امرأةٌ عابرةٌ


ماهر نصر | مصر

لكنها لم تأتِ كما يأتي النهار.
ذلك النهارُ الذي يصعدُ جدارَ شيخوختي،
كما صعدَ سلماً،
نسيه نجارٌ في صدري،
تاركاً ظلَّه،
أو تاركاً ظلي .
ربما بذرَهما في حديقةٍ
رسمها طفلٌ على ورقته
أو كشجرة تلقي صغارَ عصافيرها
-    في سكةِ العابرين لجثتي -
لمدينة لا يسكنها ظلٌ
واليمامُ لا يقيمُ على نوافذها.
...لم تأتِ كما يأتي ليلٌ.
الليلُ لا يرقِّمُ بيوتَ المفقودين
في حروب ٍ تدور بين فريقين.
أنا وظلي،
جيشان متصارعان.
من يفوزُ بالحزنِ منهما ؟
والنجومُ التي تعوي ككلاب ٍ جائعة،
وتعصبُ رأسها،
كما تعصبُ أمي رأسها،
مِن صداعِ أفراحها
حين تدور القططُ حول مائدةٍ خاوية .
تلك النجوم ُيجفُ زيتها،
كلما بلعَ عاشقٌ أغنية ،
لذبيح ٍ يمشي بيننا في الشوارع،
أو يجلسُ فوقَ مقاعدنا في المقاهي.
الليلُ لا يُحصي ذكرياتٍ هجرتْ غرفتك ،
أو يغطي باللحافِ قبلةً نائمة،
أو يرشُّ عطراً لقادمةٍ من حزنها.
الليل لم يأت ِ
كما لم يأت ِ النهار.
وهي لم تكن غيرَ ظلٍ
 لامرأةٍ تعبرُ الذكريات
وتقيم ُ بهدوءٍ سرادقاً لعزائي.

 

تعليق عبر الفيس بوك