دور الرقابة المالية في حماية المال العام (1)

أحمد بن علي العجمي

 

توسّع المُشرع العماني في مدلول المال العام بقانون الجزاء وفق مقتضيات المادة 11، ويقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا القانون ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الرسمية أو خاضعاً لإشرافها أو لإدارتها، ألو لدولة ووحدات الجهاز الإداري، أو الشركات المملوكة بالكامل أموالها أموال عامة، أو تساهم الدولة فيها برأس مال لا يقل عن 40%، أو أي جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها أموالاً عامة.

كما أشار قانون حماية المال العام للمال العام بأنّه مجموعة من الأموال التي تتملكها الدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية ملكية عامة، وتكون مخصصة للنفع العام بحكم طبيعتها أو بالفعل أو بإرادة السلطة العامة.

واستطرد المشرع للحفاظ على المال العام بالمادة 5 التي نص فيها على أنه يجب على المسؤول الحكومي أن يحول دون إساءة استعمال المال العام وأن يبلغ الجهات المختصة بما ثبت لديه من مخالفات. وقد أشارت المواد 6-7-8-9-10 للمحظورات التي تحظر على الموظف العام القيام بها لتحقيق منافع شخصية على حساب المال العام والأموال العامة بالمادة 4 للأموال العامة، وحرمتها، وأنه يجب المحافظة عليها ولا يجوز التصرّف فيها بأي نوع من التصرفات إلا وفقا لأحكام القانون. كما لا يجوز الحجز عليها أو التعدي أو تملكها أو كسب أي حق عيني بالتقادم، ويقع باطلاً كل تصرف يتم بالمخالفة ومقضيات المادة 8 من قانون حماية الوحدات الخاضعة لرقابة الجهاز، ومنحه التحقق من تنفيذ القوانين واللوائح والنظم والكشف عن أسباب القصور في الأداء والإنتاج وتحديد المسؤولية، والتأكد من حسن سير العمل وأحكام المادة 11 من ذات القانون التي منحت الجهاز الحق في بحث الشكاوى التي ترد للجهات عن الإهمال أو مخالفة القوانين، وفحص المخالفات المالية والإدارية، وعلة ذلك أنّ الرقابة نشاط نحو عمليات التنفيذ السليم للخطط والسياسات المرسومة، مركزاً على توسع حدوث الأخطاء ومحاولة إيجاد المحرك لتجنبها أو التغلّب عليها بملاحقة المتسبب بضرر للمرفق العام سواء من قبل القائمين بتمثيله أو من غيره لحفظ المال العام ومتابعة حسن أدائه والتصرف فيه؛ لإيجاد وسيلة تقوم لحماية أملاك الدولة من العدوان عليها أو استغلالها بصورة لا تتفق مع الصالح العام.

هناك ثلاث قواعد أساسية وضعها المُشرِّع لحماية الأموال العامة ضد أي عدوان وهي:

  • قاعدة عدم جواز الحجز على أملاك الدولة:

لا يجوز توقيع الحجز القضائي أو التحفظي أو الإداري على هذه الأموال للوفاء بدين مستحق للغير على الدولة؛ لأنه يترتب على الحجز التنفيذي على المال العام تعريض المال العام للبيع جبراً بمفهوم المخالفة للأصل عدم جواز نقل المال العام للغير بالطريق الاختياري أو الجبري.

وعالج المُشرع الالتزامات المدنية بالنسبة للأحكام الصادرة بالإلزام على الجهات الحكومية؛ بصفتها المسؤول عن الحق المدني بقانون الإجراءات الجزائية الذي منح المضرور إقامة جنحة مباشرة بمواجهة موظف عام عمد إلى الامتناع أو تعطيل تنفيذ أحكام القضاء التي تصدر وتنفذ باسم صاحب الجلالة بدلالة المواد 41/71 الامتناع عن تنفيذها أو التعطيل من جانب الموظفين المختصين، والذي يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون وفقاً لقانون الجزاء العماني.

المُشرع أباح للمتضرر من صدور حكم وامتناع الجهة الإدارية عن التنفيذ تحديد الموظف الممتنع، وإنذاره بالسند التنفيذي، وفي حالة الاستمرار بتعطيل الحكم يتم إقامة جنحة مباشرة أمام الدائرة الجزائية دون الحاجة لتقديم بلاغ وجمع استدلال وفق أحكام قانون الإجراءات الجزائية أو صدور قرار إحالة من الادعاء العام؛ استثناءً من الأصل وعملاً بأحكام المادة 23 من قانون الجزاء العماني يعاقب بالغرامة من 100 إلى 1000 ر.ع كل موظف مختص امتنع أو عطّل عمداً تنفيذ حكم قضائي أو أمر قضائي بعد إنذاره بالتنفيذ ومضي 30 يوماً، ويلزم الموظف الجنائي بدفع غرامة 300 ر.ع بعد انقضاء 10 أيام لغاية التنفيذ الفعلي.

والسؤال هو هل الغرامة المحكوم بها للحق العام للدولة يتم سدادها من قبل الجهة الإدارية أو من قبل الممتنع بصفته الشخصية وكذلك الغرامة التي تحصل بعد مضي 10 أيام من الحكم والامتناع عن التنفيذ من المال العام أو من المال الخاص للموظف الذي يتسبب بذلك. يستلزم قيام جهاز الرقابة للدولة بمراجعة الأحكام الصادرة سواء من القضاء العادي أو الإداري تجاه الجهات الرسمية بعدم الصحة أو الإلزام أو التعويضات لبيان سداد المبالغ المالية من الخزينة العامة أو لا.

 

 

  • محامٍ أمام المحكمة العليا

 

تعليق عبر الفيس بوك