الحكومة تواصل تنفيذ المشروعات التنموية لتحقيق الرخاء المعيشي

"ميزانية 2019".. الإنفاق على التعليم والصحة والطرق بالصدارة مع استمرار خطط "التنويع"

 

نجاح جهود خفض العجز بفضل خطط الاستدامة المالية وترشيد الإنفاق

◄ 666 مليون ريال للقطاع الصحي.. ومشاريع استراتيجية للارتقاء بالخدمات

◄ 3.7 مليار ريال مخصصة لأجور موظفي الدولة

 

الرؤية - نجلاء عبدالعال

تسعى الحكومة الرشيدة كل عام لوضع ميزانية عامة للدولة تضمن حصول كل مواطن على نصيبه من الخدمات والتنمية في أشكال عدة، سواء كانت رواتب للموظفين الحكوميين أو مشروعات طرق وبنية أساسية أو إنفاق على قطاعات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية، وكلها جهود مقدرة يجني ثمارها المواطن.

ودائما ما تضع الجهات المسؤولة عن وضع الميزانية العامة، نصب أعينها كيفية دعم السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تسعى إلى تحقيق الرخاء المعيشي للمواطن، وتضمن النمو الاقتصادي، مع تطبيق فقه الأولويات والضروريات، وهو ما يتجلى في ميزانية 2019؛ حيث وضعت الحكومة خططا لتنفيذ العديد من المشروعات التنموية والاستثمارية، دون إغفال جهود ترشيد الإنفاق والتريث في تنفيذ المشروعات غير الملحة، وهي خطوات تضمن السيطرة على العجز في إطار خطط تقليصه.

 

والميزانية بشكل عام تستهدف المواطن، وبنود الإنفاق جميعها تعود بالنفع على المواطن، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ولذلك فعند النظر إلى إجمالي الإنفاق المقدر بـ12.9 مليار ريال، تتضح الزيادة التي تحققت مقارنة بالعام الماضي، وتكشف أيضا المهام والمسؤوليات الكبرى التي تبذلها مؤسسات الدولة لتنفيذ المشاريع وإدارة شوؤن البلاد، من خدمات وتعليم وصحة ورعاية وغيرها الكثير.

 

مسارات الإنفاق

وكل هذه الخدمات بمختلف أنواعها وعلى رأسها جهود حفظ الأمن واستقرار الوطن، بجانب العلاج والتعليم والطرق والكهرباء والمياه والمطارات والمصانع وغيرها، هي ما ستنفق عليه الحكومة خلال السنة المالية الجارية 12.9 مليار ريال. وينقسم هذا الإنفاق بحسب الجداول والرسومات التوضيحية إلى بنود مصروفات جارية ورأسمالية وإنمائية، وهي بنود ومصارف تضمن ديمومة الخدمات وتعزيز النمو الاقتصادي. لكن إذا كنا نتحدث عن حجم العائدات على المواطن، فلابد أن نحسب ما سيُنفق على قطاعي النفط والغاز من استثمارات ومن مصاريف تشغيلية أيضًا، وهنا يدرك المواطن أنّه في حالة حصوله على نصيبه من الإنفاق العام نقدا، سيتعين عليه أن يخصص مبالغ للإنفاق على الاستثمار والمشاريع الإنمائية، بجانب ما سينفقه على ما يريد الحصول عليه من خدمات مختلفة. وما تعتمده الميزانية العامة لبند الإنفاق على المشاريع الإنمائية خلال العام الجاري يبلغ 1.2 مليار ريال، وهو مبلغ في الأغلب الأعم سيزيد عن ذلك كثيرا، خاصة أنّ الإنفاق الفعلي على المشاريع الإنمائية خلال العام الماضي تخطى 5 مليارات ريال.

وتتمثل أولى وأهم الخدمات التي تضعها الحكومة كأولوية إنفاق في توفير التعليم للمواطنين، وهو ما سيمكنها من تحقيق مستقبل أكثر تطورا مع استدامة اجتماعية واقتصادية. ولتوفير خدمات التعليم بمختلف أشكاله وما يضمه من تعليم أساسي أو عالٍ فإنّ الحكومة ستخصص مبلغ 1.6 مليار ريال لإنفاقه على القطاع خلال العام كمصروفات جارية واستثمارية.

الخدمات الصحية

ولا يختلف الحال كثيرا في قطاع الصحة، فالجهود الحكومية الحالية تشير إلى الدور الرائد للحكومة في إنفاق مليارات الريالات سنويا على بناء المستشفيات وتجهيزها بالمعدات الصحية وتوفير الأدوية ودفع أجور الأطباء وطواقم التمريض وكلفة الكهرباء المتوفرة في المستشفيات وغيرها. وفي ظل ما شهده القطاع الصحي من تطور ونمو وتقدم خلال سنوات النهضة المباركة، كشفت الميزانية العامة للدولة لعام 2019 أنّ الإنفاق الحكومي على الصحة سيصل إلى 666 مليون ريال، ويتضمن ذلك حزمة من المشروعات الواعدة، وقد أوضح بيان الميزانية أنّ العمل جارٍ على تنفيذ واستكمال عدد من المشاريع الاستراتيجية منها إنشاء مستشفى السلطان قابوس في صلالة، ومستشفى خصب، ومستشفى السويق، إضافة إلى استكمال بناء عدد من المراكز الصحية في بعض ولايات السلطنة.

وفيما يتعلق بقطاع الإسكان، فإنّ ما تحقق من منجزات نهضوية خلال ما يقترب من 5 عقود، أسهم في تحقيق طفرة عمرانية غير مسبوقة بالبلاد، ونججت الحكومة في شق الطرق وتمهيد الأراضي للبناء، حتى في المناطق الجبلية، علاوة على توصيل الخدمات إلى التجمعات العمرانية بمختلف أنواعها ومواقعها، حتى في أعالي وقمم الجبال (الجبل الأخضروجبل شمس). ولذلك خصصت الميزانية الجديدة 450 مليون ريال لبند الإنفاق على الإسكان.

قائمة الخدمات التي تقدمها الحكومة طويلة، فمثلا هناك 94 مليون ريال مخصصة للإنفاق على خدمات الصرف الصحي، ونحو 40 مليون ريال لإدارة النفايات.

وفي مقابل هذه الخدمات المقدمة والمشاريع التنموية والاستثمارية التي يجري تنفيذها، يحصل عدد من المواطنين على أجور شهرية مقابل استمرار سيرورة العمل، ولذلك تخصص الحكومة بندا كبيرا للرواتب من أجل منح الموظفين أجورهم الشهرية ومستحقاتهم الوظيفية، نظير ما يبذلونه من جهود، وقد خصصت الميزانية 3.7 مليار ريال نفقات على الأجور والرواتب للعاملين في الدولة، وهو ما يمثل نحو 77% من إجمالي المعتمد للمصروفات الجارية والإنمائية للوزارات والجهات المدنية الحكومية، وهي مليارات يتم إعادة ضخها في المنظومة الاقتصادية، سواء عبر عمليات شراء سلع أو عقارات أو غيرها من أوجه الإنفاق أو الادخار.

وفيما يتعلق بما تجنيه الدولة من إيرادات، فإنّ الجهود الحكومية تتواصل من أجل تنفيذ المزيد من الإجراءات لضمان تنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية، والتي تشهد تذبذبات بسبب العديد من العوامل الخارجية التي تؤثر على المنتجين والأسواق العالمية.

وتنويع مصادر الدخل يعني مزيدا من الإنفاق على مشروعات تسهل تحقيق هذا الدخل في القطاعات المختلفة، وهذا ما أكدت عليه ميزانية العام الجاري، والتي أكدت على مواصلة السعي لإنجاز مشاريع التنويع الاقتصاد والتركيز على ما يمكن الشراكة مع القطاع الخاص فيه. وقد تضمّنت ميزانية عام 2019 المخصصات المُقرة للقطاعات الخمسة المستهدفة ضمن البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي "تنفيذ" والمُتمثلة في قطاع الصناعات التحويلية، وقطاع الخدمات اللوجستية، وقطاع السياحة، وقطاع الثروة السمكية، وقطاع التعدين. ويعول في هذا البرنامج على القطاع الخاص بشكل أساسي لتوفير التمويل والاستثمارات المطلوبة للمشاريع المستهدفة في هذا البرنامج، وتأتي مساهمة الحكومة- إضافة إلى توفير التمويل لبعض المشاريع الأساسية- من خلال تسهيل الإجراءات والعمل على تحسين بيئة الأعمال وتقديم الدعم والمساندة لهذه القطاعات.

إلى جانب الإجراءات المالية المتخذة لمواجهة عجز الميزانية وضبط الأوضاع المالية، ولذا أعلنت الحكومة اتخاذ عدد من الإجراءات في جانبي الإيرادات والإنفاق بهدف تحقيق الاستدامة المالية، وسوف تستمر خلال عام 2019م في الاهتمام بهذه الجوانب ومراقبة أدائها مع مراعاة سياسة التدرج في تطبيق هذه الإجراءات لتفادي أية تبعات حادة سواءً كانت اقتصادية أم اجتماعية. وستعمل الحكومة على تنشيط الإيرادات غير النفطية، والاستمرار في الجهود المبذولة لرفع كفاءة تحصيل الضرائب وتفعيل الرقابة والمتابعة، وتطبيق الضريبة الانتقائية على بعض السلع الخاصة، وتعديل الضوابط المطبقة للإعفاءات من الضريبة الجمركية، وتعديل ضوابط تخصيص الأراضي (التجارية والسياحية والصناعية والزراعية)، وتطبيق الرسوم المعدلة للخدمات البلدية.

ويشار هنا إلى أن إيرادات الضرائب والرسوم على الشركات تبلغ 500 مليون ريال، ورسوم الترخيص والاستقدام تبلغ 287 مليون ريال، أما الضريبة الجمركية فتصل إيراداتها إلى 250 مليون ريال، بجانب إيرادات بيع الخدمات، منها 84 مليون ريال من بيع المياه، و75 مليون ريال إيرادات المطار، و625 مليون ريال من وزارة المالية، و490 مليون ريال من شرطة عمان السلطانية، و288 مليون ريال من وزارة القوى العاملة، فيما من المقدر أن يحقق قطاع النقل والاتصالات ويشمل الوزارة وهيئة تنظيم الاتصالات والهيئة العامة للطيران المدني إيرادات بنحو 210 ملايين ريال. فضلا عن الإيرادات الرأسمالية مثل بيع أراضي حكومية بإيرادات تقدر بـ16 مليون ريال، وبيع استثمارات في هيئات ومؤسسات عامة بإيرادات محتملة بـ120 مليون.

تعليق عبر الفيس بوك