الباحثون عن الله والمتحدثون باسم الله


مروان المخلافي | اليمن
M773683702@gmail.com
مسافات متباعدة، وبون شاسع لا التقاء بينهما إطلاقاً وأبداً بين من نقصدهم في مقالنا بالباحثين عن الله في الجولات، وبين جماعة " بتوع ربنا " التي انبثق عنها مفهوم التدين الذي لا يتجاوز حدود الشكل، وممارسة ما زاد من فروض الصلاة والصيام على اعتبار الإسلام مختزل  بذلك الالتزام القاصر .
ولست في هذا السياق أحاول التبرير لقطاع الصلاة والتعظيم من شأنهم، أو الانتقاص ممن هم محافظون عليها، فقط نحاول أن نضع النقاط على الحروف من خلال تلك المشاهدات التي تمر علينا في خضم الحياة وعجينها اليومي .
كم أسأل نفسي - على تقصيري الكبير والكبير- لما يستكثر بعض المتدينين من توحي مظاهرهم بذلك  -  على الآخرين فعل الخير من بسطاء الناس وأغنيائهم على حد سواء بطرق لا يجيدها أمثال هؤلاء ولا يستسيغونها بالأصل،  وربما يشككون بها لانصرافهم نحو الصلاة والصيام في التزامهم، ويتحججون بتقصير هؤلاء  بنوافل العبادات، ومتخلفون متأخرون عن الجماعات، ويتشدقون - زوراً -  بأفضليتهم على هؤلاء بكثير صلاتهم وما فضل من صيامهم، وكأن مفاتيح الجنة قد حيزت بأيديهم، وتعتريك حيرة الدنيا وأنت تشاهد أمثال هؤلاء في ذهابهم للمساجد حجم الشدة والغلظة والإيغال في نصح الناس للذهاب للصلاة إن بكروا  قبلهم وكأنهم لوحدههم ملتزمون بالإسلام كل الإسلام المختزل في تصورهم له بهذه السلوكيات .
وبعض المصلين - أقول وأعني ما أقول للأسف الشديد- يستبيحون مكارم الاخلاق في تعاملهم مع المقصرين والمخالفين لتوجهاتهم ظناً منهم بأن تدينهم يجيز لهم تعاملهم مع هؤلاء - إن صح التعبير بأنهم مقصرون -  بكل غلظة وفظاظة للذي يعملوه من صلاة وصيام وكأنهم الأوصياء على مصائر الناس الذين هم كمثلهم يعتورهم القصور في بعض مناحي الحياة.
وحديثنا عن الباحثين عن الله في الجولات حديث شغفت به لممارسته من قبل رجل لم يكن بعقلية هؤلاء الذين ضيقوا أبواب الخير وهامشه الواسع  حين احتكروها لذواتهم بما يمارسوه من عبادات، وقدموا أنفسهم بأنهم من خيرة أبناء المجتمع ، وما علموا بأن الله المطلع على صلاح النفوس وطوياتها  ، وسمو القلوب وخباياها، وروعة الأرواح التي تشيع في العباد أجواء من السعاده الوجدانية تلامس شغاف قوم توهج خير هؤلاء في عقولهم وأرواحهم ووجدانهم .
وجولات الشوارع على الرغم من اكتظاظها بمن يلتحفون أرصفتها من المنقطعين والمجانين والباعة المتجولين للمناديل والمياه المعدنية ومستلزمات زينة السيارات ، وماسحي " فريمات" السيارت ، وتعد في نفس الوقت ركن يأوي إليه ممتهني الأعمال الحرة بالأجر اليومي من الشقاة ومعلمي الحرف ، مثل هذا المكان من بالله عليكم يمكن له أن يزوره ليصنع لنفسه معروفاً يرتجي منه الخلاص في يوم الزحام والنشور .
بقليل من التفكير لن تجد من له ارتياده لعمل الخير ، وأي خير في محله يمكن لإنسان أن يضعه في هذا المكان.
على عكس هذه التوقعات ألهم الله رجلاً دعاه وجدانه ودله بفطرته السليمة لأن يتحسس ضعف هؤلاء المكافحين الذين يبيتون بعض أيامهم ملتحفين سماء الجوع والعوز مع أولادهم وأسرهم ، ومستعدين في بعض الأحيان للعمل بنصف الأجرة سعياً منهم لتوفير حتياجات أسرهم ، وهروباٌ من الفراغ عاطلين بلا عمل . لكم شدني موقف لرجل توقف  بسيارته الحديثة في جولة 45 حيث يتجمع العمال في أحد شوارع العاصمة صنعاء ، وقال لهم من يشتغل ب 1000  ريال في اليوم ، مع أنّ أجرة العامل لا تقل عن ٣٠٠٠ ريال  بسبب  الظروف الصعبة وغلاء المعيشة، فكثيراً منهم اعترضوا ، لكن صعد معه 7 أشخاص فقط ، وتوقف بهم عند أحد التجار واشترى لكل واحد كيس دقيق وكيس سكر وكيس رز و دبة زيت  وزيت بلدي " 10000"  ريال لكل شخص.
مثل هذا الرجل فعلاً عرف كيف يوصل للمحتاجين شيئاً مما رزقه الله قد لا وافق هوى البعض من ابمتدينين ممن قد يرون  في ذلك ضرب من ضروب الابتداع في فعل الخير لعدم موافقته بما كان سول الله يصنعه مع الفقراء.. إنه رمضان أيها السادة قد يكون الواقف فيه عند الجولات يتحسس ضعاف الناس خير ممن هو معتكف بمائة ركعة في اليوم ويرى في هذا الإنسان عبد لم يستوعب جوهر الإسلام .

 

تعليق عبر الفيس بوك