يدعو لانفتاح العلوم الإنسانية على بعضها وتطوير العقل المصري:

القاهرة تستضيف الملتقى الدولي الأول للتراث الثقافي

...
...
...

القاهرة: حسين أحمد


تحت عنوان: "الأدب الشعبى والدراسات البينية"، "دورة نبيلة إبراهيم" كانت الدورة الأولى للملتقى الدولي للتراث الثقافي بالمجلس الأعلى للثقافة في الثالث والعشرين من أكتوبر بكلية آداب جامعة القاهرة، وشاركت فيه 9 دول عربية وأجنبية، ألقى الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس الجامعة، كلمة الافتتاح، وجاء فيها: إن الدراسات البينية مسألة بالغة الأهمية للتحول لجامعة الجيل الثالث، حيث الاعتماد على التخصصات البينية لتميز عصرنا الحالي بانفتاح العلوم وتضافرها، مضيفا: تأتي أهمية التراث الشعبي في أنه يعبرعن المخزون النفسي والاجتماعي للشعب والذي تتحدد من خلاله طرق التفكير، خاصة وأن المصريين لم تتغير طرق تفكيرهم منذ عهد الفراعنة، وآن الآوان لتطوير العقل المصري.
حضر افتتاح الملتقى الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق، والدكتور سعيد المصري الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة، والدكتور أحمد الشربيني عميد كلية الآداب، والدكتور احمد شمس الدين الحجاجي الرئيس الشرفي للمؤتمر، والدكتورة غراء مهنا رئيس المؤتمر، وعدد كبير من الباحثين من مصر ومن الدول العربية والغربية من بينها، الجزائر- العراق- تونس - فرنسا - الأردن- السعودية - السويد - رومانيا – لبنان، وتناول الملتقى عدة محاور منها: الأدب الشعبي والعلوم الإنسانية، والأدب الشعبي والدراسات الثقافية، والأدب الشعبى والدراسات المقارنة، والاستشراق والأدب الشعبى العربى "ألف ليلة وليلة، وكليلة ودمنة، والسير الشعبية فى الكتابات الاستشراقية"، والأدب الشعبى والأنواع الأدبية الحديثة "الرواية والمسرح والقصة القصيرة، والأدب الشعبى ووسائل الاتصال الحديثة "وسائط الميديا، التواصل الاجتماعى".

"أبو الليل": الملتقي يدعو لانفتاح العلوم الإنسانية بعضها علي بعض
بدوره، أكد الدكتور خالد أبو الليل، مدير مركز التراث الشعبي بكلية الآداب، في كلمته، إن الأدب الشعبي علي قدر كبير من الأهمية لأنه يمثل خطوة مهمة في مستقبل جامعة القاهرة التي تسعي لأن تصبح من جامعات الجيل الثالث، مضيفاً أن الملتقي اليوم يدعو لانفتاح العلوم الإنسانية بعضها علي بعض لأن جامعة الجيل الثالث تقوم علي التخصصات البينية وهذا الأساس ينطلق منه الملتقي والذي يحمل أسم الدكتورة نبيلة إبراهيم عرفاناً بدورها الكبير الذي قامت به.

"راحيل": الشخصية الأسطورية من العناصر الحاضرة بقوة داخل النص الأدبي بهوياته المختلفة
أما الدكتورة نهلة راحيل، مدرس الأدب العبري الحديث والمقارن، كلية الألسن، جامعة عين شمس، في دراستها المقارنة بين قصتي" الغواية بين ليليت والنداهة"، "ليليت" لدافيد فريشمان، و"النداهة" ليوسف إدريس، فأكدت أن توظيف الشخصية الأسطورية، بما تحمله من مرجعيات ثقافية ودلالات رمزية، يعد من العناصر الحاضرة بقوة داخل النص الأدبي بهوياته المختلفة. وتتجلى استجابة الكاتب إلى الأسطورة، أحيانا، في تصويره للمرأة بوصفها رمزا للغواية بعد أن ألصقت بها العديد من الأساطير القديمة تهمة الخطيئة وإذاعة الشرور بالعالم، وهي الصورة التي ذاعت في المخيال الشعبي وعكستها المرويات الأدبية، ولعل هذه الصورة الراسخة في الوعي الجمعي لبعض الشعوب ترجع في الأساس إلى السلطة الذكورية في الحكي، التي ارتكزت على تجسيد الخوف الكامن في لاوعي الرجل من إغراء المرأة له، ولم تُنفَ تلك الصورة النمطية إلا مع تبلور النِسوية كخطاب منظم في فترة الستينيات من القرن العشرين.
وقالت راحيل:" جسد الكاتبان ، إدريس وفريشمان،ـ فكرة الغواية من خلال توظيف شخصيتي (ليليت) و(النداهة) التي عرفها كل منهما في تراثه الشعبي، فإذا كانت ليليت هي الصورة الأولى التي خلقها اللاوعي الجمعي في الحضارات السامية القديمة عن المرأة الجميلة التي تغوي الرجال ليلا، والتي حولتها الميثولوجيا اليونانية إلى اللاميا التي تغوي الرجال وتمتص دماءهم؛ فإن النداهة هي الصورة التي أصبحت عليها تلك المرأة في تراثنا الفلكلوري، وانتقلت بمسميات أخرى إلى أماكن مختلفة".
وتابعت إنه خلافا للنداهة التي لم ترتبط بمرجعية دينية محددة في المخيال الشعبي المصري، فإن ليليت ترتبط في المعتقدات الدينية اليهودية بقصة الخلق؛ فكانت هي الزوجة الأولى لآدم خُلقت مثله من طين كي تؤنس وحدته، لكنها هربت رفضًا لسيطرته، وقد شكلت الشخصيتان -ليليت والنداهة- مصدرا ملهما لدى الأدباء، الذين استلهموا الأسطورة وقاموا بتوظيفها في نصوصهم، كل وفق تفسيره.

محجوب: قصيدة التفعيلة استلهمت واستفادت من الموروث الشعبي على أكثر من مستوى..وفُتنت فى طفولتي بشخصية الصييت

أكد الشاعر والإعلامي سامح محجوب:"  أن قصيدة التفعيلة استطاعت، بقدرة غير مسبوقة، أن تستلهم الموروث الشعبي واستفادت منه على أكثر من مستوى، فإنني فتنت فى طفولتي بشخصية الصييت فى موالد أولياء الله الصالحين، وعرفت الإيقاع من قصائدهم قبل دراسته لاحقا، وهو ما يظهر جليا في تجربتي الشعرية الشخصية من استلهامي للشخصيات التراثية، كما أن مشاركتي في المؤتمر الدولي الأول للتراث الثقافي ( الأدب الشعبي والدراسات البينية )، ضمن المائدة المستديرة التى ضمت مجموعة من المبدعين فى مجالي المسرح والشعر، كانت لأهمية طرح التراث الثقافي فى إطار الدراسات البينية وذلك لموسوعية مجاله وتقاطعه مع علوم كثيرة".
وأضاف محجوب: إن أدلجت الموروث الثقافي بوضعه فى خانة الشعبي كطبقة عاد عليه بالضرر، حيث نفي معظمه ولم يدوَّن بوصفه منتج العامة، كما عومل الذي وصل إلينا معاملة التراث كله حذفا وتنقيحا وقوعا تحت مقصلة الفقهاء والسلاطين.

السُردي: الثقافة المصرية ترى أن الشيء ونقيضه مصدرهما واحد وهو ما يظهر جليا في الأدب الشعبي والتصوف

وأكدت الشاعرة والإعلامية فاطمة السُردي: سعدت جدا بالمشاركة في االملتقى الأول للتراث الثقافي، وبما قدم من أبحاث وحلقات نقاشية مع مبدعين متميزين و شهاداتهم عن استلهام الأدب الشعبي في أعمالهم الإبداعية وكانت فرصة لي لإعادة النظر في التراث الثقافي المصري، وأن هناك مفارقة في تناول تراثنا المصري بتقسيمه إلى ثلاثة أنواع من التراث ما بين تراث مصري قديم وتراث شعبي وتراث نخبوي عربي يرى بأنه يمثل التنوير والعقلانية والأنواع الثلاثة منفصلة ونادرا ما يتم تناولها بشكل تاريخي متسلسل يحلل عناصرها و تحولاتها".
وقالت السُردي:" في ظني أن التراث الثقافي المصري ليس جزرا منعزلة ومراحل تاريخية منفصلة منقطعة عن بعضها روحيا ومعرفيا، وإن ما يجعلنا نراها على هذه الصورة هو زاوية الرؤية ومساحتها, فإذا ما كان منطلقنا أحادي بالمعنى، الذي ذكره هربرت ماركيوز في كتابه( الإنسان ذو البعد الواحد) سنرى الانفصال والانعزال والتناقض, فالأحادية ترى إما أبيض أو أسود لا يلتقيان ولا يتداخلان ومتباينان في المسار والأفكار, أما الثقافة المصرية فقد قدمت للبشرية وحدة الوجود، التي ترى أن الشيء ونقيضه مصدرهما واحد وهما في حالة حركة وتبادل و تبدل مستمرة متعددة ومتنوعة إلى ما لا نهاية وما زالت  ملامحها موجودة في الأدب الشعبي والتصوف الذي يرجعه كثير من الدارسين بالخطأ إلى أصول هندية وشيعية في مغالطة كبيرة تداركها ممكن من خلال فكرة الملتقى للدراسات البينية حتي تدخل الدراسات الشعبية مع التاريخية والفلسفية وغيرها من العلوم".

تعليق عبر الفيس بوك