سماءٌ يتهافتُ جسدُها


سوسن الغزالي – ألمانيا

مطرٌ
لا يغيّرُ سوى
طقسِ  
الأشجارِ الوحيدةِ
وقلبي

مطرُ الصّيفِ
سماءٌ يتهافتُ جسدُها
لاستردادِ غيمِها الغائبِ

ماء
أينَ يذهب كل هذا ؟!
أين تختفي السماءُ الآنَ !
أي إلهٍ مسكينٍ !!
يبكي على نفسِه
على قوّتِهِ الخرافيةِ
على قسوةِ الخَلقِ
على الأحياءِ الذين ماتوا عند أوّلِ حادثةٍ لليأس

كيفَ للأرضِ أن تحتملَ
كل هذا الأنينَ

 المطرُ الصاعدُ إلى الغيمِ
نشيدُ الموتى
كي لا ننسى
آلامَ المقهورين
منذ قَتلَ قابيلٌ أخاه
ونحنُ ندفنُ الجرائمَ في ذاكرتِنا الإنسيّة
فتتحوّلُ إلى شياطينَ صغيرة

كيف تنجو الأرضُ من  بؤسِها؟!
كيف تعودُ منها الأرواحُ
طاهرةً ، نقيةً، كماءِ الينابيعِ؟!
كيفً الخلاصُ منّا
مما يتسربُ إلى دمِنا

وعيُنا المتداعي والمدّعي
حروبنا الداخلية الاتنتهي
نخلقُها ونصدّقُهاونقتُلُ اجمل ما فينا
ونبكي عليه
كأعداءَ ودودين

مطرٌ غزيرُ الصّراخِ
يبلّلُ اليباسَ  
واليأسَ الآدميَّ
كم أنتَ وحيدٌ !!
كم أنتَ وحيدٌ وحزينٌ
كحبيبٍ هجرتْهُ الآلهةُ العاشقة
حين أحبَّ نفْسَه كصورتِها
 مرآة لإنعكاسها فيه

من عبوديّةٍ
إلى أخرى
نواصلُ الرقصَ والغناءَ

من حضارةٍ
إلى أخرى
لم يكترثْ  السياح ولا مقتفي الآثار المحترفين
ل عرَقِ، دمعِ ، دمِ العبيدِ
 

خُلِقْتَ دونَ سؤالٍ
و لن تُسألَ عندَ الرّحيلِ
عبثاً تبحثُ عن المَعنى
بين الرُّكام

لن تعرفَ تماماً
كيف تمّتْ خيانتُهُمْ
وايُّ مؤامرةّ كونيّةٍ
حيكتْ ضدّك ،ضدهم
وأيّةُ أقدارٍ مثيرةِ الحزنِ والمللِ
أوجَدًتْكَ ...

احمل جرحك كالصليب
ولا تصدق دموع المنتحبين
الألم يشتهيك وحدك
لا شريك لك
فمد له دمك
طريق الرحيل
ولتعد من موتك
 نقيا
كقلب الشهيد ...

 

تعليق عبر الفيس بوك