الابتكار هوية المستقبل

 

 

علي بن سالم كفيتان

لن أعقد نفسي كثيراً وأزيد من حيرتكم أعزائي القراء لكي أعرفكم عن الابتكار ولا عن الأرقام التي وصلت لها دول العالم في هذا المجال الحيوي ليقيني بأنّ الأمر متاح عبر زيارة خاطفة للعم جوجل لكن ما يهمنا هو المؤشر الوطني في السلطنة ومدى التقدم المحرز في هذا المجال وبغض النظر هل نحن نحقق مركزاً مقبولاً أم لا في مؤشر الابتكار العالمي فالأهم هو هل نحن مازلنا في المحطة بانتظار الإقلاع أم أقلعنا بالفعل؟ 

النتائج تشير لوجود هيكلية قانونية وإدارية رصينة مع وجود استراتيجية طموحة لبلوغ المنال مما يعني بأن الأساسات جاهزة فمركز البحث العلمي يقوم ومنذ نشأته بمنح اهتمام بالغ لزرع ثقافة الابتكار في المجتمع وتأسيس الحاضنات الكفيلة بنمو هذه السلعة الحديثة في بلادنا،  فمركز الابتكار الصناعي يعمل بدعم من البرنامج الوطني لتنويع الاقتصاد الوطني بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة والمؤسسة العامة للمناطق الصناعية وهذا المركز يشجع الشركات الطلابية لدعم المشاريع الناشئة وهو يحقق نتائج طيبة.

كما يقوم مركز الابتكار مسقط وهو أحد الاذرع الهامة التي يرعاها مركز البحث العلمي برسم خارطة موجهة للمجالات ذات الاهتمام في السلطنة وتهيئة البنية الأساسية لنجاح الابتكارات التي تنصب في تلك القنوات، فعلى سبيل المثال يركز مركز الابتكار مسقط على أربعة مواضيع هامة ذات نفع مباشر للإنسان في السلطنة وتساهم في تنويع مصادر الدخل القومي عبر تنمية الابتكارات ورعاية المبتكرين وهي مجالات الطاقة، البيئة والمياه، التكنولوجيا الحيوية والغذاء، الصحة والعلوم حيث يقوم المركز بتقديم جميع التسهيلات والخدمات بالإضافة لمنح المشورة المجانية لأصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة بالتنسيق مع أعرق بيوت الخبرة في مجالات الابتكار في العالم.

وحسب اطلاعي المتواضع على الفرص التي يتيحها مركز الابتكار مسقط فهناك منصة للشركات الكبيرة التي ترغب بالاستثمار في مجال الابتكار من خلال تأجير مواقع مهيأة لبيئة البحث والتجربة وصقل الابتكارات المحلية ودمجها مع مناخات الابتكار العالمية كون بيئة الاختراع ونشاط مراكز الأبحاث العالمية تتطلب معرفة ما توصل اليه الاخرون والبناء عليه وذلك حفاظاً على الجهد والمال وحمايةً لحقوق الملكية وهي ميزات يتيحها مركز الابتكار مسقط بشكل مجاني للمبتكرين والمستثمرين الجادين في العقل البشري وفق بيئة عمانية منضبطة ودقيقة الالتزام.

وللتدليل على الشراكات الناجحة ومناخ الابتكار المدعوم من قِبل الحكومة نذكر هنا على سبيل المثال احدى ثمار هذه السياسة المستشرفه للمستقبل من خلال مذكرة التفاهم التي وقعت هذا العام بين ديوان البلاط السلطاني ممثلا بمشروع المليون نخلة والصندوق العماني للتكنولوجيا لدعم استخدام تقنية الطائرات ذاتية التحليق واستثمار الذكاء الاصطناعي عبر الشراكة مع القطاع الخاص الوطني من خلال شركتين عُمانيتين قامتا بتوظيف وتطوير الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات والتصوير والمسح الجوي لكشف ومعالجة الأمراض والاوبئة للمزارع التابعة للمشروع.

استطاع هذا المشروع الذي كان في الأصل أحد الأفكار النيرة التي تبناها مجموعة من الشباب العُماني ومنحوا البيئة الابتكارية المناسبة أن يقلل من التكاليف وأن يزيد من الكفاءة، فبينما ينجز العامل اليدوي تلقيح 6 نخلات في الساعة تقوم الطائرات المسيرة التي طورها المشروع بتلقيح 1000 نخلة في الساعة ..  وهي اليوم شركات عُمانية سجلت باسمها مثل هذه الابتكارات وأصبحت تدر ملايين الريالات على أصحابها.

إن المبادرات الإعلامية التي تتبناها جريدة الرُّؤية لدعم وتحفيز الابتكار بإطلاق قطار الاختراعات الشابة عبر ولايات السلطنة يعد إسهاما مسؤولا واستشرافاً لدور الإعلام الحديث في صناعة الفرص ودعم المجتمع للمضي قدماً إلى آفاق أرحب من الخير والرفاه عبر تعظيم مردود رأس المال البشري .. فشكراً لهذه المنارة الإعلامية وما تقوم به من خطوات جادة وملموسة في إطار ما بات يُعرف اليوم بإعلام المبادرات.   

نقطة نظام: من يبحث عن رأس مال الشعوب تحت طبقات الأرض، وعبر تصدير المواد الخام الأولية بأبخس الأثمان، والنظر لدفعات الخريجين من مختلف الجامعات والمعاهد على أنهم عالة على البلد، لا زال بعيدا عن الفكر الجديد الذي منح العقل البشري قيمته الحقيقة، فالمتحكم اليوم برأس المال العالمي هى شركات التطبيقات الذكية التي لا تعير اهتماماً للنفط الذي لا زال يتحكم بمصير الكثير من الشعوب اليوم.

alikafetan@gmail.com