إيران: أسود شيران يأملون استعادة العرش الأصفر

 

 

عواصم - الوكالات

عقد واحد كان كافياً لأبناء فارس للهيمنة على الكرة الآسيوية؛ وذلك بين 1968 و1976، عندما توِّج المنتخب الإيراني بكأس آسيا ثلاث مرات متتالية دون خسارة في أي مباراة، وبتشكيلات مختلفة حتى لُقب بالغول، ليكون ذلك الإنجاز آخر عهد أسود شيران مع القمة القارية، فتراجع المنتخب إلى المركز الثالث في البطولة التالية في الكويت، والذي أصبح سقف ترتيبه في أحسن الأحوال على صعيد الكأس الآسيوية، فأصبح أكثر من احتل هذا المركز من دون الولوج إلى النهائي علماً أنه لم يغب عن النهائيات.

وفي الإمارات 2019، وبعد 15 عاماً على بلوغه مربع الكبار للمرة الأخيرة، عادت أحلام السيادة الآسيوية إلى مُخيلة الإيرانيين، خاصة عقب المشوار الرائع في التصفيات، ثم التصفيات المونديالية، حيث لم يخسر طوال 18 مباراة متتالية، وجاءت العروض التي قدمها المنتخب في روسيا 2018 لتزيد من طموحاته بخطف لقب النسخة السابعة عشرة.

كان بلوغ الغول الآسيوي (تلك الأيام) نهائيات كأس العالم منعطفاً كبيراً لدى الإيرانيين الذين كبرت تطلعاتهم الكروية، إلا أنَّ ذلك الإنجاز تبعه تراجع قاري بخسارة اللقب وعدم العودة إلى منصة التتويج من جديد، على الرغم من وصول المنتخب إلى مربع الكبار في ثلاث نسخ متتالية، مكتفياً بالمركز الثالث مرتين، قبل أن يفشل حتى ببلوغه في اليابان 1992 للمرة الأولى، ورغم عودته إليه في الإمارات، إلا أنه توقف عند المركز الثالث الذي استعاده في الصين 2004 بعدما فشل ببلوغه ثانية عام 2000.

وتجدَّدت الخيبة الآسيوية بالخروج من ربع نهائي العرس القاري في النسخ الثلاث الأخيرة، حتى إن دور الثمانية بات عقدة بوجه أسود شيران الذين ودعوا الكأس الآسيوية خلاله أربع مرات منذ إقراره في البطولة منذ نسخة 1996، والأنكى أنه اضطر لخوض التمديد فيها جميعاً، وعلى الرغم من تحقيقه فوزاً تاريخياً على كوريا الجنوبية في الإمارات 1996 (6/2)، إلا أنه سقط أمامه في ثلاث مرات تالية، فخسر بعد 120 دقيقة في لبنان 2000 (1/2)، ثم بركلات الترجيح في بطولة 2007، وتكرر الأمر ذاته في قطر 2011، فخسر بالتمديد بهدف، وتغير المنافس في أستراليا 2015، لكن الخسارة تكررت بركلات الترجيح أمام الجار العراقي.

 

تألق مونديالي

لم يجد الفريق الذي قاده المدرب البرتغالي كارلوس كيروش صعوبة كبيرة في تجاوز التصفيات المؤهلة إلى الإمارات 2019، بتصدره المجموعة الرابعة من دون خسارة، وتابع عروضه القوية وخاصة في الجانب الدفاعي في تصفيات مونديال 2018، ليضمن بلوغه نهائيات روسيا كأول فريق آسيوي، ويحسب للدفاع الإيراني حفاظه نظافة شباكه في 12 مباراة متتالية. وكان خلفاء علي دائي عادوا إلى المونديال في نسخة البرازيل 2014، وقدموا أداء جيداً رغم خروجهم من الدور الأول.

 

اشتياق للزعامة

وبعد أكثر من أربعة عقود على التتويج الأخير باللقب الآسيوي، يتوق الإيرانيون إلى استعادة الزعامة القارية التي ضاعت طوال أربعين عاماً على أبواب النهائي، ولا شك أن كيروش أعد العدة الملائمة لخوض النهائيات، وإذا كان علي دائي أحد رموز التهديف في البطولة لم يستطع بأهدافه قيادة الإيرانيين إلى منصة التتويج، فإن سردار أزمون رمز الجيل الحالي (23 سنة، 23 هدفاً، 57 مباراة دولية) والمحترف في روبن كازان الروسي سيقود الهجوم إلى جانب مهدي طارمي وكريم أنصار فرد، ومن ورائهم علي غولزاده (شارلوا البلجيكي) والمخضرم علي رضا جانبخش (برايتون) وفاهيد أميري (طرابزون) وأوميد إبراهيمي وسيد عزتلوهي وأشكان ديجاجاه، وفي الدفاع مجيد حسيني ومحمد رضا خانزاده وميلاد محمدي وصادق محرامي، وفي الحراسة يبقى الاعتماد على علي رضا بيرانفاند.

 

العراق: شيء من 2007

شكَّل تتويج المنتخب العراقي "أسود الرافدين" باللقب الآسيوي عام 2007 إحدى مفاجآت البطولات القارية والعالمية؛ ذلك أنَّ العراق كان يعيش ويلات الغزو الأمريكي، ومن الصعب التصور يومها أن يصل رفاق يونس محمود ونشأت أكرم إلى اللقب القاري، إلا أنهم فعلوها وتوجوا بالكأس الغالية للمرة الأولى ما وضع الأسود على خريطة الكبار بالقارة الصفراء، إلا أن الأمور لم تجرِ كما أحب العراقيون فوجدوا صعوبة بالغة بالحفاظ على اللقب، فسقطوا من ربع نهائي البطولة التالية، قبل أن يستردوا بعض التوهج من خلال نصف نهائي النسخة الفائتة، واليوم على أبواب نهائيات الإمارات 2019 يحدو العراقيين الأمل لمعاودة الكرّة، وربما تعود ذكريات 2007 لتتحول إلى مفاجأة جديدة تبعث فيهم الفرحة بعد ويلات الأحداث التي عاشتها البلاد طوال الفترة الماضية.

 

بسمة وسط الفاجعة

كان المنتخب العراقي من أوائل العرب الذين خاضوا النهائيات الآسيوية عندما تأهل إلى نهائيات النسخة الخامسة إلى جانب جاره الكويتي، لكنه فشل بتجاوز الدور الأول، ثم حلَّ رابعاً في النسخة التالية، وقد ترافقت تلك المشاركة بالانضمام إلى البطولة الخليجية التي شكلت منعطفاً مهماً، لكن الحرب مع إيران أبعدت أسود الرافدين عن البطولة القارية في أربع نسخ تالية.

العودة إلى المحفل الآسيوي جاء في بطولة الإمارات 1996، وخلال ثلاث مشاركات متتالية كانت مسيرته تنتهي عند ربع النهائي، وحملت مشاركة 2004 مع توابع الغزو الأمريكي وبوادر مستقبل واحد بفضل جيل شاب تمت العناية به جيداً؛ فشارك معظم أفراده بعد أسابيع قليلة في أولمبياد أثينا، وسجل أفضل نتيجة ببلوغه دور الأربعة، وحمل الفريق بقيادة نشأت أكرم ويونس محمود وقصي منير ونور صبري وسواهم نواة لفريق سيعوَّل عليه كما صرح رئيس الاتحاد العراقي (الهداف التاريخي حسين سعيد) يومها.

وفي كأس آسيا 2007، لم يُخيِّب هؤلاء آمال شعبهم الذي لم يستفق من آثار الغزو حتى دخل في أتون حرب داخلية؛ فقد استطاعوا تحت قيادة المدرب البرازيلي جورفان فييرا الارتقاء بمستواهم مباراة إثر أخرى، مع اتِّقاد روحهم الوطنية، وبلغوا النهائي عن جدارة، وهناك تفوقوا على الأخضر السعودي وفازوا بهدف كان كافياً لانفجار شلالات الفرح من البصرة وحتى أربيل، فأصبح جيل يونس محمود ورفاقه رمزاً للوحدة الوطنية.

 

تخبُّط فني

يُحسب لأسود الرافدين أنهم لم يغادروا البطولة الآسيوية منذ الدور الأول سوى في ظهورهم الأول، وعلى الرغم من عدم مقدرتهم على الاحتفاظ بلقبهم، إلا أنهم خرجوا من ربع نهائي 2011 بالترجيح فقط أمام أستراليا، وفي النسخة الأخيرة بلغوا نصف النهائي وهناك خسروا أمام الكنغارو ذاته ولكن بهدفين هذه المرة، ما حققه المنتخب في تلك البطولة جعل الحلم المونديالي يراود مخيلة أبناء العراق، إلا أن عدم الاستقرار على الصعيد الفني وتغيير المدربين أدى إلى نتائج مخيبة.

وفي الإمارات، ستكون القيادة الفنية للسلوفيني سيركو كاتانيتش المدرب السابق لمنتخبي سلوفينيا والإمارات، والذي لا يعدُّ غريباً عن أجواء الإمارات؛ حيث قاد الأبيض في الدوحة 2011، ويعتمد ابن الخامسة والخمسين على المدافع علي عدنان (أتلانتا)، وإلى جانبه حسام كاظم وروبين سولاقا وأحمد خلف، ومن ورائهم الحارس جلال حسن، وفي الوسط هناك المحترف في البرتغال أسامة رشيد، وأحمد ياسين (الخور القطري) وبشار ريسان (بيربوليس الإيراني)، وصفاء هادي، وفي الهجوم جاستن ميرام (كولومبوس الأميركي) والثلاثي المحلي: مازن فياض ومهند علي والموهبة الصاعدة محمد داود، وربما استدعى كاتانيتش علي بهجت والمخضرم علاء عبد الزهرة أو همام طارق.

 

اليمن يتنفس تحت النار

لم يَكُن أحد ليتصوَّر أن المنتخب اليمني سيكون في عداد المشاركين بالنهائيات الآسيوية بعد 40 عاماً على ظهور (اليمن الجنوبي) في البطولة للمرة الأولى والأخيرة، فهذا البلد المكنى بـ"السعيد" يعيش أياماً حالكة بسبب الحرب الدائرة فيه منذ سنوات، ما أجبر منتخبه الكروي على خوض استحقاقاته الدولية خارج البلاد، وعلى الرغم من ذلك فقد قادته الظروف إلى المركز الثاني في مجموعته، مستفيداً من نتائج الآخرين، ليجد نفسه مطالباً بالتعادل فقط في المباراة الأخيرة على أرضه (في قطر) ليقطع تذكرة الإمارات 2019، لكن لاعبيه الذين أرادوا توجيه رسالة فرحة لشعبهم المكلوم حققوا الفوز على نيبال بهدفين لهدف.

ورغم بعض المحاولات هنا وهناك، إلا أن الكرة اليمنية بقيت بعيدة كل البعد عن مستويات فرق المقدمة، حتى في محيطها (الخليجي) القريب أو العربي والآسيوي البعيد، ورغم ذلك نجد أن المنتخب الجنوبي الذي ظهر لاحقاً تمكن من حضور النهائيات الآسيوية في إيران عام 1976، من دون خوض التصفيات عقب انسحاب كل منافسيه عدا الكويتي الذي رافقه إلى تلك البطولة، وكان طبيعياً أن يخسر المنتخب مباراتيه أمام العراق، ثم أمام إيران، والأخيرة كانت مزعجة، فقد دخلت سجلات البطولة باعتبارها النتيجة الأعلى (صفر/8).

 

اليمن السعيد

على مدار ربع قرن من قيام دولة الوحدة (اليمن السعيد) الاسم المحبب لأبناء البلد، عاشت الكرة اليمنية جولات كبيرة، فباتت المشاركة في الاستحقاقات القارية العالمية أساسية منذ تصفيات مونديال 1994، لكن النتائج لم تقدم الجديد سوى في بعض النتائج الرقمية، وجاء الانضمام إلى كأس الخليج العربي منذ مطلع الألفية الثالثة ليزيد رقعة التراجع، حيث فشل الفريق الملقب ببني قحطان بتحقيق أي فوز حتى الآن بعد خوضه 27 مباراة.

وفي التصفيات المزدوجة للمونديال الفائت وكأس آسيا القادمة، جاءت النتائج منطقية وسط تخبط البلاد في الحرب الدائرة منذ سنوات، فكان الحلول بالمركز الأخير للمجموعة التي تأهل عنها الأوزبك، واحتاج إلى خوض ملحق للدخول بتصفيات الإمارات 2019، وبالفعل نجح الفريق بالفوز على المالديف مرتين، ليخوض منافسات المجموعة السادسة ومنها تأهل إلى النهائيات للمرة الأولى.

 

جدل ومدرب جديد

الفرحة بإنجاز التأهل عمت البلاد بكل الأطياف، وانهالت المكافآت على اللاعبين، إلا أن الشارع الكروي عبَّر عن عدم رضاه عن المدرب الإثيوبي صاحب الإنجاز، فكان أن رحل، ليقع مسؤولو الاتحاد في حيرة بحثاً عن البديل المناسب، وبعد محاولات كثيرة في اتجاهات عديدة يقع الاختيار على المدرب السلوفاكي يانكوسيان، وسيكون اعتماده في الإمارات على بعض اللاعبين المحترفين في أندية قطرية أمثال: محمد فؤاد عمر (الأهلي) وعمار حمصان (المرخية) محمد الساروري (الوكرة) وأحمد الحيفي (الخريطيات) وأيمن الهاجري وأحمد عبد الحكيم الساروري المحترف في البرازيل، وهو إحدى المواهب الصاعدة (20 عاماً، 18 مباراة دولية)، ومن المحليين عبد الواسع المطري (24 عاماً، 28 مباراة، 5 أهداف)، ومن المخضرمين علاء الصاسي (31 عاماً، 63 مباراة دولية، 8 أهداف).

 

فيتنام: مشاركة رابعة مع ذكريات قديمة جدًّا

كان منتخب فيتنام من أوائل المشاركين في الكأس الآسيوية يوم كانت فيتنام منقسمة بين شمال وجنوب؛ فمثلها أبناء الجنوب في النسختين الأولى والثانية، لكنهما كانتا وحيدتين في تاريخ البلاد التي قاومت الأمريكان في خضم الحرب الباردة، وغابت الكرة الفيتنامية طوال عقود لتعود مطلع التسعينيات، وفي أوائل الألفية الثالثة اخترع الاتحاد الآسيوي مسألة الاستضافة الرباعية في بطولة 2007، وكانت فيتنام «الموحدة» إحدى الدول المستضيفة، وفيها تجاوزت الدور الأول، وبعد 11 عاماً من تلك المشاركة التاريخية استطاع منتخب «التنانين الذهبية» بلوغ النهائيات للمرة الأولى مستفيداً من نظام التصفيات، ولا شك في أن تجربة الإمارات 2019 ستكون مفيدة على الصعد كافة على الطريق الصحيح.

وكان منتخب فيتنام الجنوبية من أوائل المشاركين بكأس آسيا، فظهر بأول نسختين، إلا أنه احتل المركز الأخير فيهما من دون تسجيل أي فوز في 6 مباريات، والنتيجة الإيجابية الوحيدة كانت تعادله مع صاحب الضيافة في البطولة الأولى.

 

فيتنام الموحدة

وفي منتصف السبعينيات، أُعلنت الوحدة بين الإقليمين الجنوبي والشمالي، إلا أن ذلك لم يكن فأل خير للكرة في فيتنام، التي تأخرت بالظهور كمنتخب موحد حتى عام 1991 بسبب الحرب الأهلية، وجاءت المشاركة الوحيدة واليتيمة في الكأس الآسيوية بفضل التنظيم المشترك لنسخة 2007، وبفضل فوز على الإمارات وتعادل مع قطر استطاع بلوغ الدور الثاني برفقة البطل الياباني، لكنه شكل صيداً سهلاً للعراقي، فخسر بهدفين أمام بطل تلك النسخة فيما بعد محققاً التأهل الوحيد لأربعة مضيفين في تلك البطولة.

 

طفرة جماعية

وفي العام التالي، توِّج المنتخب بلقب بطولة جنوب آسيا للمرة الأولى، وعاش بعدها أياماً عصيبة حتى بداية تصفيات مونديال 2018 وآسيا 2019، حيث حل بالمركز الثالث وراء جاره التايلاندي والعراق في الدور الثاني لإقصائيات روسيا جامعاً 7 نقاط فقط، فتأهل أوتوماتيكياً إلى التصفيات الآسيوية (الدور الثالث)، وأشرف عليه المدرب الياباني توشيا ميورا حتى الجولة الرابعة من تلك المرحلة، ليخلفه المدرب المحلي ناجين تيانج، وقد ترافقت التصفيات المزدوجة مع طفرة تاريخية للمنتخبات السنية، فتأهل منتخب الشباب إلى مونديال كوريا 2017، ونجح المنتخب الأولمبي ببلوغ نهائي بطولة آسيا تحت 23 عاماً في الصين الصيف الفائت، وهناك خسر أمام أوزبكستان بهدف.

 

كتيبة هانوي والفتى الذهبي

يدين الفيتناميون بالتأهل للمدرب المحلي نجوين هاو تانج الذي خاض الفريق في بدء التصفيات النهائية، لكنه ترك المهمة في وقت عصيب، وخلفه المواطن ماي دوك شانج مؤقتاً قبل التعاقد مع الكوري الجنوبي بارك هانغ سيو، ورغم تعادل التنانين الذهبية مرتين في نهاية التصفيات، إلا أنهما كانا كافيين لحجز بطاقة النهائيات.

ومن حسن حظ سيو أن لاعباً صاعداً يدعى نجوين كون هاي سيقود الفريق في الإمارات، وهذا اللاعب البالغ من العمر 20 عاماً تألق بشدة في بطولة آسيا تحت 23 عاماً، وصعد به إلى المباراة النهائية، وسجل يومها 5 أهداف وضعته في مقدمة نجوم تلك البطولة.

وإلى جانب الموهبة الصاعدة، هناك أحد عشر لاعباً من نادي هانوي يمثلون عماد التنانين في الإمارات؛ أبرزهم: ثلاثي خط الدفاع بو دوي مانه وبوان فان هاو ودان ترينه ترونج، والمهاجم نجوين فان كويت، وثنائي خط الوسط فام دوك هوي ودو هونج دونج.

تعليق عبر الفيس بوك