صنفان من ضعاف الحجّةِ...

 

سميرة بن نصر


صنْفٌ يتعامل مع الأمور والأشياء بتسليم تام ، يأخذها كما هي دون وعيٍ أو تَفكُّرٍ وإنمّا  اقتداء بسابقيه وبالعادات التي نشأ عليها فتكون لديه العبادةُ من صلاة وصومٍ وشهادة ضربٌ من ضروب العادة  التي تربّى عليها وتوارثها عن أسلافه كما هي دونما بحث  .
 وهؤلاء عادة ما نجدهم يسارعون  بتكفير الآخر إن هو حاد عن مسالكهم  أو عن بعضها   كما لا  يتورّعون عن وصف الافعال العادية بالحرام  والجرم الكبير مستندين في ذلك  إلى قدسية الدّين  لكي يشعروا  بمتانة السّند.
وإني لأقول لهم ربّما كنتم على صواب ولكن هل فكّرتم  يوما أن تشطبوا كل تلك الافكار التي سكنتكم بإمداد من الخارج  وتعوّضونها  بما استنتجتم واستنبطتم بأنفسكم خلال رحلتكم  هذه ، هل لك أن تنطق بالشهادة الان وكلمة التوحيد  لا عن تقليد أعمى وعرف  وفكرٍ جامدٍ وإنما بعد  تَفَكّرٍ وتبصّرٍ  وتأمّلٍ وإدراك ، هل لك أن تسْلِمَ الان وتنطق كلمة التوحيد لان ذاك ينبعث من  دواخلك عن وعيٍ وإيمان ..... نعم هذا هو الايمان الحقّ الذي يطلبه  منّا الله حتى نكون بالفعل مؤمنين... هل لك ان تَدْرُس  مليّا ما  صرّحت بحرمته أو بجوازه  قبل أن تصدع بذلك ؟....
الكلام مُيسّرٌ وسهْلٌ  خاصة اذا ما أسندناه الى مقدّس فتجد الأكُفَّ ترتفع عاليا  وتقرُّ  بحرْمة هذا وذاك  والنّظر الى مرتكبها نظرة الدونية  والشيطنة وهذا من شأنه ان يبيح النّصح  الغبّي  والتوبيخ ولا أراه  إلاّ  كبْتٍ في انفسهم تحول إلى نقمة  تحوّلت الى  أعراض نصْحٍ، وإني لأقول لهم  إن صدْعكم بهذا  ما هو إلا ضعف حجة وضعف موقفٍ  فتجاويف الفراغ التي بداخلكم  تجعلكم تنحازون إلى كلمات الحق المراد من خلالها الباطل  وليس  إلى الحجةٍ والدّليل.
أمّا الصنف الثاني فهم أناسٌ  تفسّخوا عن كل المبادئ والقيم بل وصنّفوها  عوائقا تعود بهم الى الرجعية والتخلف وصار الدّين الاسلامي  في نظرهم مصْدرا لخنق الحرّيات ومعيقا عن التقدم والتنوير ، أوجدوا أساليب جديدة شاذّة  للتماشي مع روح  عصرهم ، لا يرون بأسا  في التّفسّخ والانحلال الاخلاقي  بل يرون فيها قمة الرقي والتحضّر.
يبيحون الزنى ويعتبرون الرابط الذي وصفه  الله بالمقدس بين اثنين ما هو إلاّ حاجزا  للحد من حرية الفرد... أباحوا الزنى وحرّموا الزواج بأكثر من واحدة... أباحوا التزاوج بين الذكرين أو الأنثيين واعتبروا ذلك  من الحرّيات  الشّخصية في تعسّف جليٍّ على طبائع الطبيعة  محاولين  ضرب ترابط الكيان  الاسري وتقويض أسس العائلة.... وإني أقول لهم في ذلك " أليس الصّبحُ بقريبٍ " بـــــــــــلى  فإن الصّبحَ لقريبٌ جدّا
هؤلاء الأشخاص – الشخوص -  نجدهم يسارعون في القدح والسّب والشتم ووصف الاخر بأبشع النعوت والأوصاف، تعجُّ  أفواههم بالقاذورات  يلقونها أيْنما وكيفما اتفق فيجدون لها المهللين المصفقين فيزيدونهم رهقا  ويتطاولون خيلاء فيحقّرون الآخر مستعينين بفحش قواميسهم التي تسكنهم  وفي ظنهم أنها قمة البلاغة والرقي وإني لأقول لهم :.... لا يا سيد لا يا سيّدتي... ضعف حجّتك وتهلهل لغتك المتهرئة  المسحوبة من مزابل الحواري  هي التي أباحت لك  سبّ وثلب الاخر ونعته بنعوت لا ترتقي لمكانة الانسان مهما كان....
كما أقول لهم إن بذيء   كلامك وتوصيفك لن يمسّ  الآخر بقدر ما يلمسك عند انزلاقه من لسانك " وكل إناء بما يحويه يرشح"
....السّبُّ والشّتمُ  والإتيان بأوصاف مخلّةٍ تكون يسيرة على الألسن الفارغة  التي تفتقر الى قوّة البُرْهان ومتانة الحجّة وأتساءل  هل فكّرَ هؤلاء  لبرهة بأن للناس ألسنا قادرة على الرّد عليهم بأسوإ مما  قد قالوا ؟ ....
لذلك أقول لهم ليْتكم  وأنتم تستمتعون  بمضغ  أعراض  غيركم  تحت ستر  البناء للمجهول   وعدم تسمية الأشياء بمسمياتها أن تستحوا وأن ترعوا وأن تسنحوا بفرصة لعقولكم وتسمحوا بعرضها على قلوبكم لعلّها تشتغل لخدمة الإنسانية وليس لطمس معالم الانسانية  .

 

تعليق عبر الفيس بوك