بائعُ <<المُعَلَّل>>، <<الطَّيِّبُ وعال >>


تيسير حيدر | لبنان


"من ذكريات طفولتي البعيدة  1963"
يَحْمِلُ المُعَلَّل على فَرْشٍ من خَشَب ،له قاعِدةٌ مُثَلَّثَةٌ ،يَنْصبُها في مَوْقِعٍ اسْتراتِيْجِيٍّ من الشَّارِع المُؤدي الى المدرسة .يَلْتَهِمُ مِنَّا <<الفرَنْكات >>البيْضاء ،
يَبِيْعُنا المعلَّل وشرائحَ المُعَجّناتِ المُحَلاّة.
ما اطْيَبَ طَعْمَها السُّكَرِيَّ  !!
انَّها وَجْبَةٌ لذِيْذةُ المَذاق ،
نَنْتَظِرُها ،هي حُلمُنا الطُّفوليّ.
كانَ عَجوزاً كَجَدِّنا ،يَكْدَحُ طولَ النَّهار،
كوفِيَّةٌ بيضاءُ ،وعِقالٌ يُزَنِّرُها ،
ونحْنُ نَحومُ حولَهُ كَنَحْلٍ جائع
<<طَيّبُ وَعال ،طَيِّبُ وْعال >>هُتافٌ ،صُراخٌ مُحَبَّبٌ الى قُلوبِنا العَامِرةِ بالجوعِ.
نَلْتَهِمُ ما لَذَّ وطاب
وتَقودُنا الطَّرِيْقُ الى ما يُسَمَّى <<مدرسة>> غُرَفٌ مُسْتاجَرَةٌ وعِرَةُ الدُّروبِ بالحَصى والصُّخورِ نتلقَّى فيها دروساً <<على بَعل>>.
كما يقولُ اهْلُنا .
ايُّها الهَرِمُ ،ايُّها البائعُ الكادِحُ لن نَنْساكَ فَاَنْتَ شَجَرَةٌ نَهُزُّها كُلَّ يَومٍ تَسَاقَطُ حَلْوَى وَلّذاذَة .
ذِكْراكَ اشْتِهاءٌ وطِيْبَةُ وَجْهٍ
يا طَيِّبُ وْعال !

 

تعليق عبر الفيس بوك