دعوات لـ"تجميد أو إلغاء" ضريبة الـ10% على "توزيعات أرباح الأسهم".. وخبراء: تضر بجهود جذب الاستثمارات الأجنبية

 

المرهون: تأثيرات إيجابية متوقعة في حال إلغاء القرار

الشنفري: التراجع عن القرار يستلزم دراسة جادة حفاظا على ثقة المستثمرين

بطاينة: الإلغاء أفضل من التجميد لاستعادة الاستثمار الأجنبي

سلمان: تأثير القرار طال الشركات العمانية.. وجاذبية السوق على المحك

 

الرؤية – نجلاء عبدالعال

بعد أكثر من عام ونصف العام على التعديلات التي أدخلت على النظام الضريبي بفرض 10% ضريبة من إجمالي المبلغ المدفوع للشخص الأجنبي - الذي لا يمارس النشاط في عُمان عن طريق منشأة مستقرة بالسلطنة- على بعض أنواع الدخول التي تتحقق في عمان وتشمل الإتاوات، وأتعاب الإدارة، وإجراء البحوث والتطوير واستخدام برامج الحاسب الآلي، تلوح في الأفق بعض تأثيرات القرار على سوق مسقط للأوراق المالية، ما قد يستدعى العمل على إعادة النظر في القرار، حيث علمت "الرؤية" بوجود توجه جديد للنظر في تجميد القرار لفترة معينة.

 

وقد جاء في شرح الأمانة العامة للضرائب للتعديلات التي أدخلت في فبراير من العام الماضي أن هذا النوع من الضرائب يأتي "عملاً بما هو متبع في الأنظمة الضريبية المتقدمة ومن باب العدالة في المعاملة الضريبية للمبالغ التي تعتبر من قبيل الدخل لأغراض تطبيق أحكام قانون ضريبة الدخل، وحفاظاً على حقوق الخزانة العامة للدولة" حيث تضمنت التعديلات توسيع الوعاء الضريبي الذي يخضع لضريبة الخصم من المنبع ليشمل، إضافة إلى ما هو مطبق وقتها، "المبالغ المدفوعة للشخص الأجنبي لكل من توزيعات أرباح الأسهم والفوائد والمبالغ نظير أية خدمات مؤداة في السلطنة، على أن يشمل نطاق الخضوع كذلك المبالغ المدفوعة من قبل الحكومة (التي كانت خارج نطاق الخضوع للضريبة)، وذلك "دون الإخلال بأي نسب مغايرة تم الاتفاق عليها بين السلطنة والدول الأخرى بموجب الاتفاقيات الثنائية لتجنب الازدواج الضريبي الدولي المبرمة مع تلك الدول لكون النسب والأحكام الواردة بالاتفاقيات هي الواجبة التطبيق في هذه الحالة".   

وحول التأثيرات الناتجة عن تطبيق القرار والآلية الأفضل لمعالجة الوضع، استطلعت "الرؤية" آراء عدد من المختصين، وقال أحمد بن صالح المرهون مدير عام سوق المال إنَّ القرار كان له تأثير سلبي على الاستثمارات الأجنبية بالسوق، خاصة وأن دول المنطقة لا يوجد فيها مثل هذه الضريبة على أرباح الاستثمارات، وأشار إلى أنَّ هناك ما يتردد حول إعادة النظر في القرار وإمكانية تجميده، مشيرًا إلى أنَّ السوق لم يتلق حتى الآن ما يفيد تجميد القرار أو إلغائه، مضيفًا أنه لو حدث ذلك فإنه بالتأكيد سيحدث تأثير إيجابي قوي في السوق.  

وقال الدكتور حاتم بن بخيت الشنفري الأستاذ المساعد بكلية الاقتصاد بجامعة السلطان قابوس إنه لتقييم القرار لابد من توفر معلومات حول حجم العوائد المالية على الدولة من هذه الضريبة، وحجم التأثير على الاستثمار في سوق الأسهم، لافتاً إلى أن هذه المعلومات غير متوفرة لديه حتى الآن، أما الجانب الثاني وهو تأثير القرار فإنِّه بكل تأكيد كان له عامل سلبي على نفسية المستثمرين، وخلق نوعاً من عدم الاستقرار بالنسبة للنظر للاستثمار للمستقبل في عمان، وهذا التأثير لن يقل ضرره خلال فترة قليلة لأنه سيظل مثل الهاجس المعشعش في رؤوس المستثمرين.

وحول إمكانية تدارك الأثر السلبي، قال الدكتور حاتم: الإشكالية في أن القرار تزامن تطبيقه مع نزول في السوق، ومن المعروف أنه مع كل نزول في السوق يكون تركيز المستثمر على كيفية تعويض خسارته، فإذا كان السوق منتعشاً والأرباح جيدة يصبح فرض ضريبة أخف إلى حد ما، لكن مع تراجع في السوق وزيادة في المخاطر فإنَّ المستثمر عادة يطلب عائداً أعلى، أما أن يكون العائد قليل والمخاطر أعلى ومع ذلك يكون عليه دفع ضريبة فإنّه بلا شك سيكون من حقه مراجعة جدوى استثماره.

ولفت الشنفري إلى أنَّ ضريبة الـ10% لم تكن فقط على توزيعات أرباح الأسهم في السوق لكنها شملت بعض القطاعات الأخرى، والملاحظ أنه لم يكن هناك توضيح كبير لتفاصيل القرار والفئات المستثناة وغيرها، لكن من مجرد صدور القرار واحتوائه على ضريبة على الاستثمار الأجنبي في نفس المجال الذي لا تفرض فيه ضريبة على الاستثمارات الأخرى سواء وطنية محلية أو خليجية فإنها تخلق تأثيرا غير جيد، ولا يعطي التحفيز اللازم لجذب الاستثمارات الأجنبية الذي ترغب كل الدول فيه.

وللدكتور حاتم رأي في مُعالجة القرار، موضحاً أن إلغاء قرار ما أو التراجع عنه لابد أن تسبقه دراسة متعمقة حتى لا يؤدي إلى وجود سلبيات أخرى؛ موضحًا أنه أحيانا إذا صدر قرار وأحدث ضرراً ما فإنَّ طريقة المعالجة بإلغاء القرار بدون مقدمات تخلِّف عدم ثقة في آلية دراسة القرارات، فإذا كان الضرر قد وقع فإنَّ المهم الدراسة الجيدة للخروج منه بدون "فترة عدم يقين" التي يتردد خلالها أن القرار قد يلغى أو يجمد، فإذا تقرر وفقاً لدراسة جيدة أن القرار غير صائب فلا يجب التردد في اتخاذ قرار بوقفه أو إلغائه، وفي حال وجدت الدراسة أنَّ القرار نتائجه الإيجابية مهمة فإنه لابد من التمسك به حتى وإن كان هناك عدم تقبل له، وقال أحيانا تكون هناك قرارات لا تبدو "مريحة" للبعض لكن لابد من اتخاذها وفي هذه الحالة لابد من تنفيذ القرار والتَّمسك به طالما أنه لم يصدر بطريقة ارتجالية وبينت الدراسات أهميته وأهمية بقائه. 

وقال لؤي بطاينة الرئيس التنفيذي لشركة أوبار كابيتال للأسواق المالية إنَّ هذه الأرباح تعرضت بالفعل لخصم الضريبة، حيث إن كل شركة مساهمة عامة يجري اقتطاع 15% منها قبل احتساب توزيعات لأرباح للمساهمين، لذلك فإن ضريبة على توزيعات الأرباح للمساهمين الأجانب يعني أنه يتم دفع الضريبة بالنسبة لمساهمتهم مرتين، كذلك فإنَّ هذه الضريبة تمثل عدم معاملة بالمثل مع المساهمين الآخرين من العمانيين، كذلك فإنَّ المستثمر الأجنبي بدأ يدرس جاذبية السوق العمانية مقارنة بالأسواق الأخرى، ونجد أن جميع أسواق المنطقة لا تطبق ضرائب على توزيعات الأرباح، وبالتالي أحد عناصر جاذبية السوق وهي التوزيعات النقدية الجيدة ستفقد، وعمليًا فالاقتصاد بحاجة للاستثمارات من خارج عمان في سوق مسقط، وخروج أية استثمارات لا أعتقد أنَّه يوازي قيمة العوائد من الضريبة التي تمَّ فرضها.

وأوضح بطاينة أن كثيرا من المخاوف التي طرحت عند الإعلان عن تطبيق الضريبة وقعت بالفعل وظهر تأثيرها في سوق مسقط على مدى 18 شهرًا الماضية؛ على سبيل المثال تعديل سياسات بعض الشركات توزيع الأرباح واستبدال التوزيعات النقدية بتوزيعات سهمية بحيث لا تكون خاضعة لضريبة الدخل، وأكد أنه بالرغم من أنَّ ذلك أدى إلى زيادة أعداد الأسهم المعروضة وزيادة سيولتها، إلا أنّه شكل أيضا ضغوطا على أسعار هذه الأسهم، وتراجع أسعار بعض الأسهم، كذلك فإنَّ استبدال التوزيعات النقدية بتوزيعات سهمية سيؤدي إلى الضغط بشكل كبير على معدل الربحية للسهم الواحد.

وقال بطاينة إنه يُمكن أن نلحظ أيضًا تزايد مبيعات المستثمرين غير العمانيين وانتقالهم لأسواق ومناطق أكثر جاذبية للاستثمار من حيث النمو والربحية ومعدلات الضرائب، وهو ما يظهر أكثر في مبيعات الاستثمار غير العماني مؤخرًا التي شهدناها خلال الأشهر السابقة وكان أحد أسبابه بالتأكيد هو القرار وكان أيضًا أحد مسببات هبوط المؤشر العام ومستويات الشراء ومستويات الأسعار.

ويرى خبير الأسواق المالية أن تجميد القرار أو الوقف المؤقت لتطبيقه لن يكون له أي تأثير على المستثمر لكن التأثير سيكون إذا أعلن الإلغاء الكامل للقرار، مؤكدا أنّ هذا من شأنه أن يقوي الثقة من جانب المستثمرين في السوق لكن التجميد أو الوقف المؤقت سيبقي حالة عدم الثقة والتوقع أن يتم استئناف الضريبة في أي وقت ومن جانبه قال مصطفى أحمد سلمان الرئيس التنفيذي بشركة المتحدة للأوراق المالية إنَّ الحل الأمثل لهذا القرار هو الإلغاء، مشيرا إلى أنَّ الشركات والمؤسسات العمانية تأثرت بهذا القرار بطريقة غير مباشرة لأن القرار يتضمن فرض ضريبة بواقع 10% من إجمالي المبلغ المدفوع للشخص الأجنبي (الذي لا يُمارس النشاط في السلطنة عن طريق منشأة مستقرة فيها) ، وذلك على بعض أنواع الدخول التي تتحقق في عمان وتشمل الأتاوات، وأتعاب الإدارة، وإجراء البحوث والتطوير واستخدام برامج الحاسب الآلي، ويشير إلى أنه من الناحية النظرية يفترض أن تخصم الشركة العمانية قيمة 10% المطلوبة من المنبع قبل أن تدفع للشركة الأجنبية لكن الواقع الفعلي أن الشركة العمانية تتحمل هذه النسبة لأنَّ الشركات العالمية التي تقدم الخدمة لديها التزاماتها ضريبية في بلادها ولا تقبل دفع ضريبة أخرى.

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك