تباين الآراء حول مستقبل النسخ المطبوعة في مواجهة "الرقمية"

الكتاب الورقي يصارع من أجل البقاء أمام "الإلكتروني".. وحسم "المعركة" بين يدي القارئ

 

الرؤية - ربا الشنفرية

في ظل التطور التكنولوجي الهائل الذي يشهده العالم تظهر الكتب الإلكترونية على الساحة لتسهل على الكثيرين مُهمة الحصول على نسخ معينة من كتب يصعب الحصول عليها ورقياً وقد تكون متوفرةً فقط في دور نشر الدول التي طبعتها فيصعب الحصول عليها، إلا أن التكنولوجيا سهلت علينا الكثير من الأمور ووضعت الكتب بكل سهولة بين أيدينا بلا مجهود يُذكر.

واتفق بعض القراء على تفضيلهم القراءة التقليدية في النسخ الورقية المطبوعة، بينما ذهب البعض إلى تفضيل الكتاب الإلكتروني، معددا الأسباب والإيجابيات في النسخ الإلكترونية، ومنها سهولة حملها وإمكانية وضع الملاحظات وغيرها من المزايا.

وتقول صاحبة السُّمو السيدة الدكتورة رية بنت قيس آل سعيد إخصائية جلدية: "أؤيد وبشدة القراءة الورقية ولا أحب أبداً القراءة عبر الإنترنت والنسخ الإلكترونية سواء كان للقراءة أو الدراسة أو الأبحاث فأنا محبة للنسخ الورقية وأشعر بأنَّ الورق شيء ملموس ويمكن أن تأخذ وقتك معه في تخطيط ورسم أو تحديد للأمور المهمة". وترى سموها أنَّ قيمة الكتاب مختلفة في الوقت الحالي، حيث إن جيلها تربى منذ الصغر على احترام الكتب فلا يصح مثلاً أن نضعها على الأرض أو نمزقها أو نلون عليها، معتبرة أن قيمة الكتاب مُقدسة ولا يمكن الإضرار به مهما كان، مشيرة إلى أن الجيل الجديد أغلبه يميل إلى القراءة الإلكترونية، لكن بالنسبة لسموها فهي لا تفضل الكتب الإلكترونية لما تسببه من إزعاج بسبب كثرة الإشعارات والتنبيهات على الأجهزة الإلكترونية، ما يشتت أفكارها، معلنة تأييدها الكامل للكتاب الورقي.

وتؤيدها الفنانة العمانية الكبيرة فخرية خميس في الرأي قائلةً "سابقاً وفي غياب الإنترنت كان الكتاب بصحبتنا سواء في السفر أو بالمنزل وفي أي مكان وكنا أحياناً في أيام الطفولة عندما نأكل نستمتع بوضع الكتاب أمامنا فنأكل تارة وننظر إلى الكتاب تارة أخرى فالكتاب له قيمة كبيرة عند جيلنا طالما يصاحبنا في كل مكان" فهي تفضل قراءة السيناريوهات للمسلسلات عن طريق النسخ الورقية لأنها تشعرها بالانسجام وتساعدها على تقمص الشخصية بسهولة أما الآن فأصبحت النصوص تصلها عبر الإيميل فتشعر أنه من الصعب عليها القراءة من الحاسب الآلي، وترى أن الكتاب الورقي يشكل لها الكثير ويرافقها إلى آخر اللحظات في يومها بضع صفحات يومياً قبل الخلود إلى النوم.

للفنان والإعلامي محمد الذهلي وجهة نظر مشابهة فيقول "أفضّل دائماً قراءة الكتب ورقياً لأسباب عدة، منها  الحفاظ على مبدأ "اقرأ" الذي باتت قوّته تندثر يوماً بعد يوم، وكذلك الحفاظ على نظري من التعرض لإشعاعات الهواتف والأجهزة الذكية، ومن ثم فإنني من عُشّاق الكتابة ولا اقرأ أي كتاب إلا والقلم في يدي لأضع ملاحظاتي وإشعاراتي على النقاط التي جذبتني في الكتاب، وآخر أسبابي هو أن الكتاب بالنسبة لي صديق وليس مجرّد أداة، لذا لا أتركه قدر الإمكان".

وتقول الكاتبة هدى الحوسنية "أفضل قراءة الكتب ورقيًا، لأننا مع القراءة نتماهى حتى مع الصفحات نظلل، نعلق، نكتب بعض العبارات في المساحات الفارغة، ونضع أحيانا علامات على بعض الصفحات دليلاً على أهميتها أو للوقوف عندها، وفي ذات الوقت نقوم أحياناً كمدقق لغوي بتصحيح بعض الكلمات، فتحتشد حيويتنا مع الورق وتمنحنا شعور المشاركة في النص الذي نقرأ. فالقراءة الورقية تحررنا من قيود الشاشات. كما أن لوجود الكتب بين أيدينا قيمة جوهرية علمها من علمها وجهلها من جهلها".

أما بثينة غواص المؤسسة والرئيسة التنفيذية لمشروع "آذار"للتسويق فتقول إنَّ الكتب الورقية والإلكترونية لها مميزات وسلبيات على حد سواء ولكنها جميعاً تؤدي نفس الغرض وتشير إلى أن التقنية الإلكترونية تساعدها في حال عدم توافر الكتب التي تريدها في المكتبات من حولها ولكنها مع ذلك تشعر بأنّ النسخ الإلكترونية تقيد حريتها في التخطيط وتحديد الأجزاء المهمه فالكتاب.

وأضافت: "الكتب الورقية بالنسبة لي لا زالت تعطيني إحساساً مختلفة ولذةً مختلفة في قراءتها".

وفي المُقابل، تباينت ردود مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي، وقال البعض إن القراءة الإلكترونية مفيدة جداً وعلى وجه الخصوص عند القيام بالأبحاث العلمية وأنها تسهل الكثير كما أنها بسيطة وفي متناول أيدي الجميع وبدون أي مبالغ تذكر، فكبسة زر واحدة كفيلة بإظهار الكثير من الكتب والأبحاث المتخصصة بالموضوع المراد البحث عنه بكل يسر. وهناك أيضاً من يؤيد القراءة الورقية لنفس الأسباب التي ذكرت، لأن الكتاب الورقي يحفظ حقوق المؤلفين ودور النشر ويصعب نقله وتزويره. وهناك فئة كبيرة تفضل الاثنين معاً على حد سواء فللقراءة الإلكترونية جمهورها وللورقية كذلك إلا أن الاختلافات في الأذواق لا تفسد للود قضية ويمكن القول إن الكتب الورقية اليوم لا زالت محافظة على قيمتها مهما حاولت ثورة التكنولوجيا التغلب عليها وبطبيعة الحال تختلف الغايات والهدف الجوهري واحد ألا وهو "القراءة" مهما كانت الوسيلة.

ووفقاً لتقرير أصدرته منظمة اليونسكو فإنَّ أعلى نسبة أمية في العالم توجد في الوطن العربي، والقراءة هي آخر اهتمامات المواطن العربي. ونشرت الأمم المتحدة في تقرير لها حول عادات القراءة في العالم، أن معدل ما يقرأه الفرد في أرجاء العالم العربي سنوياً هو ربع صفحة فقط.

وأظهر تقرير أصدرته مؤسسة الفكر العربي أنّ متوسط قراءة الفرد الأوروبي يبلغ نحو 200 ساعة سنوياً، بينما لا يتعدى المتوسط العربي 6 دقائق. وحسب إحصاءات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الإلسكو»، فإن العالم العربي يصدر كتابين مقابل كل مائة كتاب يصدر في دول أوروبا الغربية، علماً بأنَّ هذه الأخيرة تنشر كل سنة كتاباً لكل خمسة آلاف شخص.

في حين أورد تقرير «بريندان براون»، الذي نشره موقع «جلوبال إنجليش إديتينج» حول عادات القراءة في العالم، أن مصر احتلت المرتبة الخامسة في ساعات القراءة أسبوعياً، فيما حلت السعودية بالمرتبة الحادية عشرة، متقدمتين على دول غربية صناعية كالولايات المتحدة وأستراليا وكندا وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا واليابان.

تعليق عبر الفيس بوك