خلفان الطوقي
استوقفتني صورة مولانا صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المُعظم - حفظه الله ورعاه ورزقه الصحة والعافية وأمدَّ في عمره - عندما التقى عدداً من رجال الأعمال العُمانيين عام 1990، وما كان لهذا من أثر عميق في نفوس القطاع الخاص ومن يمثلونه، ولعلم ويقين مولانا الفذ والملهم بأهمية لغة الحوار المستمرة وما تجنيه من نتائج إيجابية تأتي بثماره الآنية والمستقبلية على المجتمع كافة، من هنا نبعت فكرة رفع مقترح لمجلس الوزراء الموقر بعقد لقاء مشترك سنوي على غرار اللقاء السنوي المشترك الذي يعقده المجلس مع أعضاء مجلس الشورى الموقر.
لقاء المجلس بعدد من رجال وصاحبات الأعمال المؤثرين ومن كافة محافظات السلطنة لا يقل أهمية عن لقائه بمجلس الشورى خاصة في هذا التوقيت الحساس؛ حيث إن الاقتصاد يلعب دورا محوريًا في أي مجتمع، خاصة وأننا نمر بمرحلة تحتاج إلى تكاتف وتعاون والتفافنا حول بعضنا البعض، كما تعود الأهمية إلى عدة زوايا منها الاستماع إلى فئة مؤثرة في المُجتمع من أعلى سلطة في البلاد وذلك يعني الكثير لهذه الفئة المهمة في المجتمع، وإلى تنمية روح الحوار والنقاش بين جميع الأطراف وفي جميع الأوقات، وليس في أوقات الأزمات فقط ، كما أن مثل هذه اللقاءات تتمكن من خلاله الحكومة من تقييم نفسها بين فترة وأخرى، وهل هي في المسار الصحيح أو تحتاج إلى تطوير يتناسب مع المستجدات العالمية، أضف إلى ذلك وكما هو معروف أن مثل هذه اللقاءات والحوارات تولد دفعة إيجابية جديدة للمستقبل من خلال طرح أفكار ورؤى تتوافق مع المتغيرات والمستجدات التي تحدث في العالم مما يتطلب تغيير في التشريعات والقوانين، كما أن مثل اللقاءات المشتركة السنوية تقلل سوء الفهم والانتقادات السلبية واللغة المحبطة وتغلق على المحبطين والسلبيين إطلاق أحكام واهية وفارغة، وفوائد أخرى لا يسعها مقال قصير كهذا.
أرى أنَّ هذا المقترح سهل التنفيذ وقابل للتطوير والتأطير، حيث يمكن لغرفة تجارة وصناعة عمان أن تتبناه بالتعاون مع فروعها في المحافظات، ويمكنهم ترشيح عدد معين من كل محافظة ممن يمثلون ثقلاً ماليًا وفكريًا على مستوى المحافظة بشكل خاص وعلى مستوى السلطنة بشكل عام، على أن يراعى الوضع الاقتصادي لكل محافظة في نسبة تمثليهم لهذا اللقاء المشترك، على أن يناط بالغرفة مهمة إعداد جدول أعمال، وتكوين فريق عمل مشترك ينبثق من هذا اللقاء لمتابعة التوصيات والرؤى لضمان تحقيق كل أو بعض ما تم الاتفاق عليه، وبما أن السلطنة تتبنى الاقتصاد الحر، أتمنى دعوة عدد من المستثمرين من غير العمانيين لسماع أصواتهم، وإيصال رسالة إيجابية وهي أن أعلى سلطة في البلاد تسعى لسماع أصواتكم، وتسعى لتطوير المنظومة الاستثمارية وتهيئة الأرضية الجاذبة لممارسة التجارة في عمان.
أرفع هذا المقترح وكلي أمل بل وأراهن على أن هناك من يستمع له في مجلس الوزراء الموقر، كما أتمنى من مجلس غرفة تجارة وصناعة عمان المنتخب منذ عدة شهور أن يتبنى هذا المقترح ويرفعه للمجلس إن اتفق مع المقترح، خلاصة القول إنَّ هذا المقترح وغيره يعتمد نجاحه أو فشله علينا جميعاً، فهناك من الإيجابيين من سوف يتفاعل معه ومحاولة تبنيه ولو بالكلمة الطيبة، وهناك من سوف يحاول دفنه في مهده، داعين الله عزّ وجلّ أن يجد آذانا صاغية واعية بالمتغيرات وأهمية التحرك السريع، وقلوبا صادقة ونوايا حسنة وهمما صادقة ومخلصة وجبارة للقيام بكل ما فيه مصلحة لهذا الوطن الغالي وشعبه الأبي وسلطانه الفذ.