس الطريقة المتفق عليها في عقد التخارج.

تعليق عبر الفيس بوك