مهارات وقيم إنسانية

 

علي العبيد

** خبير تدريب

من المعلوم أن تنفيذ الأعمال يستوجب بلوغ الأفراد المناط بهم تنفيذها قدرًا من المهارات اليدوية أو الذهنية أو كلاهما وهذه القدرات قد تزيد أو تقل حسب المستويات المستهدفة أو طبيعة المهنة والعمل المطلوب وهنا تتنوع وتختلف المعايير والاشتراطات وفقاً لمتطلبات كل عمل مطلوب تنفيذه.

 هناك مهن لاتحتاج إلى ذلك الكم الهائل من المعرفة والتدريب ويُطلق عليها المستويات محدودة المهارة وأخرى تحتاج إلى مهارات ومعرفة من خلال التدريب المنتظم ويطلق عليها المستويات الماهرة. وبالمقابل نجد مهناً ذات طبيعة فنية تحتاج إلى دراسة وتدريب نظامي ضمن منظومة التعليم التقني ويُطلق عليها المستويات الفنية أو التقنية، أما المهن والوظائف التخصصية تستوجب على أصحابها بلوغ مستوى الدراسات الجامعية أو ما يُعادلها من التدريب التخصصي العالي وهذه بالطبع تعتبر مستويات اختصاصيين.

ومن البديهيات أنَّ كل هذا الكم من المهن والأعمال بمختلف مستوياتها يحق لأي فرد قادر على اجتياز مراحل دراستها أو التدريب عليها بنجاح وأن يتولى مهامها ومزاولتها عملياً وقد يكسب الشيء الكثير من المعرفة والمهارة في أدائها متجاوزا مستوى أداء بعض أقرانه ورفقاء مهنته بما يدر عليه عائدًا مادياً عاليًا وسمعة مهنية مقدرة.

كل ذلك بالضرورة محكوم بالقيم والسلوكيات المهنية التي تتسم بأخلاقيات العمل والبعد عن المصالح الفردية المجردة غير المنضبطة بالمعايير الإنسانية التي تراعي مصلحة المجتمع الكلية.

إننا نميل إلى القول بأنَّ غالبية الناس بالفطرة تتعامل وفق مرتكزات السلوك الحميد المنبثق من التعاليم الدينية والأعراف الاجتماعية وقليل من الناس يستهويها توظيف مهاراتهم المهنية لتحقيق منافع خاصة تتعارض مع مصالح الأغلبية والمجتمع الكبير وهذه الشريحة رغما عن قلتها قد تسبب أضرارا فادحة في الممتلكات أو حتى الأرواح فإنّ المهندس الذي لا يلتزم بالمقاييس والضوابط من أجل السلامة المهنية في عمله عن قصد توفيرا للجهد أو الكسب المادي السريع أو لتقليل مستلزمات البناء وتشييد المصانع بما يسبب انهيارا للمباني أو أعطالا في المصانع أو تشويشا على أجهزة الاتصالات وخلافه من الممارسات المهنية التي لا تتقيد بأخلاقيات العمل، كما الطبيب الذي يعمل في مجال تخصصه متجاهلاً القيم الإنسانية متعمدا بما يؤدي إلى فقدان أرواح بريئة ويمكن القياس على هذا في كافة ضروب الأعمال، لذا باتت برامج التعليم والتدريب المهني تستهدف فيما تستهدف من صقل المهارات أن تشتمل هذه البرامج على وحدات لتعليم أخلاقيات المهنة وأن تفرد لها ورش عمل للارتقاء بالمفاهيم الاجتماعية وتوخي مصالح الناس وتحقيق آمالهم بأساليب مهنية ماهرة متسمة بالحس الأخلاقي في حدود المسؤولية الاجتماعية والوازع الديني.

وفي رأينا أنه من المهم تعزيز حب العمل في النفوس والتمسك بأهداب الضمير الحي في مسيرتنا المهنية بدءا من البيت ومرورا بالمناهج التعليمية والتوعية الإعلامية المكثفة بين الشباب.

 

تعليق عبر الفيس بوك