احتِضَارُ الفوْضى

محمّد خَلاَّد | المغرب

 

إلَى أيْن يذْهب الصَّقر
وحيداً في احْتِلاك اللَّيل؟
أيكونُ تَاهَ عن سِرْبه
أو صارَ مجنُونا
فالطُّيور أيضا
  تُجنُّ من ضجر الحياة
 أو جَرَحَه سهْمُ عشق
 فطار هاربا بِبقيَّة دمه
في بَرَارِي الفضاء؟

لماذا يمْتطِي شُعاعاً عابراًً
هلْ يبْحث عن كَوْكب خَال
يأْوِي إليه؟
أو يريدُ أن يخْتَبئ وراء غيْمة
ليَنْزف فوق ذِراعِ الشَّفق
إِلى أن يمُوت في عُزْلته
يلُفُّه  كَفَن الهَباء؟

قَدْ يكونُ هذا أوذاك
شرارةً تَحْرق شرارة
ما يُرى ولا يُرى
 لكن أحداً ما
في  مكانٍ  ما
 كان يرْقُب هذا الاحتضار الأبدي

شاعرٌ  يكتب وصيَّتَه الأخيرة
 ويقف أمام جدار الإعدام
مُشْرعا صدْرَه للرَّصاص

نحَّاتٌ يصُوغ
لَقْلقاً مِن حجر
فوْق  بابِ المدينة
ينْفُخ فيهِ من رُوحِه نفَساً
ويَهْوَى علَى الأرض اخْتناقاً

عازفُ كَمان
يلامِسُ  الوِجْدان
بِسمْفونيّة الحِداد
وينْحشِر في نعْشٍ مُتصدِّع

عَاشقان على الشَّط
بيْن صحْوةِ  الحَواس
وحُمْرةِ  حُزْن المساء
 يُشيِّعان شمسَ الغروب
بقُبلة بَلِيلة
ويختفيان في جَنَاحَي موْجَة

كان الصَّقْر يرقُب من أعلى
كل هذه الأرواح الجَرْداء
اللَّاشَيْء والهُوَّة الكونيَّة
الطُّوفان و عواصفُ الظلام
 ويَغْرق في  قَعْر الأغوار
حتى يتلَاشَى وجُه الأرض
 فلايَرَى أحداً
غيْرَ الظِّلالِ الباقية للموتى

فِي الفَوْضى اللاَّنهَائيَّة
يلْفظُ الصقر شهقتَه الأخيرة
ويذُوب مِثلَ قطعة ثلج
تحت لهَبِ نجمة
تناثرتْ في غُبار السَّدِيم
منْذُ ملايين السِّنين.

تعليق عبر الفيس بوك