وحدَك تضيء عتمتَك


سمر محفوض | دمشق

أعرفُه ليلَ تشرينَ المتردِّد َطاحونةَ ذكرياتٍ وحكايا
عابرون يسحبون الظلالَ من الأحجاروالزوايا
صريرُ بابٍ عتيقٍ يمررُ الغرباءَ والخوفَ
واحتكاكَ الظلالِ بالظلال
خائفٌ قلبي في وصفِ هذا الشوقِ كترجمةٍ سيئةٍ
لحكمةٍ شعبيةٍ في منفى
خائفٌ كما
نايٌ أخيرٌ بدمشق
يطرزُ الكلام.
*
يهاجر الآن أنبياؤك يا قلبُ
كان الوقتُ شتاءً كما ينبغي للشتاء
وعشرُ سمواتٍ تقعُ في حبِّ من غابَ
الضباب رسول سماء البعيد
وتشرينُ يسرحُ أقمارَه للريح..
*

سألملم أجنحتي من لحظٍة تربكُني كفراشةٍ
تسعى إلى روحِها
في وترٌ يكتبُ على حائطِ الشفاعات
لا شريكَ لك بالحزنِ
والحزنُ بالعدوى أيتها البلاد
التي تفرفطُ ألواحَها العتيقة
وتلوذُ باحتدامِ الضلالاتِ
التي أغوت وأبكتِ اللغةَ والمجاز,
بين جذرٍ ومد...

*
أهشُّ على صورتي المشوَّشةِ
واستعصي على الفهم
ابتسامتَك وتنافري
وسمواتٍ عشراً في زحامِ الألوانِ المخاتلة.

*
يا ربُّ لا تخشى علينا هذا اليتمَ والوصايا العسر,
يا ربُّ
هل نستحقُّ كلَّ ذاك الغموضَ المقدر.
 
*
وأنت وحدَك يا قلبُ تضيء عتمتَك
مدركاً أن الشمعةَ الأخيرةَ لديك
لا تكفي ليلاً أقلَّ من كفافِ القلق ,
وحدَك تمضغُ الكلامَ والرغبةَ الوحيدةَ المتاحةَ
بين جدارك و الرخام.
*
تمسك بالدخان أيها الجسدُ الآيلُ للصمود
كن طيبَ الرجاءِ في موتِك الشهم
عناقٌ قصيرٌ على باب الخراب
وسؤالٌ غامضٌ عن وجودٍ غامضٍ
ثم امضِ بشرودٍ مستفيض
أسفي عليَّ في مستهلِّ النبيذ
وقد أضاءَ بذاتِه الدخان
*
لا شيء في اليقين إلا تشابهَ الغامضِ بين صفاته
لا شيء هنا الآن رعشةٌ تنهارُ
إلى منتهاها فلنمضِ.
*
دع ذهولَك الناضجَ على حافةِ الوقت
وتعال للنسيان يأخذُ المعنى والرحابةَ
ورجعَ الصدى وتلاوةً أولى للعنب
ثم يتلاشى بأبهة الفناءِ البسيط.
 
*
يا لقساوةِ العتمِ يرتبُّ ليلَه
حتى بابِ النومِ في صدرِ عاشقٍ أعزلَ
يعلق على جدارِ الأرض..
صورا وبيوتا بشبابيكِ وأطفالٍ وضحكاتٍ بدينة
ثم ينطفئ وسطَ الزحام.
 
*
وأمي التي كانت تلم قشطة نعاسنا
عن حليبها ثم تئن من فرط الأدعيات
 وهي تسرح  غزالات وحشتها في عشب طفولتنا
*

يا أمُّ
لو نيزكٌ يتورطُ في حماقةِ الاشتعال
لم أكن احتاج كلَّ هذا الصبرِ يا أم
لم أكن احتاج عمري
هبي لي جناحاتي القديمةَ المخبئةَ لديك
لأنقي الماءَ عني والتمنيات,

*
وحدي ودون جدوى
أمشي ويمشي
الذين سحبوا خلفَهم كلَّ تلك الأرضَ
وبقيت أنا بالفراغ المعلقِ وحدي.

*
على صحوُ عذب وسماءِ منهمكةِ
 فتحً رئته الصمت
 ليقطفَ من المقاعدِ الخاويةِ شهقة
  وحصى في آن واحد ،تاركا لأقدامنا
حرية الهرب يصل إلى بوابته الضخمة
في انكسارِ موجٍ يحتضر,

*
وجهان للموتِ نحن وللحطامِ يا خطايانا البسيطةِ
أخرجنا عن طورِك أيها الأبدُ المبددُ
أيها الموتُ الجماعيُّ أيتها البلاد.
 فأنا أولد الآن نصفي جثةُ عصافيرَ للعدم,
ونصفي شجر يمضغ الزقزقات.
*

في فمي أغنية جافة تعيد السؤال
 من شكه إلى رحم الأزل المبجل ،
*

محصيا شهقاته
لم يقل شيئا ,لوى قلبه وغاب..
محققا خسارته الظافرة
هذا الهوى يرتل
لا احد يحاسب على النوايا
 و أنا شجرة النسيان العالقة في اللاشيء.

 

تعليق عبر الفيس بوك