عصر الفيزياء الرقمية

راشد بن حمد بن عامر المسروري

لم تكن الفيزياء ذات يوم جزءًا من الخيال أو محدودة المجال لكنها كانت وما زالت جزءًا لا يتجزأ من الكون فسُخرت الفيزياء منذ البداية لتكون أساس تركيبة الكون والكواكب وكل في مساره الثابت دون خطأ متوقع أو تدخل بشري بينها، فهي تعمل على مدار الساعة دون الحاجة إلى الوقود الحيوي أو النووي أو الطاقة الكهربائية.

سريعاً ما انتقلت الفيزياء من الفضاء الكوني إلى أرض الواقع فأصبحت العمليات الفيزيائية المعقدة والتجارب تتطور يوماً بعد يوم مع حاجة الإنسان إلى خلق حلول جديدة تساهم في خدمته للعيش في ظروف معيشية أكثر سهولة وقرباً من بعضها البعض، إذاً اختصارا يمكن تعريف الثورة الصناعية الرابعة بأنها عصر جديد من الصناعات والابتكارات مدمجة بالعمليات الفيزيائية لتكون محاكية لما يفعله الإنسان أو ما يُعرف بالذكاء الاصطناعي، سواء كان مجالاً طبياً أو صناعياً أو زراعياً أو أمنياً، فعصر الروبوتات الذي بدأ بالانتشار في السنوات الأخيرة هو جزء من هذه الثورة الصناعية التي تحولت من حقول التجارب إلى الواقع مما سيسهل للعديد من الخدمات الحالية وسيلغي أخرى.

 

إذاً الحديث المهم والأكثر تركيزاً أن هذه الفيزياء لم تأتِ بخير مثلما يُتداول عنها، وأتت في وقت لتلغي جملة من الوظائف في ظل شِحها دون الالتفات إلى الإيجابيات التي ستوفرها الثورة الصناعية الرابعة أو ما يسمى بعصر الفيزياء الرقمية حيث إنَّ الفجوة السلبية التي ستتركها هذه الثورة في نفوس الباحثين عن عمل ستكون نسبتها مقلقة خاصة وأننا لسنا من دول العالم المتقدم التي تقوم بالصناعات والابتكارات لتحتضن هذه النسبة المتزايده سنة بعد أخرى.

إذاً مع جملة الإيجابيات المنتظرة والحلول المتطورة القادمة علينا استغلال الثورة الصناعية الرابعة الاستغلال الأمثل ومعالجة مشكلة الوظائف المنتظرة من خلال عدة روابط رئيسية أهمها إنشاء ما يعرف بالاقتصاد المعرفي والذي يقوم بتحويل المعرفة إلى ثروة تفوق قيمتها في معظم الأحيان قيمة الثروات الطبيعية، من خلال تطويع وتوظيف المعرفة وتكنولوجيا المعلومات في تقديم منتجات أو خدمات متميزة ومبتكرة.

صافرة الانطلاق للثورة الصناعية الرابعة لم تطلق بعد بشكلها الرسمي والوقت ما زال في صفنا والجاهزية التامة موجودة إذ تنقصها الطاقة البشرية الكافية، فالبيئات الحاضنة ومراكز الابتكار أصبحت متوفرة في بلدنا الحبيب لكنها مرتبطة بجملة شروط تجعل الانتساب لهذه الحاضنات ليس سريعاً بسبب القائمة الطويلة والضوابط التي تجعل الإقبال على الحاضنات ليست مرنًا.

 

إن أحد حلول مواكبة الثورة الصناعية الرابعة هو متابعة خطط التعمين التي تشرف عليها الحكومة في المؤسسات الحكومية والخاصة وهذا أمر مهم جداً لمواجهة عاصفة التغيير القادمة وأيضاً تقبل ظروف الباحثين عن العمل ليكونوا في مقدمة الصفوف لمواجهة هذه المتغيرات دون الإضرار بالمصالح التجارية والقانونية والتشريعية من جراءعملية التعمين المنشودة، ختاماً إن بناء الطاقات البشرية ليس بالأمر السهل فالجميع مطالب كباحثين عن عمل وكعاملين أن يقدموا المبادرات ويبدوا الرغبة في العمل الصحيح لتصحيح المسار وأن يُوكل لهم دفع عجلة التنمية إلى الأمام وعدم الاعتماد على الوظائف الموجودة التي شارفت على الانتهاء.

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك