أثر الفراشة تحاور الشاعر اللبناني وديع سعادة


سمر لاشين | القاهرة
•    أعتقد أن قارئ الشِعر ينقرض وأن الفجوة بينه وبين الشِعر تتعمّق أكثر وبات من الصعوبة سدّها.
 
•    على الشاعر أينما كان أن يبقى الناقد لكل ما يجب نقده وأن لا يخضع لسلطة ولا لإغراء.

•    الهامش هو المتن أيضًا، والقضايا الصغيرة للإنسان هي القضايا الكونيّة الكبرى، فالإنسان عبارة عن قضايا صغيرة.

•    التابو هو الصنم الأول الذي يجب تحطيمه في الشِعر.

•    لا أعتقد أن الشِعر يمكنه أن يُغير شيئًا في هذا العالم، لكن أهم مافيه هو وهم التغيير. فبغير هذا الوهم يصير العالم أكثر بؤسًا وألمًا.


** دعه يكتب دع الأثر يدلّنا عليه!

هذا هو شعار " مبادرة أثر الفراشة" التي أطلقها مجموعة شباب " أدباء وشعراء " من مختلف الوطن العربي. وهى حركة ثقافية تسعى إلى ربط علاقات شِعرية أدبية ما بين الداخل والخارج، ما بين المرئي والخفيّ، ما بين الجوهريّ والحسيّ. تعتبر المسافة من اقترافات الخرائط، وقد جاء الأدب ليصحّح تلك الأخطاء الافتراضية، فما الحدود سوى سقطة جغرافية، على العالم أن يعيد النظر فيها.
غاية المبادرة هي التطلع إلى إيصال الصوت الشِعري والأدبي إلى أبعد نقطة بداخل العقل العربي، لتنتقل بعدها إلى الآخر الذي لا يملك الكثير من المعلومات عن الرصيد الأدبي العربي. فالمبادرة ليست مشروعًا أدبيًا فحسب؛ بل هي مشروع إنسانيّ بالدرجة الأولى، جاء ليغيّر من مخطط العجز ويضع خطة بديلة اسمها التحدي وتغيير المسار. أثر الفراشة معبر أدبيّ يربط بين ضفاف الثقافات، هي الإشارة داخل حركة النص التنويري. ويأمل هؤلاء الشباب أن يتركوا الأثر بهذه المبادرة، وأن يجدوا من يحمل عنهم تبعات المشعل بلهيبه وحرائقه فيما بعد، فالعمل الجاد لا ترى أثره الآن ولن تتوقع قطف ثمار الأحلام من أول عملية زرع في أرض الفكر.

وهناك العديد من النشاطات التي يقوم بها أعضاء المبادرة لتعريف الجمهور العربي بالكاتب، منها عمل حوارات صحفية مع الكتّاب والشعراء أو بث مباشر معهم ثم توثيق كل ما يقومون به. ومن أهم تلك الحوارات، حوار مع الشاعر اللبناني وديع سعادة، صاحب التجربة الشعرية المتميزة، والمتفردة، والحاصل على جائزة "الأركانة" العالمية للشعر هذا العام. وتم اجراء الحوار مع الشاعر وديع سعادة عن طريق فريق المبادرة، وكإضافة نوعية لهذا الحوار تم استقبال مداخلات كتّاب وشعراء ونقّاد من مختلف الوطن العربي.


نص الحوار:

الدهشة ستكون رفيقتك وأنت تقرأ له، ستقول لنفسك: أي شاعر هذا، أي رجل هذا، وأي إنسان.. كيف استطاع أن يكتب لنا أخوة المساء، ويصف المياه بالمياه، كيف لهذا الرجل القاعد في الهواء المستعمَل أن يفكر في الحيوانات، وأن يترك لنا مقعداً لراكبٍ مغادر، وأن يصف لنا الغبار ورتق الهواء ونص الغياب. في محاولة وصل ضفتين بصوت، وفي تركيبٍ آخر لحياة وديع سعادة، يقول لنا:
قل للعابر أن يعود، فقد نسي هنا ظله، ثم يتساءل: من أخذ النظرة التي تركتها أمام الباب!
كيف لنا أن نرى هذه التساؤلات في عناوين بارقة لدواوين عظيمة تلك العناوين هي بحد ذاتها قصائد، كل ذلك بسبب غيمة على الأرجح، غيمةٍ اسمها: وديع سعادة.

اثنا عشر ديوانا اثنا عشر عنواناً، اثنا عشر انبهاراً و اثنتا عشرة حكايةٍ ودهشةٍ... أستاذ وديع سعادة: مرحباً بك معنا في مبادرة أثر الفراشة واسمح لي أن أنقل لك فخرنا عضواً عضواً في المبادرة لأجل هذه الاستضافة منك لنا وليس العكس يرحب بك:
-    أحمد عيسى من فلسطين
-    سمر لاشين من مصر
-    عنفوان فؤاد من الجزائر
-    فايز العباس من سوريا
-    ريتا الحكيم من سوريا
-    حسن قنطار من سوريا
-    سمر معتوق من سوريا
-    بسمة العبيد من العراق
-    غفران طحان من سوريا


•    أستاذ وديع، من أين أتت شاعرية وديع سعادة، متى رأيت أنك يجب أن تكتب، ولماذا الكتابة بالذات، وليس أي شكل آخر من أشكال التعبير عن الذات؟ وعندما بدأت الكتابة أين رأيت نفسك، وهل حققت اليوم ما طمحت إليه؟

وديع سعادة:
-    لا يمكن أي شاعر أن يعرف بدقة من أين أتت شاعريته. الشاعرية هي ابنة أمور كثيرة مرئية وغير مرئية، وابنة تجارب وأمور أخرى لا يمكن تحديدها... كذلك لا يمكن تحديد السبب بدقة لاختيار الكاتب الكتابة، والرسام الرسم، والسينمائي السينما وما إلى ذلك... أما تحقيق الطموح لهذا الكاتب أو ذاك فإن الطريق طويل جدًا ومهما مشى الكاتب لا يصل إلى نهاية الطريق.

•    هل للبيئة والنشأة الأولى تأثيرات في تكوينك الأدبي والثقافي أرجو أن تقدم إضاءة على ذلك؟

وديع سعادة:
-    بالتأكيد البيئة والنشأة لهما تأثير على تكويني الأدبي إضافة بالتأكيد إلى كل التجارب الحياتية التي مررت بها.

•    عشت غربة حقيقة عن بلدك (لبنان)، وعن العالم العربي عامة، إضافة إلى غربة المثقف الذي يسعى إلى خلق عالم لا يجد له وجودًا حقيقيًا، ما هو أثر الغربتين في تجربتك الشعرية؟

وديع سعادة:
-    أعتقد أن كل شاعر يعيش غربتين في الوقت نفسه، غربة جغرافية وغربة داخلية. ولا مكان يمكنه أن يقول عنه هذا هو مكاني الحقيقي.

**مداخلة الشاعر مفتاح العلواني/ ليبيا:

نبارك لك أولاً نيلك لجائزة الأركانة العالمية للشعر لهذه السنة، حيث نعتبرك رائداً من رواد قصيدة النثر الذين فتحوها على آفاق أوسع وأرحب طيلة نصف قرن من الإبداع... سيدي الفاضل.. الشعر توأمة قاسية أحياناً بين الأوجاع والأحلام، وربما كان إشعالاً للذاكرة بلهب القصيدة.. ناهيك عن قدرة الشعر على سد الكثير من الفجوات الروحية لدى القارئ المتعمق.
السؤال: هل ترى سيدي الكريم أن الشعر قادر دائماً على إحداث تغيير في هذا العالم الفوضوي بشكل ملموس؟ أم هو مجرد براح نهرع إليه بخيالنا هروباً من واقع مؤسف؟ وهل على الشاعر أن يراعي دائماً أن تكون نصوصه صالحةً لأي لحظة زمنية مستقبلية؟ أم أن القصيدة تموت بموت شاعرها؟

وديع سعادة:
يا صديقي، لا أعتقد أن الشِعر يمكنه أن يُغير شيئًا في هذا العالم، لكن أهم مافيه هو وهم التغيير. فبغير هذا الوهم يصير العالم أكثر بؤسًا وألمًا. والشِعر الحقيقي ياصديقي هو الشِعر الصالح لأية لحظة، سواء كانت لحظة حاضرة أومستقبلية على السواء.

•    لك فلسفتك التي تحمل بها معاني للوطن، كيف نستطيع أن نقرأ الوطن في شعرك؟

وديع سعادة:
-    الوطن ليس مساحة جغرافية فحسب، وليس هو من تحمل هويّته أو تعيش فيه فحسب، وطني أنا هو في داخلي. لغتي هي وطني ووطني هو لغتي.

•    ينشغل نصك على الدوام بقضية الإنسان وعذاباته ومعاناته، في وقت أكّد فيه الكثيرون انحسار وتراجع القضايا الكونية الكبرى، يبدو لي (كقارئ لنصّك) أنك جعلت قضية الإنسان هي القضية الكونية الأكبر. لأي درجة تتفق معي في هذه الرؤية؟ وهل ترى بالفعل أن فكرة تراجع القضايا الكونية الكبرى تبدو خيارًا مناسبًا للشِعر الراهن؟

وديع سعادة:
-    الإنسان بتفاصيله الصغيرة هو القضية الكونية الكبرى، لا قضية كبرى سوى هذا الإنسان.

مداخلة الشاعر أسامة حداد/ مصر:

منذ ديوانك الأول ليس للمساء أخوة والذي كتبته بخط يدك ووزعته على أصدقائك وأنت تواصل تجربتك المتسعة وتقدم اقتراحات متعددة لكتابة القصيدة من خلال أشكال متنوعة تشكل في مجملها نصًا إنسانيًا متعددًا ومنفتحًا. وفوزك بجائزة الأركانة لا يخصك وحدك بقدر ما يخص قصيدة النثر ومواجهة الانتقادات والحروب التي طالتها وها أنت الآن تنتصر لما أخلصت له.
- أود أن أسألك عن مستقبل القصيدة ودورها في تشكيل الوعيين الجمالي والمعرفي؟
- وهل نعاني من سيولة في إنتاج النص؟

وديع سعادة:     
لا بدّ أن يكون للشعر دورٌ في تشكيل الوعيين الجمالي، والمعرفي... فمن دون الشِعر سيبقى الوعي الجمالي والمعرفي ناقصًا... ولا بأس ياصديقي أن تكون هناك سيولة شعريّة، فالشِعر مهما كان يحمل جمالاً ما.


•    في شِعركَ تتجلى إشارات للوجود والعدم؛ فهل هذا بسبب الفَقد الذي نالَ منك في كل مراحل حياتك؟

وديع سعادة:
-    مسألة الوجود والعدم ليست بسبب الفقد وحده بل أيضًا بسبب كل ما يجري على هذه الأرض من شرور ومن أمور أخرى كثيرة.

•    ماهي - حسب رأيك - الحدود الفاصلة بين القصيدة وبقية الفنون السردية؟

وديع سعادة:
-    باتت القصيدة اليوم أو يجب عليها أن تحمل كل الفنون السردية بحيث تلغي الحدود بين الأنماط الأدبية المختلفة.

•    إلى أي حد ترى حاجة القصيدة لوجود حبكة درامية، خاصة أنك في نصوصك تلجأ إلى الدرامية؟

وديع سعادة:
-    الحبكة الدرامية في الشِعر هي جزء من أجزاء أخرى تؤلّف جسد القصيدة وروحها.

مداخلة الناقد والشاعر مراد ساسي/ تونس:    

وديع سعادة: " شاعر يتنفّس الشِعر بصوفية العاشق ورؤيا الحكيم بوذا وحيرة ريلكه"
مراد ساسي – تونس

ينهض العالم الشعري عند وديع سعادة في المزج الباذخ بين متواليات الجمال الفني والطبيعي فينهل كنسّاج خبير من عوالم السرد الفني أو المصفى النثري، الذي تحيكه سحرية نثريات الشعر والقص والرواية والحكاية الشعبية. وهذا الزخم والثراء يتوسل فيه بقواميس الطبيعة ومفردات الكائنات والوعي بما حوله، لأن رؤيته لكل ذلك عميقة بكونها المنتج الذي يمدّ البنية الشعرية بعوامل التأسيس والهندسة لهذا المعمار الشعري، من أجل أن يقوم البناء المتخيل للقصيدة، إلى جانب استعمال الرموز والعناصر التي تضفي الدلالة والصفة السيميائية على البنية الشعرية بما يمنحه لحظة استظفار شعري متوهجة ومخصبة لحكمته الشاعرية خاصة في استنطاقه العجيب لشاعرية الأشياء التي تشبه إلى حد ما تجربة " روني شار" في الذوبان في تفاصيل الوجود والحياة والكون والإنسان.

لذلك أقول أن هذا الشاعر يؤتي ما لا يؤتى (تمامًا كالحكيم بوذا) في حفر ضلوع قصيدة النّثر ليكتبها بمسمار الأبدية بيد الآلهة خلقًا عجيبًا ونافثا لزجاج الكون في صدرها (كالدراويش في رقصها للعروج إلى السموات الرحيبة – ففيه رفة روح شيخ العاشقين ابن الفارض)، وحيرة ريلكه حيث نصر القصيدة النثرية الحداثية، ويثبت أنها البديل الحيوي الجمالي القادر على التشكل في اللون والفن واللغة والخلق والابتكار -لأن الشِعر لغة داخل اللغة-
فلنصوص وديع سعادة طعم صوفي متمرد بمذاق خاص، حامض الشوق ولكنه فريد النكهة، فهو نساج خبير في نسج ومزج النص الشعري بنصوص جمالية مختلفة آتية من عوالم السرد الفني أو المصفى النثري، الذي تخلفه نثريات الشعر والرواية والقصص والحكايا الشعرية،والمحكي الشعبي البدوي والتي تتكئ على قواميس الطبيعة والكائنات والبعد الفطن للحكمة الشاعرية النائمة في تفاصيل الكون والوجود والحياة.

لقد أتقن المزج بين الجماليات الفنية في هذا الفن كخالق "إيتوبيا" صانع عوالم جمعت بين خيال فياض مجنح وبين مجاز مدهش ومربك ولغة صافية يتنفسها بسلطان قدرته على جعلها جسدًا متحركًا يلغي بها الثبات نحو خلخلة مخيلة المتلقي، إلى جانب الصور المشهدية التي تجعل كل شيء متحرك كمشهد حقيقي يأسرك بسر لا يقاوم. وهنا يجيب على هيغل حين قال "ماذا يفعل الشِعر في هذا الزمن الطافي؟"

-    فهل اللحظة الشعرية عند وديع سعادة وعد يمكن الإمساك به؟ ناهيك أن الشاعر لحظة الولادة هي لحظة الميلاد العظيمة، حين يدفع بالقصيدة هل يلقي بحتفه؟؟

وديع سعادة:
نعم، القصيدة وعدٌ بعالمٍ أفضل لكنّ تحقيق هذا الوعد هو وهم، لكنه وهمٌ جميل. ولحظة ولادة القصيدة هي لحظة خلاصٍ ذاتي لحظويّ. وبعد ذلك لا يبقى سوى التشبث بهذا الوهم.

•    هل تتقاطع فلسفتك الشِّعرية مع فلسفتك الحياتية؟ وما هي النقاط التي تتقاطع فيها؟

وديع سعادة:
-    لا فاصل بين فلسفة الشاعر الشِعرية وفلسفته الحياتية، لا انفصام بين الاثنين على الإطلاق.

•    ماهو الحامل الأهم للشعر، خاصة بعد طغيان قصيدة النثر؟

وديع سعادة:
-    قصيدة النثر أنا أسمّيها النص الشِعري الحديث، ليست هي آخر المطاف في الكتابة الشعرية. فالتاريخ عليه أن لا يتجمّد في مكان بل أن يبقى متحركًا ومتطورًا.


مداخلة الناقد والشاعر علي سرمد/ العراق:

بدأ اهتمامي بقراءة شِعر وديع سعادة منذ أن بدأت بقراءتي الشعر المنفتح على العالم والذي يصوغ شعريّته خارج المراكز والمتعاليات، ويتجه عمقا نحو سؤال الوجود المختلف ذلك السؤال الذي يبني عالما أفقيا سِمته التواطؤ والذي ينفتح بدوره على الأسئلة لا الأجوبة. بصفتي قارئا وباحثا أرى أن هذا الفعل يتجسد بكتاباتك الشعرية بقوّة لا سيما في الدواوين الآتية: "قل للعابر أن يعود نسي هنا ظله" "ريش في الريح" و"محاولة وصل ضفتين بصوت"
-    ما مدى عمق الشعر في تجسيد تجربة الوجود المتدلي على ظهر فراشة عمياء؟ أو كيف تصل الوجود المنفتح على الآخر المختلف شعرا؟

وديع سعادة:
أعتقد أن الشِعر هو سؤال الوجود المختلف، الشِعر هو وهم خلق وجود مختلف وهكذا. هو كما تقول " تجسيد تجربة الوجود المتدلي على ظهر فراشة عمياء "

•    في نصك تشتبك عناصر التشكيل والإيقاع، كما تبدو لغة السينما حاضرة بقوة، إضافة لشعرية لها قانونها المختلف، كيف ترى التأثيرات المتبادلة بين الشعر وغيره من الفنون؟

وديع سعادة:
-    باتت القصيدة اليوم أو يجب عليها أن تحمل كل الفنون السردية بحيث تلغي الحدود بين الأنماط الأدبية المختلفة.

•    لست ممن صنعوا صدامات حادة مع السلطة، بقدر ما صنعت صدامات جمالية خلاقة لوجه الشعر، وإعلاء لسلطة النص (إذا جاز هذا التعبير)، من وجهة نظرك، ما هي المسافة المناسبة بين الشاعر والشعر من جانب والسلطة سواء أكانت سياسية أو اجتماعية أو دينية من جانب آخر؟

وديع سعادة:
-    على الشاعر والمثقف عمومًا أن يكون الرقيب الأول والناقد الأول للسلطة وحين لا يكون كذلك تنتفي قيمة شِعره وقيمة ثقافته.

مداخلة الشاعر والمترجم محمد عيد إبراهيم/ مصر:

أهم ما يميز شِعر وديع سعادة هو سَرده الشفاف كروح لا رابط لها يأخذك إلى عوالم مستجِدة لم نعهدها في الشِعر من قبل. شِعرية على الهامش تملك عليك نفسك،فتهيم بها أو معها إلى فضاء آخر موازٍ لِمَا نحياه وإن كان واقعيًا، لكنها واقعية أخرى، واقعية لغة هائمة لا مستقرَ لها.  لغة تحمل كائنات نحيلة في مشاهد نحيلة، لكأنّه يُطابق أو يتناص مع كائنات جيكومتي كأنّه يقول: في دمهِ طوفان  يبحث في عروقه عن خشبٍ كي يبني سفينة.
-    لقد تعب الكثيرون في تحديد مصطلح قصيدة النثرمنذ الآحاد في الخمسينيات والعشرات في الستينياتحتى استوى بعدها شكلاً معروفًا يتقدّم جيل جميل في نصوص صارت مختلفة تمامًا عمّا سبق.  فلم تعد "سوزان برنار" هي الهادي في هذه المسألة بل صارت هناك محاولات مختلفة في كتابة قصيدة النثر وتتطور هنا وهناك من قصيدة الحاكية، قصيدة السرد، قصيدة السيناريو، قصيدة... كل الأنواع الأدبية يمكنها أن تدخل في قصيدة النثر الآن.. فأنا لديّ اعتراض على محاولة حذف هذا المصطلح وإحلال شيء آخر بديلة؛ لأنّ الكثيرون تعبوا حتى استقرّ في وعي الناس وعلينا الإبداع من خلاله... أبدع ما يحق لك أن تكون أو تكتب ولكن ضمن هذا المصطلح الذي يسع جميع أنواع الأدب في داخله.
-    
-    هذا هو سؤالي للأستاذ وديع الذي يحاول أن يُغيّر من مفهوم هذا المصطلح مع أنّه قد يشمل كل ما هو يريد أن يتبناه.

وديع سعادة:
الهامش هو المتن أيضًا، والقضايا الصغيرة للإنسان هي القضايا الكونيّة الكبرى، فالإنسان عبارة عن قضايا صغيرة. أما قصيدة النثر فأنا أسمّيها " النص الشعري الحديث " لأنها لم تعد مجرد قصيدة، بل باتت نصًا يحمل الشِعر، والفلسفة، وكل الأنواع الأدبية الأخرى، ولم يعد يصح حصرها في كلمة قصيدة نثر.

•    لأية درجة تشغلك فكرة تحطيم التابو؟

وديع سعادة:
-    التابو هو الصنم الأول الذي يجب تحطيمه في الشِعر.

 

 

 مداخلة الناقدة والشاعرة عبير يحيى/ سوريا:

شاعرنا الكبير وديع سعادة يسرني جدًا أن ألتقي بأبرز روّاد قصيدة النثر الأوائل والذين كان لهم السبق في إنتاج قصيدة النثر. فهي في الغرب أصلاً وفي الأدب العربي وليدة أبوين أصيلين هما الشعر والنثر؛ وليست لقيطة كما يتهمها البعض.

سؤالي: هل ترى أن قصيدة النثر العربية قد تفوقت على قصيدة النثر الغربية؟ وإن لا، فلماذا؟

وديع سعادة:
ليس في الشِعرِ يا صديقتي من يتفوّق على آخر " الغرب أو الشّرق "، فبقدر ما نغوص في العمقِ الإنساني بالقدر نفسِه نعلو. ثمّة شِعر غربي غاص في العمق، وثمّة شِعر عربي غاص في العمقِ أيضًا.

•    كثيرًا ما نلحظ في نصك حوارًا شفيفًا بين الذاتي والعام، قد يتنامى بحيث يبدو اشتباكًا لا نتبين معه ما هو ذاتي مما هو عام، أرجو أن تضيء هذا الملمح؟


وديع سعادة:
-    الذاتي في شعري هو العام أيضًا، والعام هو الذاتي، فحين أتحدث عن نفسي أكون أتحدث عن الآخر كذلك، وحين أتحدث عن الآخر أكون أتحدث عن نفسي.

مداخلة الشاعر سراج الدين الورفلي/ ليبيا:

من يبدأ قصيدته بـ( الحكاية أن لا حكاية) يجعل العالم يفرك يديه ليستمع إلى اللاحكاية. من يقول ( أنا بلا اسم.. كي أكون كل الأسماء ) عليه أن يكون له اسم واحد لانهائي الشاعر الذي يطقطق عظام الغربة، ويصنع المسافات لأصدقائه الذين شاخوا يكون اتجاهه هو كل الاتجاهات. الشاعر والفيلسوف وديع سعادة مربكٌ حقاً فالصور الشِعريه لديه كثيفة ومتتالية لاشفقة فيها ولارحمة، وكأنها تندلق من رحم خارج بعدي الوجود والعدم .. إنه يحمل الغربة الشاسعة المسيّجة بالوعي الحاد فوق كتفيه ويمضي بها ناحية البعيد، البعيد جداً.. وكأنه يستمتع برفقة ظله، راميًاالوصول من الخطوة الأولى خلف ظهره، ولا أعرف أي سؤال سأوجهه إلى السؤال! فمن يتقن فن المحو والتمزيق وحده الجدير (بالسباحة في بحر يغرق).


وديع سعادة:
لا حكايةَ يا صديقي ولا اسم، فالإنسان هو كل الحكايات وكل الأسماء، وفي الوقت ذاته لا اسم له ولا حكاية. وعلى الشِعرِ، نعم، أن يوسّع المسافات. لكن مهما فعل سيبقى الإنسان في غربة.

-    تعدّدت الأدوار التي لعبها الشعر والشاعر في تاريخنا العربي، كيف ترى دور الشاعر والشعر في عالم اليوم؟

وديع سعادة:
-    على الشاعر أينما كان أن يبقى الناقد لكل ما يجب نقده وأن لا يخضع لسلطة ولا لإغراء.

مداخلة الشاعر محمد الجبوري/ سوريا:

تحياتي لكم ولضيفكم الكبير الشاعر وديع سعادة؛ بصراحة عندما يأتي ذكر الشاعر وديع سعادة فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا من أسئلة أو مداخلات محتملة تكون حول قصيدة النثر أو النص الشعري الحديث كما يحبّ هو تسميته.

-    أستاذ وديع هل يمكن تأطير قصيدة النثر والقياس عليها؟ يعني مثلا الشعر يقاس بالشِعر، القصيدة تقاس بالقصيدة، فالشِعر له نضجه الخاص، له أدواته الخاصة، الرواية كذلك، القصة القصيرة كذلك...
-    هل يندرج هذا وينطبق على قصيدة النثر؟
-    أيضا هل يمكن الوثوق بالتجربة الفكرية التي أنتجت النص النثري..  نحن أقحمنا مصطلح قياسي ألا وهو الشِعر بالنثر الغير مؤطر فهل يمكن الوثوق بالتجربة الفكرية التي أنتجت ذلك؟
-    أيضا سؤالي الأخير: بماذا يختلف النص النثري الشِعري عن النص النثري الأقل شعرية؟

وديع سعادة:
النص الشِعري الحديث يتسّع لكل الأنواع الأدبية، ويمحو الحدود بينها، هذا إذا كان نصًا غائرًا في الأعماقِ، وحاملاً المميّز والمختلف، وكاشفًا للجديد. وفي النهاية ليس المهم التسميات، بل المهم هو النص.


•    لأي شيء ترجع الفجوة الحادثة منذ زمن بين الشعر والمتلقي؟ كيف يمكن إزالة هذه الفجوة بين الشعر والمتلقي أو على الأقل التخفيف من حدتها؟


وديع سعادة:     
-    أعتقد أن قارئ الشِعر ينقرض وأن الفجوة بينه وبين الشِعر تتعمّق أكثر وبات من الصعوبة سدّها.

•    ما رأيك بتصنيف الأدب، نسوي و ذكوري؟ و هل في شريعة الأدب يصِح هذا الفصل؟

وديع سعادة:
-    الأدب النسويّ والأدب الذكوريّ، هذه تسمية متخلّفة لمجتمع متخلّف. الأدب أدب لا نسويّ ولا ذكوريّ، بل أدب إنساني سواء كتبه ذكر أو أنثى.

•    النقد، ماذا قدم للشاعر والشِعر وللقارئ أيضا؟ وما الذي يفترض أن يشتغل عليه النقد الجديد؟


وديع سعادة:
-    أعتقد أن الشِعر سبق النقد في العالم العربي وعلى هذا النقد أن يعتمد مفاهيم مغايرة للمفاهيم التقليدية لأنه يتناول بنقده شعرًا مغايرًا.

•    (الأدب الجيد يفرِض نفسه) إلى أي مدى يمكن أن تنقذ هذه العبارة القارئ والأديب بذات الوقت مِن الغُبن، في ظل الثورة المعلوماتية ووسائل التواصل التي لا تقيّدها شروط..؟وهل هذا كاف بالنسبة لجيل من الكتاب والشعراء يحاول أن يثبت نفسه من خلال فضاء افتراضي حر لم يوفره له الواقع الذي تسيطر عليه مؤسسات ثقافية فاسدة تقتل المواهب.

وديع سعادة:
-    أعتقد نعم أن الأدب الجيّد يفرض نفسه ولو بعد حين، ولا أظن أنه سيكون هناك أي غُبنٍ لأدبٍ جيّد، لا بالنسبة إلى الأديب ولا بالنسبة إلى القارئ.
-    لا الثورة المعلوماتية ليست كافية لكي يُثبت الأديب نفسه، فللأدب شروط أخرى غير مدى انتشاره.

•    ترجمة الشِعر، لأية درجة تفيد الشاعر والشِعر؟

وديع سعادة:
-    ترجمة الشِعر تجعل الشاعر متعدّد اللغات وتبني جسرًا بينه وبين قارئه في لغات أخرى.

•    قصيدة النثر تحتل اليوم مكانة رفيعة رغم بعض المعارضين لها، إنها تحمل في طياتها رسائل متعددة للقرَّاء، بعيدا عن الوزن والقافية؛ فهل برأيك هي أقرب إلى مستوى فهم القارئ حيث أنه يجد نفسه فيها؟

وديع سعادة:
-    قصيدة النثر عليها أن تقترب من القارئ بقدر ما على القارئ أن يقترب منها أيضًا.

مداخلة الشاعر محمد حربي/ مصر:

ظل وديع سعادة.. نظرة لم تعد نائمة/ محمد حربي

***
هو ملحد وأنا مؤمن؛ لكن ظلا نجح في تجسير الهوّة بيننا فصعدنا جبلا واحدا نغني للإنسان هو المعلم وأنا الدرويش  يطوف حول ظلٍ (كان نظرة نائمة) حسبما قال القطب وديع سعادة ذات يوم، فأغراني العنوان بالصمت، والصمت بالكتابة، وشرعت أفك تلك النظرة النائمة، وأتخيل وأقلب الصور على ظلالها، وأشوي القصائد في الشمس المستباحة، وعيني دائما على مساء بلا أخوة، أو غبار يرتق الهواء مع الشاعر الذي علم القصيدة أن ترقص معه حافية وعارية في حقل فسيح،أو ظلال لصور تتقافز وحدها كدجاجات أمي، وغزلان ضيعة لم أرها إلا تصاوير في قصائده.

هل كنت ظلا لظل وديع؟
كلا لم أكن، وأظنني لن أكون.. فالقطب الحقيقي في الطريقة  ينشد حريتك وتوقك الطوعي للطواف  لتعرف السر بنفسك. سلاحي في قراءته أو قراءة الشِعر كان الشعار الفرعوني القديم:
"كن كاتبًا لتكون سيّد نفسك".. فاعترضتني صور حجازي ذات الإيقاع الريفي الصاخب، وهي تدخل مدينة بلا قلب مع عجلات الترام، وتستلم لذباب المقابرالأخضر، وعطلتني دموع صلاح عبد الصبور وهو ينتظر نبيا يحمل سيفا لينقذ نبيا مهزوما يحمل قلما.. لكن الأنبياء لا يجيئون غالبا بعدما انتهي البريد الإلهي، وأوقعتني صور عفيفي مطر، التي تشبه الطواحين، وهي تندلع كالجحيم الأرضي في رأسي وأراها قرى تفر من طينها وسكانها، ولم يحرّرني أدونيس بلعبة اللغة وغواية الرقص مع النفري... كان ظل وديع وديعا، يغوي ويحرّر في آن، تقبله وترقص معه، ثم ترفضه وتقفز السور الذي بينك وبينه.

لا يدعي نبوة.. ولا ينتظر أنبياء، يذهب للبحر وحده كصياد قديم، ويحتسي خمر المجاز صورا معتقة، ثم يفر لبحر غريب، غارسًا ظله هناك، في مساء يتجدد بلا أخوه سوى ذلك الغبار الذي يرتّق الهواء وكلما رأى ظلا غرس شجيرة نور. عرفت وديع سعادة افتراضيًا..  ولم أتشرف بلقائه سوى على الورق في تلك الطبعة البائسة التي نشرتها له  هيئة قصور الثقافة المصرية بأغلاط كثيرة، أنقذتني منها الطبعة الأكثر دقة واكتمالاًوالتي نشرها شاعرنا الكبير على موقعه الإلكتروني، وفتح الفيسبوك بيننا طريقًا واحدًا باتجاهين، خلعنا فيه أقنعتنا، واكتفينا بالشِعر شمسًا وظلاً، كنظرة تحاول النعاس.

عندما قرأت جملته  الرائعة "لا تطأ على ظل، إنه نظرة نائمة"، والتي كتبها يومًا على صفحته على "الفيس بوك"  لم يشغلني التجاوز اللغوي في "لا تطأ على" -لأن تطأ من الأفعال القاسية التي تدهس مفعولها بشكل مباشر كعربة طائشة- وقلت لعله أراد تخفيف وقع الوطأة فتجاوز القاعدة اللغوية عمدًا ليخدم الصورة ويثري المجاز الرحيم، تلك الصورة أربكتني بدهشة الدرويش الذي عثر في المولد المزدحم على سره الخاص واكتشف الطريقة بجملة واحدة حتى خلت كل ظل عينا لا تنام، وصرت ألهو مع الظل كطفل عجوز يحاول تلمس نكهة الذكريات لم أسأل سعادة عن هوية الظل هنا، كما لم اسأله عن هوية الغبار أو معنى الغياب والحضور، تلك المعاني التي جرى وراءها النقاد طويلا، وهم يتلمسون الطريق إلى نصه البسيط العميق في آن، فقد استحوذت عليّ الجملة الفاتنة، ومنحتني الطريق، فاستعرت منها  قدرتها الفذة على التصوير المجازي البسيط الموحي والمحرض. ورحت أعيد قراءتها، وقراءة سعادة أكثر من مرة، مستعينًا بما قدمته الناقدة الكبيرة خالدة سعيد من قراءة نقدية لمشواره الشِعريّ الذي بدأ في ١٩٦٨- ؛ كنت وقتها ابن سبع سنوات- واستمر حتى الآن.

بدأت أتعرف عليه كإنسان لا يبتعد كثيرًا عن قصيدته.. صيّاد قديم  في السبعين يطحن ذكريات باستمتاع بالحياة، فلاح يصر على غرس الفسائل ولا ينتظر قيامته، و رغم أنه يعترف بأن قراء الشعر ينقرضون. ورغم كل هذه السنوات أشعر في قصيدته كما في حواراته أن جسد الشاعر السبعيني يُطل على العالم بعيني طفل يجيد اللعب والمراوغة.

ربما لأنه أصدر ديوانه الأخير "ليس للمساء إخوة"، وهو ابن عشرين عامًا- تلك السن التي يكبر فيها الجسد ويكبر الحلم. لكن الطفولة الهاربة إلى تخوم الذكريات تخدع الجسد والحلم وتستوطن القلب، تكتب شعرًا وتشكل فضاءات وتصنع أجنحة للشاعر الذي يستهلكها في السبعين من عمره.

ديوان من  نظرة نائمة  قررت في لحظة ماكرة أن ألعب مع نص وديع سعادة، وقلت سأعارضه، كما كان الشعراء يفعلون قديما مع شيوخ الطريقة، وكتبت على سبيل المشاكسة الشعرية.. “دست ظلا" ..
 ثم توقفت، فلا شيء يسعفني ولا صور تولد من رحم الفرجة، ثم كررت الجملة أكثر من سبعين مرة، وهنا انتبهت لخواء اللعبة فتركتها. وما إن قرّرت التوقف حتى صرخت.. “فانتبهت"، فكتبت
"دست ظلا ..فانتبهت" !

ولم أتوقف على مدى شهرين كاملين عن كتابة تمارين للظل حتى يقوم من مقام رقدته ومقاس الصور
في البداية كنت أجرب ظلي بطريقة وأُقلّد ظل وديع سعادة بطريقة أخرى مغايرة لشعريته التي تعتمد الجمل المجازية البسيطة التي تتوغل في  الجمع بين الحضور والغياب معًا في "لا يقين" الغبار ، ثم أخذت أحذف التقليد، وأثبت الظل الذي هو لي. وعندما اكتمل ديوان كامل فرحت، لأنني بنظرة ظل واحد تخلصت من آثار آبائي الكثيرين في القصيدة:
درويش الذي يجيد الغناء ولا أجيده، وعفيفي ذلك البناء العظيم الذي يبني معمار قصيدته بالموسيقى، وأنا أحن إلى أصوات غير مكتملة وأعشق النقوش على الجدران، وسعدي يوسف الحاد كالزجاج، الجارح كصقر، والشيوعي الذي روّض الجدل جديلة في قصيدة، وحجازي الفقيه الذي ضل الطريق بين مدينتين، وعبد الصبور الذي يصنع من دمعه بئرًا ليبكي ضياع أندلسه الخاص... سأظل مدينًا لسعادة بتلك النظرة النائمة التي اقتبستها من ظله، وصنعت لي بها جناحين.. فانتبهت إلى إيماني بالله والقصيدة والإنسان وعرفت ظلي.

***
صورة واحدة
***
إلى وديع سعادة
***
أصل:
بين أشكال وديع سعادة الخاطفة كبرق
وكلام بول كلي الذي يلبس الأسود والأحمر غالبا في الحلم
ظلال وأشباح تأخذ شكل: لوركا وبول جوجان وعفيفي مطر
وهموم ماركس والنفري معا علي مائدة أفلاطون
ظلال تتطاول في رقصها المثير أمام المرايا
لتكشف صورة شاعر جوال يغني عاريا في الشارع والميدان
وينسى شجرة كتحلية مجانية لخضرة غامضة
فينساه الجميع.
***
صورة:
حطاب لوركا الغبي يفشل في ترجمة
وديع سعادة وظله النائم كنظره حائرة*
فيهرب أوزوريس من تفكك الجسد ويعودإلى
خنوم وآلته الحجرية تطحن ذكريات في القواديس
ثمة طمي تخثربعدما غاب عفيفي عن العرس
وظل تمدّد كلما غابت "شمس تشرب البحر لكي تموت" **
وصدى لا يبقى طويلاً في الجرن القريب
وأنا لا شكل لي
وظلي ينكرني
ثلاثا قبل نباح كلب عجوز في الفناء
ولي صورة واحدة
ولا حطاب هنا ليقطع الأثر
****
* الجملة لوديع سعادة "لا تطأ على ظل إنه نظره نائمة"
** الجملة لعفيفي مطر

***
ترجمة فورية للظل
***
إلى وديع سعادة

دست ظلا فتوقف المطر عن رضاعة النور
من مصباح الطريق، ورعشة الخطى المرتبكة
وانتبهت على قطرة تغرس ظلا "كنظرة نائمة"
لتحاكي قصيدة قصيرة التنورة بين النور والكتاب
وتعري ظمأ ناعسا في الجذور
فأغلقت ظل "وديع سعادة " على شارعين هاربين
لألحق قطار الرحيل بنظرة عابرة وظل مقيم"

***

وديع سعادة:
الشاعر محمد حربي شكرًا لك على هذه المداخلة،
يا صديقي أعتقد أن كلّ شيء ليس سوى ظلال، وعلينا أن نحترم هذه الظلال التي هي نحن.
وبالنسبة إلى عبارتي التي هي "لا تطأ على ظل" وقلت أنتَ في اللغةِ العربيةِ يقال:
 "لا تطأ ظلاً" وليس لا تطأ على ظل.
فأنا تعمّدتُ القول:"لا تطأ على ظل"، وقصدتُ بذلك لا تطأ حتى لمسًا، لقد تعمّدتُ التخفيف من شدةِ الوطءِ، فأضفتُ كلمةعلى بقصد أن يكون الوطء خفيفًا حتىلمسًا.


•    كلمة أخيرة كرسالة للكاتب العربي ولكاتب قصيدة النثر بالتحديد عندما يكتب ما
الذي عليه فعله ليكون متفردا ويقدم شيئا جديدا ومختلفا عن الآخرين.


وديع سعادة:
-    على الكاتب عمومًا سواءَ كان شاعرًا أو غير شاعر أن يحمل في ذاته العمق الأدبي
والعمق الإنساني لكي تحمل كتابته هذا العمق وحينئذٍ حين يكتب نفسه، يكون يكتب الإنسان عمومًا.
.............


نشكر ضيفنا وديع سعادة على تلبيته دعوة "مبادرة أثر الفراشة" للخروج بهذا الحوار الثري والغني في كل ما يخص الشِعر وقصيدة النثر أو النص الشِعري الحديث كما اختار أن يسمّيه.
 ونشكر أيضًا السّادة الشعراء والأدباء كل باسمه مع حفظ الألقاب الذين ساهموا بمداخلاتهم القيّمة من أجل إثراء هذا الحوار الثقافي.
خالص الشكر والامتنان للجميع.


مع خالص تحيات أعضاء
مبادرة أثر الفراشة.

 

تعليق عبر الفيس بوك