◄ اتفاق على ضرورة وجود قيادة اقتصادية ومعايير قياس دقيقة
◄ العمل على تقليص الاعتماد على الأنشطة النفطية إلى 7% خلال السنوات المقبلة
◄ إطلاق مؤشر عُماني لقياس مستوى المعيشة
◄ أدهم آل سعيد لـ"الرؤية": المرونة وإنفاذ السلطة من أبرز ملامح القيادة الاقتصادية المطلوبة
◄ عبدالله السالمي: اعتماد سوق مسقط أداةً لتمويل المشاريع يُسرع التنشيط الاقتصادي
◄ البلوشي: الرؤية تستهدف تغيير البنية الاقتصادية تمهيدا للانطلاق إلى العالمية
◄ مسن: تفاؤل بتحقيق نقلة نوعية في التنمية التي تعود على الفرد أولا بشرط المتابعة
◄ المخيني: التكنولوجيا والطاقة المتجددة والحفاظ على البيئة بصدارة الأولويات
التطلعات الاقتصادية تضع السلطنة:
< ضمن أفضل 20 دولة على مستوى العالم في التنافسية والجودة التنظيمية
< رفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 6% سنويا
< من بين أفضل 10 دول في العالم بمؤشري الجاهزية لمستقبل الإنتاج والتطور الاقتصادي
< تضييق العجز أو الفائض في الميزانية إلى أقل مستوى ممكن
< من أفضل 5 دول في مؤشر جاهزية الشبكات
الرؤية - نجلاء عبدالعال
تصوير/ راشد الكندي
ناقشَ محورُ "الاقتصادِ والتنمية"، ضمن أعمال المؤتمر الوطني للرؤية المستقبلية "عمان 2040"، آليات وضع تصور شامل لتحول اقتصادي مستدام وفلسفة جديدة لتوفير فرص العمل، في ظلِّ ما حملته الوثيقة الأولية للرؤية من أهداف اقتصادية تبشِّر بالعديد من المستويات الطموحة، والتي تمَّ استعرضها خلال الحلقة الحوارية. وأدار الجلسة صاحب السمو السيد الدكتور أدهم بن تركي آل سعيد أستاذ مساعد في الاقتصاد بجامعة السلطان قابوس، وأشار إلى أن هذا المحور يضمُّ تقريبا جميع الأولويات الوطنية تأثيرا وتأثرا. وشارك في الجلسة سعادة الشيخ عبدالله بن سالم السالمي الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال رئيس لجنة الاقتصاد والتنمية برؤية عمان 2040، وسعادة الدكتور صالح بن سعيد مسن الكثيري رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية بمجلس الشورى عضو لجنة الاقتصاد والتنمية برؤية عمان 2040، والدكتور يوسف بن حمد البلوشي خبير اقتصادي بمكتب الرؤية عضو لجنة الاقتصاد والتنمية برؤية عمان 2040، وأحمد بن علي المخيني خبير واستشاري بالهيئة العامة لسوق المال عضو لجنة الاقتصاد والتنمية برؤية عمان 2040.
وقدم الدكتور يوسف البلوشي عرضا مرئيا استعرض خلاله المبادئ وسياق الإعداد للوثيقة الأولية للرؤية والوضع الراهن، ورؤية وتوجهات عمان، وأبرز مُمكِنات تحقيق الرؤية، موضحا أن الرؤية تشبه القاعدة والأساس التي تنطلق منها السياسات والتشريعات والهياكل، ومن ثم الخطط التنموية الخمسية، إضافة إلى الإستراتيجيات القطاعية، ثم الخطط التنفيذية. وأشار إلى أن الإعداد للرؤية استهدف مشاركة أوسع نطاق ممكن من أفراد وفئات المجتمع المختلفة، وقال: إنَّ العنوانَ الرئيسيَّ للرؤية هو أن تكون عُمان في مصاف الدول المتقدمة، بمجتمع إنسانه مبدع واقتصاد بنيته تنافسية ودولة أجهزتها مسؤولة.
وكشف المتحاورون عن العديد من الطموحات لاقتصاد عماني يسهم في تحقيق الشعار العام الذي وضعته له الرؤية 2040، وهو أن يكون اقتصادا بنيته تنافسية. وتضمنت الطموحات أن تدخل عُمان ضمن أفضل 20 دولة على مستوى العالم في مؤشري التنافسية العالمية والجودة التنظيمية ضمن مؤشرات الحوكمة العالمية، وأن يتحقق رفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 6% سنويا، مع الحفاظ على نسبة تضخم لا تتعدي 3% إلى 4%، وأن تصبح السلطنة ضمن أفضل 10 دول في العالم في مؤشري الجاهزية لمستقبل الإنتاج والتطور الاقتصادي، مع تضييق العجز أو الفائض في الميزانية إلى اقل مستوى ممكن، والحد من اللجوء للدين العام سواء خارجي أو محلي، وأن تصبح السلطنة من أفضل 5 دول في مؤشر جاهزية الشبكات، وأن تحول عجز الحساب الجاري من الناتج المحلي الإجمالي من 14.5% ليصبح فائضا بنسبة 1.5%.
سوق العمل
وفي جانب الطموح لسوق العمل، أبرزت الجلسة الحوارية السعي لرفع نسبة العمالة الوطنية الماهرة في القطاع الخاص من 58% إلى 83%، وأن يرتفع معدل إنتاجية العمالة من سالب 1.27% إلى ما بين 2% إلى 3% بحلول 2040، وأن ترتفع حصة القوى العاملة العمانية من إجمالي الوظائف المستحدثة في القطاع الخاص من أقل من 12% حاليا إلى 42% بحلول 2040.
وفي الضلع الثالث من أضلع مثلث الإنتاج، وضعت الرؤية طويلة المدى طموحات للقطاع الخاص؛ بحيث يقود اقتصادا تنافسيا ومندمج مع الاقتصاد العالمي، على أن يتحقق ذلك الطموح عبر التحسين المستمر لسهولة العمل التجاري لتصعد السلطنة في المؤشر العالمي من المرتبة 78 في العام الماضي إلى واحدة من أفضل 10 دول في هذا المؤشر على مستوى العالم، مع التقدم في مؤشر تركيز المنتجات الصادرة من المركز 168 في 2016 لتكون في مصاف أفضل 10 دول على مستوى العالم في هذا المؤشر، والصعود من المركز 105 في مؤشر تركيز الأسواق في 2016 إلى واحدة من أفضل 20 دولة في العالم، وأن ترتفع نسبة الاستثمار الخاص من الناتج المحلي الإجمالي العماني إلى 25% ونسبة الاستثمار الأجنبي المباشر من التدفقات المباشرة الناتج المحلي الإجمالي إلى 10%.
وأكدت الجلسة الحوارية أن هذه المؤشرات تقوم على أسس تنمية شاملة للمحافظات والتوزيع الجغرافي لمشاريع التنمية، بما يحقق الاستفادة من إمكانيات كل محافظة وفي نفس الوقت يعمل على تكاملها، وبحيث تتحقق أفضل استفادة مستدامة من الأراضي والموارد، مع اعتماد نظام اللامركزية ووضع نظام تسلسل هرمي للتجمعات السكانية، ومن المستهدف أن يبدأ كلا النظامين في العام 2022، مع اعتماد مؤشرات عمانية خاصة لقياس مستويات معيشة الأفراد؛ بحيث لا يكتفى باحتساب نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، والذي من المستهدف أن يجري مضاعفته بحلول 2040 مع تقلقل الفوارق بين أعلى وأقل المداخيل.
وفي جانب الاقتصاد والتنمية، أظهرت النقاشات أن الطموحات العمانية تتمثل في الوصول إلى قائمة أفضل 20 دولة في مؤشر الأداء البيئي عالميا صعودا من المرتبة 116 في العام 2018، وأن تصعد السلطنة إلى أحد المراكز العشر الأولى في مؤشر الناتج المحلي لكل وحدة واستخدام الطاقة صعودا من المركز 97 في العام 2014، مع طموح لرفع نسبة استهلاك الطاقة المتجددة من إجمالي الطاقة بالسلطنة لتصل إلى 39% من الإجمالي وهي حاليا نسبة لا تكاد تذكر.
وشهدتْ الجلسة توافقا في الرأي بين حضور الجلسة والمشاركين في الحوار، وكذلك المتابعين من الخارج، على أهمية أن تكون هناك قيادة اقتصادية تعمل على تحقيق هذه الطموحات. وفي هذا الشأن قال صاحب السمو السيد الدكتور أدهم آل سعيد في تصريح خاص لجريدة "الرُّؤية": إنَّ من الممكنات الرئيسية خاصة في الجانب الاقتصادي والتنمية عموما وكذلك الرؤية 2040، إيجاد قيادة اقتصادية ممكنة ونافذة وبشكل يحقق التجانس والتزامن بين السياسات والأهداف المطلوب تحقيقها للرؤية. وأضاف: "أما كيف ستكون، وما هي هيئة هذه القيادة الاقتصادية، فإن ذلك يرجع إلى مخرجات الإشراك المجتمعي في الصيغة النهائية للرؤية، وكذلك القرارات التي قد تنبع بعد الانتهاء من الصيغة النهائية". وأكد سموُّه أن ما هو واضح للجميع حاليا من خلال المسودة الحالية أنَّ هناك حاجة لهذه القيادة، وقال: إنها القيادة التي تكون في مقدمة تحقيق أهداف الرؤية 2040، مُستدركا بأن الجميع لا يزال ينتظر تفاصيل هذه القيادة لما بعد الانتهاء من الصيغة النهائية للرؤية.
وحول المتطلبات التي ينبغي توافرها في هذه القيادة، قال: إنَّ المرونة مطلوبة في كل الأحوال لمواكبة المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية... وغيرها من المتغيرات، وفي الوقت ذاته تكون سلطة نافذة، وهذا مُتضمَّن في مسودة الرؤية بشكل واضح وصريح. وتابع أنه من الضروري أن تكون هذه القيادة متمتعة بقيادات متجددة ترفدها بالفكر المبتكر والمستنير، وليست فقط مبنية على ما كان وما سبق، بل التعلم مما سبق، وكذلك استشراف المستقبل، مشيرا إلى أن المرونة مطلوبة ونفاذ السلطة مطلوب في نفس الوقت. وأكد سموه أنه في أية قيادة اقتصادية لابد أن تتجانس مع السياسات التنفيذية، وأن تكون لديها معرفة بمدخلات ومخرجات الرؤية والسياسات والخطط والتشريعات؛ باعتبار أنَّ ذلك دور تكاملي وليس مُنفردا، يُفرض على الجميع شكل أو آخر من السياسات، إنما هناك مؤسسات موجودة لكن في حاجة إلى تنسيق والقرار الاقتصادي والتأثيرات المتوقعة كذلك بما يتناسب مع الرؤية نفسها. وحول كون القيادة ستكون مركزية أو لا مركزية، أوضح سموه أنه بحسب المسودة الأولية للرؤية 2040 فإنَّ اللامركزية ستكون موجودة في المحافظات، لكن ما هي السلطة الملقاة على عاتق هذه اللامركزية وآليات التمكين لها، فإن هذا يأتي تباعا.
وخلال الأسئلة التي وردت عبر تطبيق الرؤية 2040، وعبر وسائل التواصل، وطرحها صاحب السمو على المشاركين في الجلسة، ناقشت الجلسة التوقعات الخاصة بسوق المال وآليات الاستفادة منه، وحول ذلك أوضح سعادة الشيخ عبدالله السالمي أن سوق المال أصبح مؤهلا ليتم اعتماده كأداة لتمويل المشاريع، عبر تأسيس شركات بمساهمة عامة مباشرة وبما يسرع من إيقاع التطور الاقتصادي، ويساعد في نفس الوقت على تحقيق أهداف مثل جذب الاستثمارات المحلية والخارجية، وكذلك مشاركة وتمكين القطاع الخاص. وأكد سعادته أهمية العمل عبر تغيير فلسفة التعليم على إتاحة الفرص لمهارات العمانيين للتعلم، ومواكبة التطورات التقنية التي ربما لم تعد المناهج التعليمية -سواء في السلطنة أو خارجها- قادرة على مجاراة السرعة التي تتطور بها.
تغيير البنية الاقتصادية
من جانبه، قال يوسف البلوشي ردًّا على أحد الأسئلة: إنَّ الرؤية لا تنظر إلى بعض التفاصيل الصغيرة في الاقتصاد، بل تتطلع لتغيير بنية الاقتصاد العماني ككل، ونقله إلى مرحلة جديدة، بعد أن استطاع بنجاح إكمال مرحلة وضع البنية الأساسية المطلوبة للتنمية؛ ليدخل بعد ذلك مرحلة تستهدف تحقيق الاستفادة المثلى من هذه البُنى الأساسية والانطلاق إلى المكانة المتميزة في الاقتصاد العالمي، بما يواكب تطوره، ويضمن توفير فرص عمل مستدامة لأبناء عمان مع الاستفادة من الخبرات العالمية ونقلها لهم.
وأعرب سعادة الدكتور صالح مسن عن تفاؤله بتحقيق هذه الرؤية بطموحاتها العالية، التي ليست مستحيلة على أبناء عمان، لكنه أكد أن تفاؤله مشروط بوجود القيادة الاقتصادية ومعايير المتابعة والمرونة في التعاطي مع المتغيرات. وأشار سعادته إلى أنَّ مسألة تحديد قطاعات معينة يعتد عليها في الوصول إلى التنويع الاقتصادي والتي اعتمدتها الخطة الخمسية 2016-2020 ستكون مختلفة في الخطة الخمسية العاشرة، والتي يتطلب تنفيذ الرؤية 2040 أن تكون أكثر انفتاحا، تاركة للقطاع الخاص والسوق العماني والظروف والتطورات والمتغيرات الاقتصادية العالمية والمحلية تحديد القطاعات التي ستُفرزها الظروف، ويعتمد عليها في التنويع الاقتصادي.
أمَّا أحمد المخيني، فأكد أهمية اعتماد التكنولوجيا كمكوِّن ومَمْكَن رئيسي في العديد من المجالات؛ بدءا من فرص العمل، وصولا لتحسين الاستفادة من الموارد وحتى طرق البناء والمدن الذكية... وغيرها، وهو ما يستوجب اعتماد خطط جديدة في التعليم والبحث العلمي وغيرهما؛ بما يوفر الفرصة للإنسان العماني ليكون مُبدعا ومُبتكرا، وأن يعمل في الفرص العديدة التي تتوافر في هذا المجال. كما شدد على الأهمية التي أولتها الرؤية وإستراتيجياتها وأهدافها للطاقة المتجددة، والحفاظ على البيئة كأولويات تدخل في الخطط المستقبلية شأنها شأن كل الموروثات التي نحافظ عليها من أجل الأجيال القادمة.
