"هيئة ظفار الاقتصادية"

 

غازي الخالدي

 

تتمتع محافظة ظفار بمقومات اقتصادية تتمثل في المنطقة الصناعية بريسوت والمزيونة وميناء صلالة ومطار صلالة والمنطقة الحرة يؤهلها أن تجذب استثمارات ورؤوس أموال داخلية وخارجية ويُمكنها من أن تكون واجهة اقتصادية للسلطنة تساهم وتلعب دورا مهما للغاية وبشكل أساسي في رفد الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل وتوفير فرص عمل.

ولعل تلك المقومات الموجود حاليا في المحافظة سيكون لها المساهمة الفعالة في تحقيق ذلك إذا استغلت الاستغلال الأمثل كونها قل وجود مثيلها في مكان آخر. والحديث المتكرر في الفترة الماضية ينصب نحو تنويع مصادر الدخل ورفد الدخل القومي بإيرادات غير نفطية نظرا لتقلب أسعار النفط تارة وانخفاض إيراداته تارة أخرى وما تسببه تلك التقلبات من عجز في الموازنة العامة للدولة ويقودنا ويتطلب في نفس الوقت النظر بجدية نحو محافظة ظفار والاستثمارات فيها.

إن من أبرز التحديات والعوائق في محافظة ظفار أن هناك أكثر من جهة تعمل في اتجاهات مختلفة ومنها المنطقة الحرة بصلالة، وأيضا منطقة ريسوت الصناعية ومنطقة المزيونة الصناعية اللتان تتبعان للمؤسسة العامة للمناطق الصناعية وميناء صلالة ومجموعة أسياد، بيد أن هذا التشتت لا يخدم بأي حال من الأحوال تعزيز مكانة المحافظة اقتصاديا وجعلها واجهه استثمارية ولا يخدم الترويج لها كمنظومة متكاملة؛ حيث إنّ تشتت الجهود يعرقل التوجه نحو تسهيل الإجراءات وجذب الاستثمار ويبطئ من عجلته.

إنني أجدها فرصه سانحة لطرح فكرة إنشاء هيئة اقتصادية تضم الجهات السالفة الذكر تحت مظلة واحدة وتسمى "هيئة ظفار الاقتصادية" تتمتع بالاستقلال المالي والإداري التام وبصلاحيات واسعة وتضطلع بدور تشريعي ورقابي وتنفيذي على منطقة ريسوت والمزيونة الصناعيتين وكل ما يتعلق بهما من حيث أولا: الترويج الفعال لهما وجذب الاستثمارات، وهنا يجب القول إن الترويج الحالي للمحافظة والفرص الاستثمارية بها لا يزال دون الطموحات، ولا يساهم بشكل أساسي في التعريف بها وما تمتلكه في بنيتها التحتية. وثانيا: على الهيئة الاستمرار في تنفيذ وتشييد بنية أساسية متكاملة من حيث الخدمات في ريسوت أو في المزيونة وإدارة مرافقها حتى تسهل على المستثمر وتجد له الأرض الخصبة لاستثماراته. وثالثا: من حيث تنويع الاستثمار في المنطقة من حيث إعادة التصدير والصناعات التحويلية والصناعات البتروكيميائية والخدمات اللوجستية الأخرى جنبا إلى جنب مع ميناء صلالة والعمل على توسيعه ليستوعب التوسع الحالي والمستقبلي هذه بالإضافة إلى نقل اختصاصات وزارة البيئة ودورها الرقابي إلى الهيئة مما سيكون له الأثر الأكبر في صون البيئة وحمايتها.

إن الظرفية الزمانية الحالية مناسبة لإنشاء الهيئة وإعطائها صلاحيات كاملة ولعل التجربة القائمة بإنشاء الهيئة الاقتصادية الخاصة بالدقم ودورها البارز والناجح منذ إنشائها لهو خير دليل على نجاح التجربة ومن الممكن أن تنقل تجربتها إلى محافظه ظفار. ووجود الهيئة سيتيح للمستثمر إنهاء كافة إجراءاته تحت مظلة واحده بداية من التسجيل والخدمات المختلفة والحصول على كافة التراخيص والخدمات من المحطة الواحدة؛ وبالتالي سيسرع من إنشاء المشاريع الاستثمارية ونتغلب على البيروقراطية التي تساهم في تنفير المستثمر وليس جذبه.

ومن جهة أخرى وفيما يتعلق بترويج محافظة ظفار اقتصاديا، فثمة أسئلة تطرح ومنها من المسؤول عنه حاليا؟ هل الهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات أم المؤسسة العامة للمناطق الصناعية؟ وهنا مسألة يجب الوقوف عندها بحزم، فالكثير خارج السلطنة يكاد لا يعرفون عمّا تتمتع به المحافظة، ويقتصر معرفتهم على موسم الخريف فقط وهنا إشكالية كبيرة جدا فلا يمكن بدون ترويج أن نستقطب استثمارات أو يتغير الوضع أكثر مما هو عليه الآن أو أن ندفع بمحافظة ظفار قدمًا للمساهمة في تنويع الدخل بل سيجعلها تحت وطأة تشتت الجهود وغياب الترويج.

وفي نفس السياق فإنّ الاستثمارات ودخول رؤوس أموال للمحافظة سيعزز من فرص الاستفادة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة كون المنطقة تحتوي على العديد من الفرص وبالتالي فإنّ المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المحلية ستجد ضالتها في فرص حقيقيه في المنطقة.

عطفا على ما سبق فإنّ إنشاء الهيئة ووجود شركات عالمية تستثمر في المحافظة سيخلق العديد من فرص العمل لأبناء المحافظة، وستسهم في تخفيض نسب الباحثين عن عمل جنبا إلى جنب مع رفد مخرجات كليتي التقنية والعلوم التطبيقية بمخرجات مؤهلة ومدربة وقادرة على الانخراط في العمل بالمنطقة الاقتصادية وتكون هناك مواءمة بين متطلبات المنطقة والبرامج الأكاديمية المطروحة في الكليتين؛ ونتيجةً لذلك فإنّ المنطقة ستكون رافداَ مهما للتوظيف والتدريب أضف إلى ذلك فإنّ المسؤولية الاجتماعية للشركات المستثمرة ستلعب دورا مهما في التنمية الاجتماعية بالمحافظة إذا وجدت رقابة من الهيئة حتى تخصص جزءا من أرباحها لتبني مبادرات مجتمعية وتبني مشروعات خدمية للمحافظة.

وختاما إن محافظة ظفار مهيأة لتكون واحدة من أهم المناطق الاستثمارية ليس فقط على مستوى المحلي ولكن على مستوى العالم فقط نحتاج إلى توحيد الجهود ومنح صلاحيات ودور أكبر مما هو عليه الآن، كما أنّ المحافظة بكل ما تحتويه قادرة على النهوض وتحقيق طفرة كبيرة على مختلف الأصعدة.

تعليق عبر الفيس بوك