قنينة الشمع البنفسجية


محمود لبد - فلسطين


عند ولادة الضجر المتفرد .. أفرش بساطا وأشعل الضوء الأخضر وأجلس مرتاحا بلا ضجيج، أقفل الباب بلطف عنيف وأترك النوافذ مفتوحة دون النافذة المطلة على بيت معشوقتي، وأعلن الحرب مع قصاصة الورق المغبّر والأقلام المشتتة وفتات الخبز اليابس وفناجيني الفارغة، أعزف بأقلامي موسيقة الكمنجات الهادئة التي ننام على صخبها، ونثرت من كلماتي ما تحبينه من الغزل والعمق، أطفأت مصابيح جدي المشتعلة بالكاز، وأشعلت شموعي الليلية وسط النهار، وأرسلت العصابة العينية مع مفاتيح أفلاطون العتيقة لحارس البناية كي لا يفقه منهما شيئا ويضج بالفرحة وينام مبتسما، كتبت لأمي أساطير حبي لقلبها الصبور ورحلت، آهـٍ تذكرت... واستأذنت والدي العظيم العصبي بأن رحيلي قد اقترب..  أشعل سيجارته وشرب قهوته ثم قال: انصرف ولكن لا تعذبني شوقا،  فبكيت حتى آخر دمعة مسحتها أمي بعد بكائها الطويل، وتذكرت أخوتي وطلبت العناق منهم حتى الأجل، فعانقوني وعانقتهم ولم ينته العناق بعد، ولن ينتهي أبدا،  وتذكرت معشوقتي الجميلة حين فتحت نافذتي الأخيرة فرأيتها ترقص الإلياذة الكنعانية مع أخيها الصغير،  فتذكرت مشيتها الفارسية ونظراتها الاستهزائية بالحمقى، وبسمتها الجذابة، وساحات عينيها الواسعتين،  وفي اللحظة نفسها اقتربت الساعة الجهنمية للرحيل، فرفعت يدي وأشرت لها بالرحيل، فأسرعت نحو باب بيتها ونادت عليّ  فخشيت غضب والدَّي، فابتسمت لي أمي وضحك أبي، فذهبت إليها مسرعا وتعانقنا عناق الرحيل، واقترب الموعد يا فلان.

 

تعليق عبر الفيس بوك