من حكايا العمــر


نبيه شعبو - سوريا


كيف تمضي الحكايا قصاصات في تبعثر الذاكرةِ .... تحمل حقائب العمر منذ اللحظةِ  الأولى  حتى تصمتُ الخطا على دروبِ ترحالها..... في البدءِ امرأةٌ من خصبٍ وحنانٍ أخذت  تحيكني قطعا من خيوط الرحم  والوجع.... لتصيّرني جسداً يرتشف النسغ  من حلمة صدرٍ يحنو فوقَ فصولِ البكاء .... وتعمدّني بالملح ومسحوق الريحان الطريّ  سبع أيام لتطهّرَ جسدي من شوائبِ  المخاض وتكسبه مناعةً من رائحةِ التعرّق يوما في حقول التعب..... ويكبرُ فيَّ الجسد .... وتغدو الأمنيةُ قوس قزحٍ ينتصبُ  بين مجرى نهر الرغبات ودروب غيمةٍ من التشهّي...
... وقبل أن أسند  عليه قامتي تهب رياح العمر... فيخطو النهر فوق حصاه  وينزاح الغمام  لتهوي ألوان طيف القزح في غيبوبة الضباب....لأنهض في حضرةِ امرأةٍ من ندى.... تأخذني بين ذراعيها... أتحسس كوامن الأشتهاء المنحبس  خلف قضبان الترردِ ... اعتصرتها  بيدي واستحالت خيوطاً من المطاط تطاولت ثم انفلتت أمام تمرّد نهدٍ فوق رخام الصدر ... عندها سفك النبيذُ دمه فوق صقيعِ الشفاه وراح  يهذي قصائد عشقٍ في قيلولةٍ على شرفةٍ ترقب دروب الفصول.... قالت: تشهيت رائحةَ جسدك عندها تذكرت من عمدتني بالملح والريحان..... قال الزيزفون بغرور: عندما أنهض على ضفاف المساءات تمتلئُ الفضاءات الشاسعة بأريجي.... تبسّم الطيّون وهمسَ: هذه الدروب الممتدة شرايين عشقٍ هي قواريرُ عطري  وعجين أوراقي  ضماد جرح من عبروا.... المرأةُ السارحةُ بسلّتها عبرَ السفوح خطّت على صفحة الغروب.... المديةُ التي  تقطع  أوراق الهندباء هي التي جرحت  أصابع الجوع.......

 

تعليق عبر الفيس بوك