الرقص النقري


سوسن الغزالي - ألمانيا


لرجلٍ يحترف الضّحكَ
والقراءاتِ الجيدةَ
حبيسُ صوتِهِ
صوتٌ  يشبهُ
وقْعَ المطرِ
ينتعلُ الأشجارَ أحذيةً
ليبدأ رقصَهُ النَّقريَّ
على الورق ..

لعيني طفلٍ تتّسعانِ للسماءِ
كلما وقعتا على دهشةِ الطيور
الملوّحةِ  له في رحيلِها الموسميّ

ل قلبٍ صديق نفسِهِ
وصديق اللحظةِ
وإن حملَتْهُ في تأرجحها
بين الحضورِ والغيابِ

يحاولُ أن
يُبقي على الجمرِ مشتعلاً
وقد رفعَها عالياً كالنارِ
لفرَحِهِ المُفرِطِ بالمطرِ
ظنّاً منه أنّ المطرَ لا يأكلُ الفرَحَ
ليحيلَهُ إلى رمادٍ

لك هذا الصباحُ
محمّلاً بالخضرةِ
والغيمِ الخصْبِ
والهطولِ الآخذِ باللحظةِ
حدَّ السيولِ

لك هذا الصباحُ
وحنينُ امرأةٍ تفتحُ نافذةً للحلم
لتتفَقَّد طمئنينة  البيوتَ
والقرميدَ القديمَ
وقلبَ أمِّها
والشتاءَ الذي بدأَ
أيَّامهُ الأولى
في قلبِها منذُ أوّلِ الإغتراب  !

مَن قالَ إنّ الأشياءَ تختلفُ
إنْ استبدلتَ المكانَ ووجهك
لصوتِ وقعِ المطرِ الأنينُ نفسُهُ
هنا وهناك
الآن ومنذُ الأزلِ

من قال إنّ القهرَ يقلُّ
أن قايضْتَ  عجزَك
بغناءِ العصافيرِ على اليانبيعِ

و إنَّ الموتَ يجيءُ أجملَ
إن استبدلْتَ عينيك
بلؤلؤتين من فضةِ المجازِ

وحدَك أنت من اخترع
الوقتَ
والذكرياتِ
وحنيناً غيرَ مُدرَّبٍ
على مهبِّ الشتاءِ

فاسترحْ قليلاً لكي تستريحَ
الأرضُ تَحْتَك
والسماءُ
وأكملْ رقصَك النقرِيَّ في دمي
هذا الصباح !!

 

تعليق عبر الفيس بوك