المتحف الوطني يعيد تدشين قاعة التاريخ البحري

مسقط - العمانية

يقوم المتحفُ الوطنيُّ حاليا بالإعداد لتطوير مكونات قاعة التاريخ البحري بالمتحف، وسيُعاد تدشينها خلال العام الحالي؛ من خلال استحداث أقسام ومواضيع جديدة، أو التوسعة في بعض المواضيع القائمة حاليا.

وقال جمال بن حسن الموسوي مدير عام المتحف الوطني: إنَّ على رأس ذلك التجديد سيتم تأسيس ركن خاص للملاح العماني أحمد بن ماجد السعدي، وركن آخر للملاحة التقليدية؛ من خلال استعراض مجموعة من الخرائط الملاحية من القرن السادس عشر الميلادي فصاعدا، وهي من النوادر والكنوز التي اقتناها المتحف الوطني على مدى الأعوام الماضية، ولم تُعرض حتى الآن للجمهور وهي قيد الترميم حاليا.

وأوضح في حديث لإذاعة سلطنة عُمان بثته في البرنامج اليومي "كنوز من المتحف الوطني"، على القناة العامة، أنَّ قاعة التاريخ البحري التي تعدُّ إحدى قاعات العرض المتحفي الثابت الأربع عشرة الموجودة في المتحف، وجدت للتأكيد على أهمية وعراقة التاريخ البحري لعمان؛ فعلاقة الإنسان العماني بالبحر تمتد على مدى آلاف السنين، وأولى الدلالات والشواهد الأثرية على تلك العلاقة التي اكتشفت إلى الآن في موقع رأس الحمراء الأثري، تشير إلى 8 آلاف عام من هذه العلاقة، ومن ثمَّ إبان حضارة مجان وهي أول حضارة إنسانية بمفهوم الحضارة التي ظهرت على أرض عمان بالعصر البرونزي قبل 5 آلاف عام، حيث ظهرت صناعة السفن والمراكب العابرة للبحار، هذه المراكب كانت تربط حضارة مجان مع حضارة بلاد السند التي هي اليوم بين الهند وباكستان، وحضارة بلاد الرافدين، ومنطقة الخليج وأقصى الجزء الشمالي من القرن الإفريقي، وكانت هناك تجارة بحرية رائجة منذ ذلك العهد.

وأضاف الموسوي أنه وقبيل 5 آلاف عام نشأت أول علاقة موثقة بين عمان والصين، وما كانت لتتأسس لولا وجود الرابط البحري وأصبحت عمان لاحقا جزءًا من أطول خط ملاحي في العالم القديم الذي ربط الصين بأوروبا على امتداد 9700 كم، مشيرا إلى أنَّ عمان أسست أو ظهرت على أرضها موانئ تجارية رائجة في صحار التي كانت إحدى الحواضر في الفترات الإسلامية المبكرة التي ربطت الصين بالدولة الأموية، ثم العباسية أي ربطت الصين والهند مع الإمبراطوريات الإسلامية، ولاحقا قلهات المدينة التوأم لهرمز وانتعشت في الفترة من القرن الـ12 الميلادي إلى القرن 15 الميلادي، وكانت إحدى بوابات عمان، وهي اليوم موقع للتراث العالمي مسجلة من قبل منظمة اليونسكو، وإذا ما عدنا بالزمن إلى الوراء قليلا وإلى ظفار، وتحديدا إلى حضارة أرض اللبان؛ فتجارة اللبان أخذت مسارين على العموم: مسار بري وهذا كان له عدة مسارات عبر داخلية عمان وعبر الربع الخالي وعبر اليمن، ولكن هناك مسارات أخرى. ومسار بحري: استطاعت من خلاله عمان أن توصل سلعتها الثمينة إلى حضارات الهند ومصر الفرعونية والإمبراطورية البيزنطية عبر الشام وغيرها من حضارات العالم القديم عبر موانئ سمهرم، ومن ثم البليد التي كانت تسمى في السابق المنصورة أو الأحمدية أو القاهرة، ومن ثم ظهر دور مسقط كميناء عريق على خط التجارة الدولية وهو في الحقيقة ظهر في القرن 11 الميلادي، ولكن أصبح الميناء الرئيسي منذ القرن الـ17 الميلادي، وما زال إلى يومنا الحالي.

وأوضح مدير عام المتحف الوطني أن عُمان أسست إمبراطوريتين تجاريتين منذ القرن 17 الميلادي وهما في أساسها إمبراطوريتان بحريتان، أولاها ظهرت إبان عهد أئمة اليعاربة الذين استطاعوا أن يؤسسوا أسطولا متطورا جامعا بين السفن والمراكب التقليدية المتعارف عليها وتوظيف أفضل المراكب الأوروبية آنذاك؛ سواء من غنائم البرتغاليين أو من خلال احتكاكهم مع البريطانيين والهولنديين والفرنسيين، وعلى إثر الإمبراطورية الأولى تأسست الإمبراطورية الثانية إبان عهد السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي سلطان عمان وزنجبار وخلّد عهده من خلال عدة سفن أصبحت جزءا من ذاكرتنا الوطنية منها السفينة سلطانة التي أبحرت في رحلة شهيرة في العام 1839 إلى نيويورك لتوطيد العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين السلطنة والولايات المتحدة الأمريكية. ومن ثم قامت السفينة سلطانة برحلة مشهودة أخرى إلى المملكة المتحدة؛ حيث تم توثيقها في نقش مشهور في جريدة لندن المصورة، وهذه أول صحيفة ظهرت في العالم، ومن خلالها نعرف بعض الشيء عن ماهية وشكل هذا المركب الشهير، وكان الأسطول العماني في الإمبراطورية الثانية يتألف أكثر من 70 مركبًا من مختلف الأنماط والأصناف، وعلى رأسها السفن الأوروبية الطراز من بينها شاه علم وليفربول وكارولاين.

تعليق عبر الفيس بوك