فراشة حائرة وطبيعة خلابة وطيور مهاجرة

رباب مرزوق السعدي | مسقط

الطبيعة هي أرض بحار جبال رمال رياح سحاب سماء شمس قمر شواطئ شللات صحراء ماء، وسهول نتراقص بين سنابلها.
الطبيعة هي سيمفونية ناعمة تعزف بها مخلوقات الأرض ألحان جميلة، الطبيعة هي موسوعة علمية من جمال وإبداع وقدرة الخالق، هي أكير موسوعة تحمل في طياتها كلمات وحروف ومواضيع يترجمها الإنسان كيفما شاء؛ من كتاب وشعراء ونقاد لتعطيهم خلاصة أو معلومة أو اكتشافًا كانوا يبحثون عنه.
الطبيعة هي كلمات مضيئة تحتويها بين أرضها وسمائها وكلمات تعانقها من مشرقها إلى مغربها هي سفينة نبحر في بحرها ونبادلها الأحاسيس في هذا الكون الواسع، وهي الفصول الأربعة التى نتعايشها وطقوس نستمتع بأجوائها، هي الصفاء النابع من الورود البيضاء، والنقاء الخالص من شللات الأرض.
والحرية المطلقة التى يتمتع بها طائر النورس والأخوة الصادقة بين أبناء البشر، والتصميم المعجز من خالق الكون والثقة المتربعة البالغة بين أجنحة النسر،والتنظيم المبدع للأوراق الأشجار والتفاءول العميق في أصحاب القلوب القوية،والتغيير الفعلي في قطرات المطر وهي الشموخ العالي لشجرة الصنوبر،والعطاء الدائم لسنبلة القمح والأيمان الخالص للزهرة عبادي الشمس.
الطبيعة هي الإبداع الرباني لوردة القرنفل، والخشوع الصادق لرب البشرية، والأمان المنتشر في حقول الأرض، والتعايش المستمر لمخلوقات الطبيعة، والسلام الواسع بين بلدان العالم، والتناغم الحى في خلق الطبيعة، والسكون المشترك بين بحار وجبال الطبيعة؛ الطبيعة هي إعجاز ربانيّ وصناعة الخالق الجبار فما أجمل الكلمات التي تحويها الطبيعة فسبحانك ربي خالق الطبيعة.
وهذه الطيور المهاجرة جزء من هذه الطبيعة الخلابة لأنها تهاجر من فصل إلى فصل في هذه الطبيعة ونحن بعد هجرتها نظل نتساءل هل ستعود الطيور إلى مكانها يوما بعد أن هجرت أعشاشها وتركتها! ولكن هل هاجرت قاصدة رحيلها بهذا الوقت أم إنها رحلتها المعتادة في هذا التوقيت وفي هذا في هذا الفصل أو ذاك!
هذه الطيور ستتذكر ذكريات مكانها الذي تمايلت بين أغصانه وبنت فيه سعادتها وأعشاشها التى احتمت فيها من برد الشتاء وحر الصيف أو أنها تركت هذا المكان وكل ذكريتها وراءها ورحلت أو أنها ستمارس في مكانها الجديد الذي قصدته كل ما تفعله في مكانها السابق وتغرد وتعزف بصوتها الشجي نغمات الصباح والمساء الجميلة.
وأما فراشتي الصغيرة التي أراها كل صباح على نافذة غرفتي وهي تحلق بأجنحتها الجذابة وعليها كتبت اسمها الجميل باللون الذهبي ورسمت أحلامها الصغيرة بألوانها الخميلة وعلى رمال الشاطئ صدق مشاعرها وأحاسيسها لهذه الحياة رحلت كما رحلت الطيور المهاجرة في هذه الطبيعة الواسعة ولكنني على يقين بأنى فراشتي ستعود إلى مكانها لأنها تتحرك كعقارب الساعة وقلبها الرقيق ينبض لاستقبالها فصل الخريف؛ وهو فصلها المفضل الذي يجمعها بأزهاره وعبق رحيقه.
ولكن فراشتي الجميلة هل تعرف كيف تستقبله؟ هل تستقبله وفي عينيها أحلى الألوان وكحَّلتها بالحب والحنان أم إنها تراها بعينيها وتبتسم أو تراها وتسكت، وفراشتي الرائعة تسبح في فضاء البساتين وتمرح بخيلاء وترفرف وبداخلها فرحة لا توصف تنشد وتغني بأجمل الألحان وتكتب القصائد بكل ديوان.
هذاهو استقبال فراشتي لفصلها الخريفي؛ ولكن الطيور المهاجرة لا أعلم كيف تستقبل فصولها في هذا الطبيعة الخلابه ولا أعلم سر الرابط الذي يربط بين الطبيعة وهجرة الطيور وفراشتي الصغيرة .. إن الله فصّل نظام الكون وفق رؤية متزنة وأراد هذه الحياة هكذا.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك