طالب المقبالي
يتهافتْ كثيرٌ من الناس على اقتناء أحدث الهواتف التي تَتَسابق شركات الهواتف لإنتاجها كلَّ عام؛ فتقوم الشركات بعمل مؤتمرات كل عام تستعرض فيها آخر التقنيات التي ابتكرتها في هواتفها الجديدة، ومنها من تُنتج هواتف جديدة تتلاءم واحتياجات كل مستخدم.
وقد شَهِدنا خلال الأيام الماضية مؤتمرَ شركة آبل الأمريكية، فضجَّ العالم بهذا المؤتمر، وأصبح الناس ينشُرون مُلخَّصات عن المؤتمر عبر حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، كما ينتظر عشَّاق التقنية مؤتمر شركة هواوي وشركة سامسونج اللتين ستكشفان النقاب عن آخر ابتكاراتهما.
وقد نصَّب البعضُ أنفسهَم خُبراء ينتقدون هذا الهاتف ويؤيدون ذاك، وهم في واقع الأمر مجرد مستهلكين لا أكثر.
فقد بالغ عُشَّاق هواتف شركة آبل في مديح منتجات الشركة، منتقدين الشركات المصنِّعة لهواتف آندرويد كشركة سامسونج وشركة هواوي وشركة إتش.تي.سي وشركة إل.جي وشركة سوني... وغيرها، علماً بأنَّ نظام آندرويد هو نظام شركة جُوجل العالمية التي لا تسغنِي شركة آبل نفسها عن خدماتها، كما لا تستغنِي آبل عن مُنتجات الشركات التي تصنِّع قطع الهارد وير والأكسسوارات لهواتفها كشركة سامسونج وسوني... وغيرهما، التي تنتج شاشات وكاميرات ومعالجات تستخدمها آبل في هواتفها.
شركة آبل ليست مُعجِزة نزلتْ من السماء، ولكن شركة عالمية تحتاج إلى مُنتجات الآخرين، كما تحتاج إليها غيرها من الشركات. أمَّا أصحاب تلك الضجَّة، فهم إخواننا العرب الذين لم تنتج بلدانهم حتى الغلاف الواقي للهواتف، فلِم هذا كُله؟ ولِم هذه الحملة من الانتقادات؟
أكبر تِقني عربي لا يستخدم من مُميزات هذه الهواتف سوى 20% إنْ وصلت النسبة إلى هذا الحد أصلا.. لقد أبدعتْ شركة آبل في الترويج لهواتفها، وكأنه الهاتف الأول في العالم، وأن بقية الهواتف والأنظمة الأخرى لا تساوي شيئاً؛ وبذلك استطاعتْ آبل بدهاء أن تُقنع الشعوب العربية وغيرها بأن هاتفها هو الهاتف الملكي الأول؛ لذلك بالغتْ في أسعاره، والشعب يشتريه، ليس لحاجته في التقنية، وإنما للتباهي به، والاعتزاز والتفاخر بأنه يمتلك هذا الهاتف الذي لا يُقهر.
لا أُنكر أنَّ نظام IOS كان الأكثر ثباتاً قبل نظام آندرويد في النسخة رقم 8. ونصيحتي لمن جرَّب سابقاً نسخ أندرويد من 1 إلى 7 أن يُعيد النظر في هذا النظام الذي تفوق في كثير من الأحيان على نظام ios، وأي نظام آخر.
وهنا.. أودُّ القول بأنَّ قليلًا ممن يمتلكون هواتف شركة آبل يمتلكونها كَونها بالفعل هواتف يُعتمد عليها، ونظامها ثابت، ومكونات الهاتف تمَّ تصنيعُها بعناية، وإنما للمباهاة.
وقد ضربتُ مِثالين في عِدَّة مناسبات، أنَّني كُنت في ورشة عمل، وكان المدير العام يجلس على طاولة المتحدثين، وكان يضع هاتف آيفون أمامه على الطاولة، ولسوء حظه رن الهاتف الذي يُخفيه في جيبه وهو من شركة نوكيا آنذاك، فخرج به سريعاً إلى خارج القاعة ليتكلم.
والمناسبة الثانية: كُنا في اجتماع وقبيل الاجتماع كان أحد الحاضرين يتكلم عبر هاتف آيفون، وبعد الانتهاء من المحادثة قال أحد المسؤولين -وكان يجلس في الجهة المقابلة- لديَّ نفس هاتفك، ولكن لا أجيد استخدامه وأستخدم هاتفاً آخر! فقال له: "ولكن لماذا تقتنِي هاتفًا وأنت لا تفقه فيه؟ فقال وبكل صراحة وبكل شفافية: "للوجاهة".
ولكي لا أُتهم بالانحياز، فإنَّني أستخدم جميع الأنظمة، وأمتلك هواتف من معظم الشركات، وأنا أُحب التجارب لسبر أغوار أسرار تلك الهواتف؛ ففي هذا العام لوحده اشتريتُ أربعة هواتف جديدة بمعدل كل شهرين هاتف.
فالغاية هي اكتشاف كل جديد، خاصة وأنَّني مُهتم بتقنية الهواتف الذكية، وقد كُنت أحدَ المطوِّرين في منصة جوجل لبرامج الهواتف الذكية، إلا أنني بدأت في التراخي عن هذه الصناعة التي تحتاج إلى تطوير ومتابعة مستمرة.
muqbali@gmail.com