خبراء: ميزانية 2019 تعزز حجم الاستثمارات الحكومية لتفادي تباطؤ النمو الاقتصادي

الرؤية - مريم البادية

أكد خبراء اقتصاديون أنّ الإنفاق الحكومي يسهم في تعزيز الخدمات التنموية وتحفيز التعاملات الإقتصادية وتطوير البنية التحتية وتعزيز فاعليتها؛ وذلك في ظل التركيز على أهداف الخطة الخمسية التاسعة وإستكمال المشاريع التنموية. ويأملون أن تحقق هذه الاستثمارات تنويعا في مصادر دخل القطاع الخاص وتوجيهها نحو الأهداف التي يتطلع لها هذا القطاع.

وقُدر الإنفاق العام للميزانية بنحو 12.9 مليار ريال عماني وبارتفاع قدره 400 مليون ريال عماني عن الإنفاق المقدر لعام 2018م بنسبة زيادة 3%، حيث بلغت المصروفات الجارية 74% فيما بلغت المصروفات الاستثمارية ما نسبته 20% وذهبت 6% لمصروفات الدعم.

وقال صاحب السمو السيد الدكتور أدهم بن تركي آل سعيد أستاذ مشارك في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة السلطان قابوس إنّ الإنفاق الحكومي الاستثماري يعد من المحفزات الاقتصادية الهامة بجانب تحفيز بيئة الاستثمار وممارسة الأعمال، وزيادة الإنفاق الحكومي الاستثماري عادة ما يكون إيجابيا في تمكين النمو الاقتصادي، وعادة ما يتركز الاستثمار الحكومي على البنية الأساسية التي في الغالب غير جاذبة للاستثمار الخاص بسبب محدودية عوائدها الاستثمارية. علاوة على ذلك تكون الاستثمارات الحكومية ذات طابع تنموي حيث تتركز في القطاعات الخدمية وقلما تتركز في القطاعات الاقتصادية لما في ذلك من مزاحمة الاستثمارات الخاصة.

وأضاف: من هذا المنطلق نلحظ اهتمام الحكومة بتعزيز الجانب الاستثماري في الموازنة بالمحافظة على نسب الإنفاق الإنمائي. ويأتي هذا الاهتمام في ظل تعزيز أهداف الخطة الخمسية التاسعة واستكمال المشاريع التنموية لما لها من آثار اجتماعية واقتصادية محفزة. وبيّن أنّه في الوقت ذاته تكون هذه الاستثمارات ضرورية في فترات التباطؤ الاقتصادي بحيث تمكن المالية العامة من تحفيز النشاط الاقتصادي، إضافة إلى الإنفاق الاستثماري الحكومي تقوم الشركات الحكومية باستثمارات قد تكون هي كذلك محفزة في القطاعات التي تعمل بها.

ولفت إلى أنّ الاقتصاد الوطني يظل معتمدا على الإنفاق الحكومي الاستثماري والجاري لذا الحفاظ على مستويات مناسبة ومتماشية مع الأوضاع الإقصادية الراهنة ضروري، لذا لا يزال النمو الاقتصادي متوازيا مع الإنفاق الحكومي عامة والاستثماري خاصة. وتوقع سموه أن تحقق بعض عوائد الاستثمارات التي تمت في الأعوام الماضية من خلال تمكين قطاعات كالسياحة والصناعة التحويلية والخدمات اللوجستية.

‫وعن العوائد الاقتصادية المترتبة على ذلك، أكد صاحب السمو أنّ الاستثمارات الحكومية تحفز الاقتصاد عموما والقطاعات المستهدفة خصوصا. ويتوقع أن يكون الإنفاق الاستثماري معزز لبعض القطاعات مثل الإنشاءات والخدمات اللوجستية والخدمات العامة وغيرها. وفي ذات الوقت يذكر أنّ بعض الإنفاق الاستثماري قد يزاحم فرص الاستثمار الخاص.

وأضاف إنّ من الأهمية بمكان أن يتركز الإنفاق الاستثماري في تعزيز الخدمات التنموية وتحفيز التعاملات الاقتصادية من تطوير البنية التحتية وتعزيز فاعليتها، موضحا أنّه عادة ما تكون التحديات في كيفية تعزيز التكامل فيما بين الاستثمارات كالطرق والمطارات والموانئ والشبكات الرقمية والكهرباء، كما إنّ ما يحتاجه القطاع الخاص هو تمكين وتعزيز لفرص الاستثمار وتوجيه الإنفاق الاستثماري حيال ذلك.

وحول استثمارات الشركات الحكومية، قال سموّه إنّ هناك تحديا كبيرا في الاتزان بين الحاجة الملحة لاستثمارات في القطاعات الحيوية ومزاحمة الاستثمارات الخاصة، وإنّ التوجه المستقبلي يجب أن تتركز الاستثمارات على تمكين القطاعات وخلق الشراكات البناءة. وبيّن أنّه في كل الأحوال يتوقه مشاركة القطاع الخاص بشكل أكبر في الإنفاق على الاستثمارات خاصة في القطاعات الإنتاجية حيث يكمن دوره الطبيعي، ومن المتوقع أن تكون الاستثمارات ممكنة للقطاع الخاص من خلال فتح أبواب للمشاركة فيها وخلق مجالات جديدة في الاستثمارات التي لم تكن متاحة سابقا خاصة في مجالات التقانة والتكنولوجيا.

ومن جهته، قال لؤي بطاينة الرئيس التنفيذي لشركة أوبار كابيتال إنّ الإنفاق الاستثماري في الموازنات العامة للسلطنة يشكل في المتوسط نسبة 22% من الإنفاق العام المقدر وهي نسبة قليلة مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية هذا النوع من الإنفاق. وقد بلغ الإنفاق الاستثماري المقدر في موازنة عام 2019 مبلغ 2.6 مليار ريال عماني بتراجع سنوي نسبته 4.4% عن المقدر لعام 2018. وأضاف أنّ هذا الرقم في الموازنة ضمن بند المصروفات الاستثمارية في جداول الموازنة، إلا أنّ بيان الموازنة أشار إلى أنّه من المقرر إنفاق نحو 3.7 مليار ريال عماني على المشاريع الاستثمارية خلال عام 2019 منه مبلغ 1.2 مليار ريال عماني لتنفيذ مشروعات البنية الأساسية التي تشرف عليها الوزارات والوحدات الحكومية.

وأشار إلى أنّ الأهمية لهذا النوع من الإنفاق تكمن في اعتبارات عدة منها توفير فرص العمل القائمة على مشاريع مستدامة وذات جدوى اقتصادية حقيقية، تحسين وتنويع ودعم الميزان التجاري للدولة، والقيمة المضافة للمشاريع المستهدفة في هذا النوع من الإنفاق، كما أنّه استثمار تنموي وإنتاجي ويدعم الاقتصاد الحر، ويساهم في تقليل الهوة والفجوة بين الموارد المحلية ومتطلبات التنمية الاقتصادية، ويسهم في تطوير عملية التراكم الرأسمالي، كما يعمل على دعم تطور الناتج المحلي الإجمالي وبالتالي نصيب الفرد منه. وهو استثمار موجه نحو الفروع الإنتاجية في الاقتصاد وليس الغرض منه فقط تحقيق الربحية كما في حالة القطاع الخاص. كما لا توجد قيود تمويلية لمثل هذا النوع من الاستثمارات، حيث إن إمكانية الحصول على مصادر تمويلية هو أمر دائم ومتاح.

وفيما يختص بالعوائد المتحققة أشار بطاينة إلى أنّ هذه الاستثمارات ستسهم في تطوير البنية التحتية والتكنولوجية والبشرية القائم عليها القطاع الخاص. وتنويع مصادر دخل القطاع الخاص وتوجيه الاستثمارات نحو الأهداف التي يتطلع لها القطاع الخاص. كما أنّ إشراك القطاع الخاص في إتخاذ القرارات الحيوية بسبب عمليات الشراكة في المشاريع وبالتالي تلاقي الرؤى والأهداف والمخرجات. ودعم الدور "المسؤول" للقطاع الخاص في تقديم عدد من الخدمات الحكومية نيابة عند الدولة من خلال نماذج الإدارة أو الشراكة (outsourcing) وهو ما تمت الإشارة له في بيان الموازنة العامة. إثراء تجربة وخبرة القطاع الخاص في إدارة المشاريع الكبيرة وتحميله مسؤولية اجتماعية واستدامة إيرادات القطاع الخاص بسبب طول مدة المشاريع ونوعيتها. وتشجيع عملية الإندماج بين شركات القطاع لتكوين كيانات قادرة على التعامل مع المشاريع الكبيرة الأمر الذي يؤدي إلى وفورات اقتصادية. كذلك فإنّ بناء كيانات ضخمة في القطاع الخاص سيسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لهذا القطاع.

تعليق عبر الفيس بوك