قصة النسخة الأولى من نهائيات أمم آسيا

الرؤية - وليد الخفيف

 

قبل ثلاث وستون عاما وبالتحديد في عام 1956 انطلقت أول نسخة آسيوية لكرة القدم، ودونت هونج كونج اسمها كأول دولة تستضيف الحدث القاري المحتدم بين قوى حافظت بعضها على تفوقها وقوى آخر تراجعت واندثرت ولم يسمع صداها أبناء هذا الجيل ..

وربما كانت الانطلاقة الاسيوية خجولة في محتواها .. ضعيفة في مردوها الفني .. بعيدة عن الكاميرات والنقل التلفزوني الموسع .. ولكنها الأعرق والاقدم ، اذ سبقت نهائيات القارة العجوز التي ازيح عنها الستار في عام 1960 .

فلكل من يشكك في عراقة البطولة فاليعلم أن مع احتدام المنافسات الاسيوية واشتعال المدرجات وانتشار اللعبة  ارجاء القارة الصفراء من شرقها لغربها مروا بوسطها، لم تكن المسابقة الاوربية فكرة في عقل الفرنسي هنري بولييه الذي احتضنت أراضيه اول بطولة للامم الاوروبية عام 1960

وقبل ساعات من إنطلاق النسخة الأسيوية السابعة عشر بشكلها الاستثنائي في الامارات العربية المتحدة، مر تاريخ البطولة بحقب زمنية مختلفة، فهيمنت منتخبات، وانطمست اخرى .. فالبداية كانت مع تسع منتخبات فقط شاركت في التصفيات، اذ احال الفقر والحرب والنزاعات دون مشاركة العديد من المنتخبات في تلك النسخة ومنهم الدول العربية . 

فأول صافرة آسيوية انطلقت في 25 فبراير عام 1956 عندما استضافة العاصمة الفلبينيه مانيلا أول لقاء في التصفيات على أراضيها غير انها سقطت أمام كوريا الجنوبية بهدفين في الذهاب، قبل أن تستقبل ثلاثة اهداف في سيول إيابا .

الفلبين التي كانت شغوفة بكرة القدم آنذاك بفضل الجاليات الامريكية والاسبانية المقيمة على اراضيها، لم يشفع لها شغفها لمواجهة الشمشون الكوري الذي فرض سيطرته على القارة الصفراء مبكرا .

الصراع بين كوريا الجنوبية وتايوان في تلك الفترة كان عنوانا عريضا ، فتايوان كانت من القوى الكروية الناهضة التي نجحت في التتويج بلقب دورة الالعاب الاسيوية في مانيلا عام 1954 بإسقاط كوريا الجنوبية .

 

الشمون الكوري رد اعتبار خسارته في نهائي دورة الالعاب الاسيوية وتبدد احلامه في معانقة الذهب في الاسياد، بالفوز ذهابا  على ارضه، قبل ان تواجهه معوقات عدة  لاداء لقاء الاياب في تايوان المعروفة آنذاك بفورموسه، فلم تصل الخطوط الجوية الكورية ( الكاو ) في تلك الفترة لتايوان، وبالتالي كان من الصعب عليها ان تكون هونج كونج وجهة لها حتى اذا تأهل منتخبها الوطني .

الاتحاد التايواني حل مشكلة الكوريين رغبة منه في استدراجهم لرد دين الخسارة في الذهاب فالحرب كان مشتعلة بين الغريمين في المستطيل الاخضر .. لذا تكفلت تايوان بنفقات الرحلة ووعد بان يتكفل بنقل الكوريين إلى هونج كونج في حال الفوز عليه عبر خطوطه الجوية..

نجا الكوريون من الفخ وجددوا تفقوهم على تايوان في عقر دارهم، وأوفى الخاسر بوعده فنقل بعثة كوريا الجنوبية على نفقته لهونج كونج، غير ان الغريب في الامر ان البطولة انطلقت في الاول من سبتمبر أي قبل يوم من إياب مباراة كوريا الجنوبية وتايوان، ويبدو ان تايوان كانت وراء تأخر بعثة المنتخب الكوري لاكثر من خمس ساعات في المطار، ووصلها لهونج كونج قبل سبع ساعات فقط من صافرة انطلاق المباراة الاولى امام صاحب الارض والجمهور.

النعاس والتعب والارهاق وارتفاع درجة الحرارة كانت تحديات تواجه الكوريين قبل مواجهة هونج كونج في اللقاء الاول .

كوريا الجنوبية المنهكه استقبلت هدفين  سريعين في الشوط الاول من هونج كونج .. ولكن هطول الامطار في الشوط الثاني أنعش حماس الكوريين فمنحهم حق الرد بهدفين لتنتهي المباراة بالتعادل . 

منتخب كوريا الجنوبية رمز التحدي ومصدر الوطنية كما يطلق عليه جمهوره، نجح في بلوغ النهائي فأطاح بإسرائيل، ليدون اول لقب آسيوي بإسمها .

 ورغم التفوق الكوري الجنوبي بطل آسيا آنذاك غير أن عقدة لقب الآسياد لازمته، فخسر النهائي المقرر امام غريمه التقليدي  تايوان في عام 1958 ويبدو ان كبيرا القارة الصفراء في تلك الحقبة الزمنية تقاسما كعكة السيطرة، فاللقب الاسيوي كان في خزائن كوريا الجنوبية، اما لقب الآسياد فكان حكرا على تايوان  .

 

تعليق عبر الفيس بوك