إنشودة اليوم الآتي

عبد الله الجيزاني


ترسمين الدوائر الحالكة، فزاعة لليوم الآتي وضعتكِ في الماضي علامة مضيئة، أستبشر بها دائماً، ليس هناك ما يشبه اناقتكِ في المدى المحيط بنا آنذاك، وتوقفت ساعتنا الرمادية بهدوء أصيل وموارب، بلجة الغفلة كان هذا العمل يستحق التأمل، وإدراك الحقيقة الفتية في بيانها المؤثر.
الندبة الظاهرة على فستانكِ كانت أول جرح يصيب بكارة الصباح، ويسحب الطريق من لسانه، رغم أني كنتُ عصيًّا وعلى وشك الإفلات من قبضة التذمر، وكان ميلادي، في قلب الحدث المجنون يومذاك، وما عمق تلوعي بلظى افعال خارج الإدراك او بعيدٌة عن متناول اليدين، إلا وكان جزائي حفلة اختبار الأرق، والتيه ضمن حشد من الياقات الأفلة، والأبدان المنتفخة، وأطنان من مساحيق قلة الذوق تؤطر المنحنيات وترسم الخطوط الملونة استدراراً لهيبة منتهية الصلاحية ، أقاوم تطلعات العسس الغافي على بوابات الريح ، أغلق نافذة الإصرار مسرعاً نحو بيادر الفطنة ، تحدثنا ملياً حول أزهار النرجس الحاضنة رحيق النحل وشهده، أوصدتي كل الأبواب الموصلة للهواء النقي، إما كفانا، حصار اصبحت حياتنا كلها في دوامة الحصار هذه الأيام ، في البيوت، الطرقات، العمل، الأعلام، المدارس، المقاهي، وفِي فضاء السياسة، إلا إن الحصار الأقسى حصارنا لأنفسنا.
سأبقى راكباً صهوة الإنتظار، أقرأ قائمة المبتكرات المناسبة، والتي تشبه ظروفكِ، آتيه في حيرتي، وأعود أدراجي، مدججاً بسلاح الفتنة المزمنة التي مازالت تنهك الشارع وتدمي أرصفته المتهالكة القّدَم، أخاطر بما يعتريني من ثقل أدميتي، في تلك الأثناء، هالني ما توصلت إليه من حالة التذمر والانكفاء، كل هذا يزيد من تأملات الوقت المغامر لرصيدي الاغترابي، وأتطلع بانتظام نحو طاقة الانفراج الممكنة علني أحظَ ببوصلة ترشدني، تنقذني من هذا الظلام المستبد حتى الرمق الأخير، رغبتي بلا حدود، لسانحة متزنرة بروح الفكاهة بإحلك اللحظات ولا تعرف القنوط أثناء طقوس ارتكاب الأثم في المساءات الممتلئة الحنان والظفر ما انهمكتُ بشيء واستغرقتني تفاصيله إلا وكانت دفاتر الفراق الصدئة تلوح لي بذاكرة هرمة مبتلة الأهداب، كم حاولت ترميم تلك المسارات متكئاً على قدرة الشوق المتجمع في الشرايين، وأتفاجأ بحيوية الحياة التي تؤنس المحيط وتغني الروح، واكبتني خفة الزهد في الأداء الرصين والعفة في اللقاء .. قمة التكلف المكين صنعته أنهار اليقظة المنتفضة على جلبة التهور في سمائنا، والمتوفرة قصراً من أجل المواكبة، الطيور حاسرة القوام في أعشاشها الوارفة البهجة.
هل استوعبنا الدرس؟
لا أظن ذلك.

تعليق عبر الفيس بوك