المعتصم البوسعيدي
لا شكَّ أن كثيرا منا لا يزال يذكر برنامج المسابقات الياباني قلعة "تاكيشي"، أو برنامج الحصن كما نعرفه عربيًّا؛ حيث يتسابق فريقان من المهاجمين والمدافعين في مجموعة من المسابقات المختلفة، من تلك المسابقات الصعبة والمتطلبة للجرأة والحظ في ذات الوقت ما تُعرف بمسابقة المتاهة والبحث عن المخرج الآمن.
إنَّ استحضاري لهذه المسابقة جاء إثر الحديث الآني عن الأجهزة الفنية لمنتخبات الفئات السنية، والنقاشات والآراء المطروحة، ووضع مجموعة من الأسماء في مرمى اتحاد كرة القدم، مع طرح التساؤلات حول ما كان وما يكون، ورسم علامات التعجب وتبيان التاريخ ودروسه وموقعنا الرياضي في خارطة الفئات السنية، ومنتخباتنا تدخل في كل مرة متاهة كمتاهة قلعة "تاكيشي" ما وجدت المخرج الآمن إلا مرات معدودة، ثم إننا نعود لنقطة البداية ودخول جديد نرقب مصيره بتوجس مسبق.
اليوم -وكما قلنا- ثمة أفكار مطروحة من أصحاب الخبرة والتمرس الرياضي خاصة بشقه الإعلامي دون إغفال الجمهور الذين لهم آراؤهم التي تُحترم، خاصة من بعض الجماهير العارفة بواقع المنتخبات السنية، إلا أن السؤال الكبير الذي نبحث عن إجابته: ما هو الخيار الأمثل لتعيين الأجهزة الفنية لمنتخبات المراحل السنية؟! ولا أظن أن هذا سؤال بسيط، بقدر أنه متشعب ولا يتعلق بالأشخاص فقط؛ بل بمنهجية وبيئة عمل صحية، مع الاستفادة من التجارب السابقة، إضافة لسؤال جدلي آخر يفرض نفسه بين الفينة والأخرى: أيهما أفضل المدرب الوطني أم الأجنبي؟! وحتى مع الثقة التي حظي بها المدرب الوطني في الفترات الماضية، يتم تحليل ذلك بأمور الواسطة وأنت معي أم ضد حتى تنال رضاي، وهكذا المشهد -على أغلبه- يظهر جليًّا مع كل إخفاق وبشكل خاص في التعاطي الإعلامي الذي لا يوجد واقعاً بقدر ما يناقشه عند الحدوث.
في ضوء ذلك، أرى أن الأجهزة الفنية المختارة يجب ان تقدم خارطة طريق، وأن تدرك جيداً أنها ستبدأ رحلة المتاهة، فالواقع الرياضي ليس سهلاً على الإطلاق، وعلى اتحاد كرة القدم أن يختار أجهزةً فنيةً تقدم مشروعاً حقيقيا، ينطلق من رؤية واضحة ورسالة معلومة وأهداف محددة يمكن مراقبتها ومعالجتها وفرض قرارات حولها، وأعتقد أن جذوة البداية تتمثل في الرياضة المدرسية، على أن لا يتم التضحية بتعلم الطالب من أجل ممارسة كرة القدم، فنجاح صناعة اللاعب يتطلب الجانب العلمي والمعرفي بشكل كبير، على أن يتدرج اللاعب في ممارسة اللعبة بحسب الفئات دون سياسة القفز، مع ضرورة زيادة الإنفاق المادي على القاعدة لا الهرم كما يحدث معنا، ثم الاستفادة من تجارب الآخرين وليس محاولة الاستيراد المُعلب؛ حيث أهمية أن نصنع تجربتنا من واقعنا المختلف -بكل تأكيد- عن واقع الآخرين، ولنا ان نعلم أن برنامج قلعة "تاكيشي" سيتم إحياؤه في بلد عربي مرة أخرى بذات القلعة وبتصميم شركة أجنبية، إنما "فهلوتنا" ستكون طلبنا أن تبنى القلعة بطابع عربي، لذلك أقول كفانا من الأفكار المستورة المعلبة!