انتقاد مسؤول حكومي

 

خلفان الطوقي

ما أن يخرج مسؤول حكومي لإلقاء محاضرة عامة أو التفاعل مع وسائل التواصل الاجتماعي إلا وظهرت هناك فرق مؤيدة له وفرق مُعارضة، ولنا في الثلاثة أعوام الفائتة عدة أمثلة لا داعي لذكرها هنا، لأنَّ ذكرها لن يفيدنا في شيء، وأرى أن ما هو مُفيد هو تحليل ومعرفة أسباب هذه الظاهرة وخاصة ظاهرة الانتقاد السلبي الشخصي للمسؤول الحكومي، وكيف للحكومة أن تعالجها أو تقلل منها، ففي هذه المُعالجة سنحاول تسليط الضوء على ذلك.

 

فقبل الدخول في صلب الموضوع، هناك عدة نقاط هي من المسلمات، أهمها أنَّه مهما قام المسؤول الحكومي بإنجازات جبارة فلن يرضى عنه الجميع، كما أنَّ علينا أن نعي أنه مهما كان ما سوف تقوم به الحكومة من خطوات حيال هذا الموضوع، فلن يكتب لهذا المسعى النجاح الكامل والتام، نقطة إضافية علينا أخذها في الاعتبار هي أنَّ مستويات الناس مُتباينة في التعليم والمؤثرات المُحيطة بهم، مما يعني أن صفة النقد سوف تستمر غض النظر عن إن كانت بشكل موضوعي أو النقد الشخصي أو النقد من أجل النقد والتركيز على الجزء الفارغ من الكأس.

 

نعود إلى سؤالنا المطروح في مُقدمة المقالة وهو ما سبب هذا الانتقاد للمسؤول الحكومي الذي يصل إلى "الحاد" أو "العنيف" في أحيان كثيرة، وهل يُقصد من هذا الانتقاد الشخص نفسه أم لأنه مُمثل للحكومة، من وجهة نظري تكون أحيانًا لشخصه، خاصة عندما تكون الكلمة أو التصريح الذي أطلقه المسؤول الحكومي فيه استصغار لمن حوله مستخدمًا لغة الاستعلاء والاستهزاء غير واعٍ بالقاعدة المعروفة وهي أنَّ لكل مقام مقال، وعدم مراعاته لنفسية المواطن خاصة المواطن المغلوب على أمره بفعل ظروف الحياة اليومية، بالإضافة إلى الخلافات الشخصية من خلال التشفي ومحاولة تصفية الحسابات الشخصية وصب الزيت على النَّار هذا من ناحية.

من ناحية أخرى تظهر لغة التصعيد لأنَّ هذا المسؤول هو ممثل الحكومة، ويرى المنتقد أنها فرصة لإيصال صوته بطريقة غير مباشرة، وكأن لسان حاله يقول إنه يرغب في تحمل المسؤول الحكومي مسؤولياته كاملة وأن يعتبر المنصب تنفيذيا وليس شرفيا يحصل من خلاله على الجاه والسلطة، إضافة إلى ذلك فالمنتقد وإن كان في أحيان كثيرة غير موضوعي لكنه يرغب في تسجيل موقف وهو أنه يرغب في المزيد من العمليات التصحيحية في السياسات الحكومية القائمة كتسهيل المعاملات وتطويرها، ومزيد من التنسيق والتكامل الحكومي لخلق بيئة جاذبة وخصبة للقيام بالأعمال التجارية والمساهمة في إنشاء مشاريع نوعية من خلال شراكات إستراتيجية تتجلى فيها شراكة حقيقية بين القطاعين الخاص والعام؛ تضمن خلق فرص وظيفية جديدة تتناسب مع النمو السكاني ومخرجات وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي والمؤسسات التابعة لوزارة القوى العاملة والخريجين من خارج السلطنة، أضف إلى ذلك انضمام مُغردين كثر في وقت قياسي يُعطي دلالات تفيد بأن المواطن يريد أن يكون شريكًا حقيقيًا ليس في المحن فقط، وإنما في المزايا والفرص والمكافآت بدلا من انحسار الفرص لفئة بسيطة من المجتمع، ويجد مثل هذه المنصات فرصة سانحة لإيصال صوته ولو بشكل غير مباشر.

للحكومة خياران، الخيار الأول يكمن في أن تهمل القيام بخطوات عملية وعلمية حيال هذا الموضوع، لكنها ستتلقى هذه المنغصات والانتقاد عند كل تصريح أو تغريدة أو اجتهاد مسؤول للتفاعل مع المجتمع، والخيار الثاني إجراء دراسة علمية ميدانية متكاملة يتم فيها رصد المناطق التي فيها فراغ وفجوات بين المسؤول الحكومي والمواطن، ومعالجتها تدريجيا والاستمرار في القيام بالمُعالجات التصحيحية التي تقلل الفجوة يومًا بعد يوم إلى أن تصل إلى حدودها الصغرى، وعلينا أن نبدأ الحلول اليوم وكسب الوقت، فكل تأخير في المبادرة للقيام بما يجب القيام به يعني اتساع الفجوة أكثر فأكثر، وما على الحكومة إلا تحمل المنغصات من المنصات الإلكترونية الحديثة والفضاء الواسع غير المسيطر عليه.