ستون سنة ويوم


د. أحمد جمعة | مصر


قرر أبي أن يغلق عينيه ويصمت،
يا أبي، لا يجيب،
يا أبي،
لا يتحرك ولا يجيب ولا ترتجف جفناه،
أحضرنا خشبة تغسيل الموتى؛ لنهدده بها،
لكنه لم ينطق،
صببنا عليه الماء،
ولم ينطق،
أحضرنا الكفن كإجراء تهديدي أكبر،
ولم يعرنا اهتماما أيضا،
لم يتحرك، لم يتكلم، لم يفتح عينيه،
لففناه وأحكمنا الرباط؛ لعله يخاف وينطق،
لكنه لم يفعل،
وضعناه في التابوت ومضينا،
لكنه ظل ساكنا،
أمام القبر الجميع يصرخ فيه:
استيقظ، يكفي هذا المزاح،
لكنه لم يفعل،
دلقنا عليه الدموع،
ولم يفق،
أدخلناه القبر ورحلنا،
في المساء عدت لأزوره،
وجدته أمام قبره باكيا
وقال لي: صبرت عليكم ستين سنة
ولم تصبروا عليَّ يوما،
لو صبرتم قليلا لعدت معكم،
مت لحظة أدرتم لي ظهوركم،
ثم عاد إلى قبره للأبد!

 

تعليق عبر الفيس بوك