خبر عاجل ..

 


عبد الله زيادة - فلسطين


التنظير لدى السّاسة مهنة ثابتة ..لا نجيدها نحن الشعراء ..بل ندرك أن الأخبار العاجلة على ستار الشريط الأحمر ..هي بمثابة أبواق تنعى أعتّى عتّاد العقول ..كم نحن نعيش في الجاهلية إلى أخمص أقدامنا ..رغم كل التقنيّات الحديثة ..فمن الجهل أن ترى من يخطب في الناس ويدعو للوحدة والحب والتآلف  ذئب مفترس كل تصرفاته المدّركة تؤكد أنه ينمو على الحقد الدفين في شرّيانه التّاجي..من الجهل أن ترافق أحدهم طيلة العمر وينتهي ذلك العمر على ساعديه ...فالخبر العاجل الذي غمرّنا بالأرق واليأس هو حينما أعلن المذيع عن توقف عقارب الزمن على نكبات لا مستقبل لأصحابها ..وأخذ المحلل يفصّل الموقف لسّاعات ..نقاشات حادة كل روّادها تخرجوا من متّاهات السيّرك ..قرّدة تتسلق أقفاص الأسّود المكبلة بالنار ..ما تلك الأخبار التي تزدحم في سطورها الجثث ..رائحتها أرواح تُزهق دون ذنب ٍ أو جريرة ..كلها بالخط العريض تنعى كل الإبتسامات المشّرقة ..سجن كبير خلف شاشة الموت ..زنازين إنفرادية لكل القناعات الراسخة الناصعة بالحياة ..
كم من المشاهدين إجتمعوا حولها !رغبة الباحث عن الغدّ في الطمأنينة المفقودة ..كم كانت فاجعة للكثيرين ..كم أبكّت مآقيهم التي تذّبل كلما أمعنوا المتابعة أكثر ..ليس لجوهرها فحسب..بل لأنها غدّت أخبار فقط كأي أخبار أخرى ..سرّعان ما تنتهي بل وتصبح من الماضي ..لا بريق لها ولا إهتمام سوى أنها أخبار عاجلة فقط ..وبعد دقائق منها تصبح أمرا ً طبيعيا ًإعتياديا ً ..نسّمعه ونحن لا نبحث سوى عن المزيد من الأخبار العاجلة ..فقط العاجلة بغض النظر عن حجمها ونتائجها ...هنا تكمن الفاجعّة الحقيقية..

 

تعليق عبر الفيس بوك