مفيد خنسة | سوريا
رئيس تحرير سابق - صحيفة (الثورة) السورية
الشاعر العربي الكبير عبد الوهاب البياتي يعتبر واحدا من ثالوث شعري عربي مؤسس للحداثة الشعرية العربية. وقد تباينت وجهات نظر النقد العربي في تصنيف رواد الشعر الحديث، لكن يُجمع النقاد على أن البياتي من أهم رواد القصيدة الحديثة مع السياب ونازك الملائكة ومن الواجب ذكر الشاعر العراقي الكبير الراحل بلند الحيدري الذي كان معاصرا لهم.
وكانت مجموعته الشعرية الأولى كما ذكر لي في حوار طويل كانت بعنوان (خفقة الطين) والتي تعبر قصائدها من بواكير القصيدة الحديثة.
وحين كنا نجتمع في دمشق مع الكتاب العرب المقيمين والوافدين كنت دائما أطمئن عن البياتي وأسأل عنه حين كان مقيما في عاصمة الشقيقة المملكة الأردنيه وبوجه خاص الشاعر الصديق محمد مظلوم، وكنت أطلب منه ومن الأصدقاء أن يبلغوا البياتي رغبتي ورغبة الزملاء الأدباء في دعوته لزيارة دمشق. وكنت على يقين أنه حين يأتي إلى دمشق سيلاقي حسن الاستقبال وحسن الضيافة.
وذات يوم والوقت في منتصف التسعينيات من القرن الماضي هاتفني الشاعر العراقي المقيم في سورية محمد المظلوم وأخبرني أن البياتي جاء إلى دمشق. وكنت آنذاك رئيسا للقسم الثقافي في صحيفة الثورة السورية. وعلى الفور قمت بزيارته وقضينا نهارا كاملا معا. زرنا خلالها مصايف بلودان والزبداني والفيجة وحاولت بإمكاناتي المتواضعة أن أحتفل بهذه القامة الشعرية الكبيرة. وكانت بداية الصداقة التي جمعتني به. ويمكنني أن أوجز أهم سمات هذه الشخصية المميزه .
ا - البياتي شخصية متحررة، ينحاز إلى الوجود الإنساني كقيمة كبرى بغض النظر عن الانتماءات.
2 - البياتي شخصية تؤمن بوحدة الوجود، ومتأثر جدا بالشيخ الكبير محيي الدين ابن عربي.
3 - البياتي شخصية ثائرة ويؤمن بالحرية كشرط أساسي للإبداع. ولذلك تراه رافضا للتقليدي والسائد في المجتمع في المناحي كافة.
4 - البياتي شخصيه ساخرة. وأقرب إلى العبثية عموما.
5 - البياتي في الشعر لم يصف جديدا في أشعاره الأخيرة، وقد استمر في كتابة الشعر بالنمط الكلاسيكي، محافظا على الموسيقى الخليلية بتنويعاتها المعروفة.
بقي أن أضيف ما قاله لي عن وصيته: ( بأن يدفن إلى جوار قبر محيي الدين ابن عربي) في دمشق في الحي الذي يحمل اسمه (الشيخ محيي الدين) وكنت أول من يتلقى الوصية وينشرها.. وتوفي البياتي في دمشق ونُفِّذت وصيته ودفن إلى جوار من أحب، رحمة الله عليهما.