عامل نظافة


د. أحمد جمعة | مصر


كان أبي عامل نظافة
يخرج كل صباح
مع أول ضوء للشمسِ اللامبالية
بقدميه المتشققتين
من كنس الأرصفة مرارا
من أوجاع البلاد،
يجالس الجياع الخائفين
على عتبة الأمل المتهالكة
ويقاسمهم كوب شايٍ سادة،
وعند صناديق القمامة
يقاسم القطط المفجوعة بالمواء
مواءها
بينما يتفتت في حنجرته
نشيد الوطن
وأسماء البلاد،
البلاد المشتهاة كرغيف خبز
تُصلب على يباسته
نظرات الجياع،
البلاد التي تسّاقط من عينيه
كلّما هزّ  قلبَه الاغتراب،
ثم ينفض روحه ويمضي
كما يمضي غريب
في الطريق الذي ما عاد له بيت سواه،
ومن تورم قدميه المتشققتين
التي كنست أرصفة البلاد مرارا
من أوجاعها
يركن لشجرةٍ..
تحلم بعصفور يفرك لها حلمة وحدتها
بأصابع التغريد،
يقاسمها أحلامها
ويتخيلني جالسا بالسيارة التي
مرّت من أمامه
ببذلتي الأنيقة
ومركزي المرموق،
وفجأة يستفيق على توبيخ رئيس العمال:
لماذا تجلس هكذا أيها الزبّال؟،
كان يعود كل يوم إلى البيت
وفي قلبه حزن نبي
وكل همه أن يمسح أوساخ البشر
عن عينيه
بابتساماتنا
ونظرة حبٍ من أمي!

 

تعليق عبر الفيس بوك