ومن شرّ حاسدٍ إذا حسد

 

غسان الشهابي

 

بالنسبة لي وللكثير غيري من العرب، ما إن تصدر قائمة دولة حتى ذهبنا للبحث أين موقعنا منها، هذا إن كان لنا موقع أساساً... على الرغم من أنني آليت على نفسي ألا أفتّق الجراح، وأزيد النادبين نادباً.

فلقد أثارتني – وهذا متوقع تماماً – قائمة الشركات المئة الأعلى قيمة لعلاماتها التجارية في 2018، وهي الشركات العالمية العملاقة المنتمية إلى قطاعات مختلفة كالإعلام والترفية والتبغ والكحول والمنتجات الفاخرة والمواصلات والمحركات وعلوم الفضاء والخدمات المالية والخدمات التجارية، فلا عجب أن تتسيد العلامات التجارية شركات قطاع التكنولوجيا بمجموع يفوق 846.7 مليار دولار لقيمة علاماتها التجارية، وفي التكنولوجيا نحن غير منافسين. ولو أتينا إلى قطاع المشروبات مثل كوكاكولا، وبيبسي كولا، وريد بول، لسنا منهم. ماذا عن قطاع البنوك والخدمات المالية؟ ليس لدينا شركات بحجم فيزا ولا أميركان إكسبرس، ولا سيتي كورب، ولا إتش إس بي سي. أقترح قطاع التجزئة، لا توجد لدينا سلاسل تجارية مثل إيكيا، ولا إتش أند إم، ولا زارا، ولا وول مارت. لنجرب المحركات؛ الوضع سيكون أصعب من تويوتا ومرسيدس وفورد وأودي وبي إن دبليو وبورش. وهكذا الكثير من الشركات والقطاعات.

السؤال الذي إجابته لا تخفى على شبه حصيف: لماذا يصرّ الكثير من الكتبة وأشباههم، وسياسيون وأقرانهم، ومسؤولون وأندادهم، على القول بأننا محسودون؟! علامَ الحسد تحديداً ودولنا - للأسف المميت - تتصدر في كل ما يلطّخ الوجه، وتكون في ذيل القوائم في التنمية والانتاجية، والتقدم...إلخ؟

إن أراد الأفاضل التحصّن من الحسد، يمكن القول إن المسألة لا تعدو نظرة هذه الشركات كنظرة أحد الأثرياء الغربيين، كالرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يرى أنّ هناك أموال لم يصلوا إليها، وهي في يد من لا يستحقها، ولا يعرف قيمتها وكيف يتصرف بها، وبدلاً من هذا الهدر والتأخير في الحصول على هذه الأموال عن طريق البيع والشراء العاديين، لا بد من شفطها شفطاً لتصبّ في عمليات الإنتاج الكثيفة والمتصاعدة والمتعالية للدول التي لها من الجرأة والقدرة والشجاعة، بل والتصميم والإرادة لكي تكون ضمن منظومة المستقبل، أما الذين يعيشون في الماضي، وعلى الماضي وتمجيده واجترار قصصه المفبرك شطرُها، فليعودوا إليه إن أرادوا فلا مكان لهم في الغد.

الآن يمكنكم إشعال البخور لطرد الحاسدين...

 

تعليق عبر الفيس بوك