"الكتاب والأدباء" تسلط الضوء على تجربة صالح الريسي

باحثون عمانيون يكتشفون حقيقة "الشاعر الذي يمشي على الماء"

 

مسقط - الرؤية

أقامتْ الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء ندوة أدبية عن منجز الشاعر صالح الريسي الشعري، بعنوان "الشاعر الذي يمشي على الماء"؛ شارك فيها الباحث فهد الحجري، والشاعر أحمد مسلط السعدي، والباحث عبدالله الضبعوني. أدارت الندوة الشاعرة أصيلة بنت سيف السهيلية، والتي قدَّمت في كلمة لها رؤية حول تجربة الشاعر صالح الريسي، وتجربته الإبداعية التي واكبتْ التميُّز الشعري الذي شهدته الساحة الأدبية الشعرية في السلطنة.

وقدَّم الشاعر أحمد مسلط ورقة بعنوان "الفكرة واللغة بين التجديد والتقليد" في ديوانيْ "حلم" و"النظر حد الأصابع" لصالح الرئيسي، الذي انطلق من عدة محاور. وأشار مُسلط إلى أنَّ فترة النصف الأخير من ثمانينيات القرن المنصرم، شكلت قفزة نوعية في كتابة القصيدة الشعبية في السلطنة، فبَرَز خلالها شعراء كانت لهم اليد الطولى في ترتيب أوراق الساحة الشعبية من جديد. وحول مآلات الفكرة عند صالح الرئيسي، قال مسلط إن النهج الذي انتهجه صالح الرئيسي في كتابة قصائده نهجا لم يتعد المألوف كفكرة، ووجدت أن العاطفة التي اجترها صالح كونها الأقرب إلى النفس البشرية والتي تؤول لأكثر من شعور في النص الشعري؛ فنصوص الحنين -سواء كانت إلى الحبيبة، أو إلى الوطن- لابد أن يكون متبوعا بالألم والبكاء حتى وإن كان رمزيا في بعض المواضع، إذا رافقته الغربة أيضا.

وأضاف مسلط: إنَّ صالح الريسي حاول قدر الإمكان السمو بالفكرة من حيث الطرح والتوظيف اللغوي، مستندا إلى موسيقى سهلة ذات رتم واحد غير متكلف، داعما تلك الموسيقى بصورة سلسة.

وتطرَّق مسلط إلى التأثير النمطي السائد في طرح الفكرة وتأثيره عند صالح الرئيسي، وبين الشاعر مسلط أيضا الخروج من عباءة اللغة التقليدية في ديوان الحلم للشاعر الرئيسي، تلك اللغة التي تتخطى كل الحدود، شفيفة براقة، كما بيَّن الشاعر مسلط خصصوية الوقوف على عتبة اللغة الراقية والهروب من التقليدية ومآخذها مع الشاعر، موضحا أنه لم يتكئ على تلك المنضدة الممتلئة بالمفردات المستوردة، ولكنه حاول جاهدا أن يطوع المفردة المحلية ليجد لها مكانا وأرضا خصبة في نصوصه.

وقدم الباحث عبدالله الضبعوني ورقة بعنوان "العاطفة في شعر صالح الريسي"، وأشار خلالها إلى أنَّ قصائد الشاعر تضمنت العاطفة الأسرية التي انقسمت إلى قسمين: الشكوى ووصف الحال، ومرثيات والدته، فنجده في الشكوى ووصف الحال مسكونا بالمستقبل وما يخبئه عند منعطف الطريق؛ فالأوضاع السائدة شكلت لديه لحظات قلق ظهرت في نفسيته لتجعله مسكونا به، وكل ذلك ما كان لولا عظيم العاطفة الأبوية الحانية؛ فقد أرهقت صالح الإنسان قبل أن يكون شاعرا. فصالح الذي انعكس ملفوظ اسمه على حياته وعظيم أفعاله تجاه أسرته أحاطته المسؤوليات الجسام، لتظل جاثمة بثقلها على كاهله، وكل ذلك سوغ لوجود متنفس القصيدة ليبوح بواسطتها عمَّا يعتلج في خاطره، فقد أبت القصيدة هي بدورها إلا أن تكون انعكاسا لواقعه المعاش. وفي هذا الجانب يقول الباحث الضبعوني أن في شعر صالح الرئيسي نجد للتشبيهات والمحسنات البلاغية موقعها من نفسه، فصالح الشاعر امتزج بالإنسان ليتفاعل كل منهما مع الآخر ولينجم عن هذا لتفاعل الفكري والفني خلق إبداعي جديد. تخلل الأمسية القاء قصائد شعرية للشاعر صالح الرئيسي التي مثلت تجربته الشعرية المغايرة تفاعل معها الحضور.

وقدم الباحث فهد الحجري دراسة بعنوان "الشمس والأرض في شعر صالح الريسي"، التي ركزت على توظيف الشمس والأرض في شعر صالح الرئيسي، وسلطت الضوء على طريقة التوظيف الشعرية للمفهومين، وأشار الحجري إلى أنَّ الشمس والأرض من القضايا الكونية التي شغلت الإنسان منذ البدء، وجعلته يفكر في كل ما يحيط به، ويؤثر في حياته بشكل كبير، ويمكن القول وبعد تحول الشعر من الثيمة الدينية المرتبطة بالأسطورة إلى الحياة الاجتماعية ورصده لثقافة الإنسان وممارساته اليومية، تحولت معه توظيفات كثير من المفاهيم؛ ومن: بينها الشمس والأرض، لقد ارتبطت الشمس عند الشاعر بالحياة والقوة، والمعطى الكوني الذي يعمل بديناميكية كونية حيوية أمام مجابهة المغيب والظلام، كرمز للموت في تجربة الشاعر الشعرية؛ وفيما يتعلق بالأرض فقد ارتبطت دائما وأبداً بالإنسان من خلال عطائها وهباتها التي منحت الإنسان الاستقرار والرخاء، وقد بحث عن كل ما يمكن أن يمنحه الأمان ويهبه العطاء، فكانت منذ الأزل الواهبة بخيراتها، منذ كانت مُقدسة قبل الانقلاب الذكوري، وحضورها في الأدب والشعر ارتبط بالعطاء والهبة. ومن خلال التجربة الشعرية للشاعر الرئيسي رصدنا توظيفاته للأرض كرمز؛ مثلا ارتبطت الأرض في كثير من النصوص بالعطاء من خلال الإنبات والزرع الذي يفيض بالحياة على هذا الإنسان. وفي ختام ورقته، قال الباحث فهد الحجري تبقى مسألة الشمس والأرض مرتبطة وبشكل كبير بتجربة الشاعر صالح الرئيسي، وقد اختلف توظيفهما حسب الموضوع، وارتباطهما له علاقة بالسياقات الاجتماعية والثقافية، التي أفرزت السياق النفسي الذي من خلاله أعطى بصمته في توظيف الشمس والأرض في تجربة صالح الريسي الشعرية.

تعليق عبر الفيس بوك