رسالة لشبابنا المتحمس

 

 

ربا بنت جمال الشنفرية

 

يقول الله تبارك وتعالى في سورة يوسف (آية:46): "يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ"، وهذا يعني 7 سنوات من الخير، تليها 7 سنوات من القحط، ونستشفُّ من هذه الآية الكريمة أن بعد العسر يسرا وهذا مؤكد.

إخوتي شباب عُمان من أصحاب الهمم والطاقات غير المُستغلة إلى الآن، بسبب استمرار البحث عن عمل، أما آن الآوان لنفتح عقولنا وآذاننا لننصت إلى صوت قدراتنا الحقيقية؟! أما آن الآوان لنكف عن التذمر ونبحث عن حلول لأنفسنا؟! هل سننتظر فقط متواكلين على الظروف أن تتغير أو على الحكومة في أن توفر لنا كل شيء على طبق من ذهب؟! لدي يقين راسخ بأن معظمكم يمتلك القدرات الهائلة والمواهب المميزة التي تميزكم عن غيركم، فنحن أبناء عُمان الجميلة ذات الإرث التاريخي العظيم وذات الاسم المرتبط بالأمجاد والحضارة الزاهرة.

لا تعتقدوا بأنَّ حديثي لكم يرمي لمواساتكم، فحالي هو حالكم، إلا أنَّني لم أفقد الشغف في العمل، فأنا أعشق الكتابة منذ صغري، ولم أتوقف يوما عن الكتابة، حتى وإن لم تجد مساحة للنشر العلني، وقد سعيت جاهدة لأطورها وأصقلها وما زلت ماضيةً قدماً في بحور الصحافة، أملاً في أن أنقل نبض وطني عبر أحبار السطور. كما لم أفقد شغفي بإكمال الدراسة، ولم أنسَ أنَّ الله خلقني على هذه الدنيا ومنحني الكثير من المزايا، وكل منا يحمل أدوات نجاحه بداخله؛ لذلك أريدكم ان تتيقنوا بأنكم جميعاً مميزون.

لكنْ كل منكم يملك ميزة مختلفة عن الآخر، فلا بد أن تعرفوا أولاً ما هي نقاط التميز بشخصياتكم، تلك التي تعطيكم قيمةً أكثر من غيركم، فإن وجدتموها فتشبثوا بها إلى ما لا نهاية. مزاياك وإن صقلتها بالطريقة الصحيحة ولم تيأس من البحث عمَّا يصقلها، سيوصلك الله بقدرته إلى ما ينفعك، دون أن تعي ذلك، فربنا تبارك وتعالى أوصانا بالسعي لا الجلوس منتظرين الفرج، دون أن نحرك ساكناً.. فمثلا ذات يوم كتبت تغريدة على موقع تويتر، قلت فيها: "إن كنت تريد أمراً وبشده لا تنتظر حصوله وتدعو الله فقط!.. يقول الله تعالى "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى" (النجم:39).. فهل ما زلت تتكاسل بأن تسعى؟".

إخواني وأخواتي شباب عُمان المزدهر، أنتم طاقة مميزة لا يستهان بها، وجلوسكم بلا وظائف هذا لا يعني أنكم غير منتجين، بل هذا ما نعزوه للظروف الراهنة فقط لا غير، لكن لننظر إلى الجانب الممتلئ من الكأس، فانتم تملكون متسعاً من الوقت تستطيعون من خلاله البحث عن أماكن تصقل مواهبكم وتظهرها، تملكون متسعاً من الوقت لحضور الندوات والمؤتمرات التعليمية التي تزيد من ثقافتكم ومهاراتكم في شتى المجالات، وتضيف لسيركم الذاتية قيمة أكبر، تملكون وقتاً لتسألوا أنفسكم أين هي ثغراتنا الثقافية وتملؤها بالقراءة وتطويع التكنولوجيا الحديثة ومتابعة الفيديوهات التثقيفية والممتعة للنهل من منابع الثقافة المتعددة، كما تملكون وقتاً لتتطوروا وتتعلموا أكثر من الذين يعملون ولا يملكون متسعا من الوقت، وإن وجدوه فلا يستطيعون استغلاله إلا في الراحة بعد وقت طويل من الجهد!

استغلوا وقتكم الراهن، فغداً عندما تُرزقون بوظائف لن تستطيعوا تطوير أنفسكم؛ لأنَّ أوقاتكم ستصبح ضيقة للغاية، وتذكَّروا أنكم لستم مجبرين على انتظار وظائف، فباب التجارة مفتوح على مصراعيه للجميع، وأصبحنا اليوم مع انتشار برامج التواصل الاجتماعي نرى الكثير من التجارات المختلفة تنتشر بشكل هائل، ويجني أصحابها الكثير من المال.

إذن، تأكدوا إن كانت عقولنا لا تزال تعمل فنحن بألف خير، وإن كُنا نؤمن فعلاً بأن الأرزاق بيد الله فسيجزينا الله بما يسعد قلوبنا عاجلاً أم أجلاً، لكن لا تفقدوا هذه الفترة الثمينة من حياتكم بالتذمر واليأس، بل استغلوها في كل ما هو لصالحكم، وكل ما من شأنه أن يطور قدراتكم وفكركم، فأنتم مستقبل السلطنة الواعد، فكونوا دائماً على قدر المسؤولية، وأنتم تحملون اسمها فخراً على جباهكم، وليلتمس الآخرون مدى ثقافة شبابنا وعزيمتهم وصبرهم، ولنبقى دائماً مثال النجاح والمثابرة.. فقفوا أمام أنفسكم واقطعوا على أنفسكم عهداً بالسعي وتطوير القدرات قدر الإمكان، وتيقنوا بأننا نحن لها وغداً سيأتينا كل جميل!

تعليق عبر الفيس بوك