حمود الطوقي
أصوغ فكرة هذا المقال بعد توقُّفي لشراء وجبة غدائية من أحد الأكشاك المنتشرة في سهل أتين بصلالة؛ حيث كنت أبحث عن طعام نظيف تطمئن إليه الحال قبل المال، وحتى لا أقع ضحية لبعض العمالة الآسيوية التي يتم مُخالفتها وغلق محلها بسبب بيعها الطعام الفاسد.
وأنَا أتجول في هذا السَّهل الجميل أتعمَّق في النظر عن الشخص الذي يقف وراء هذا المطعم أو ذاك الكشك؛ فوجود العُماني وهو يدير مشروعه يجعلك تشعر بالاطمئنان إلى أن ما تشتريه من مأكل ومشرب نظيف وبعيد عن محور الشك. رغم عشرات من الأكشاك المنتشرة في سهل أتين، إلا أنَّ أحد الأكشاك لفتت انتباهي، واضطررت طواعيةً للوقوف ومعرفة ما يقدِّم من أصناف.
كانتْ من تقف وَراء هذا الكشك امرأة خمسينية جاءتْ مع أفراد أسرتها من ولاية العامرات بمحافظة مسقط، لتستقر هنا في ولاية صلالة، كمحطَّة مُؤقتة تعمل مع أبنائها وبناتها، وربما أحفادها، طلبًا للرزق الحلال.. حقيقةً، اشتريتُ ما طابَ ولذَّ من الطعام وأنا أبصم بالعشرة أنه طعام لذيذ وطيب المذاق؛ لأن من يقف وراءه أسرة عمانية امتهنت هذه المهنة كمصدر للرزق.
هذا الموقف جَعَلني أفكِّر بتعمُّق حول التحديات التي تواجه رواد الأعمال، وباستجلاء ما حصل بعد ندوة سيح الشامخات، والتي كانتْ توصياتها بمثابة قرارات، تحث على إيلاء الرعاية والاهتمام بشريحة التجار الجدد (رواد ورائدات الأعمال)، والتي نتج عنها ظهور صندوق الرفد، وضم البرامج التي كانت تتبع وزارة القوى العاملة إليه مثل مكاتب سند، إضافة إلى ظهور الهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة "ريادة"، وتشكيل مناخ جديد لحزمة من الإجراءات، تدفع نحو تهيئة بيئة تدعم ريادة الأعمال في السلطنة، لتحقيق جملة من المنافع، التي تصب في صالح تنويع الدخل، وتحفيز الاقتصاد العماني.
من خلال هذه المعطيات، وتحقيقا للأهداف النبيلة، ستعقد خلال مطلع الشهر المقبل في صلالة أعمال الملتقى العربي لريادة الأعمال للسنة الثالثة على التوالي، تحت عنوان: "الاقتصاد الرقمي وريادة الأعمال". وأتمنى من الملتقى أن يُسهم في إعادة قراءة ورصد وتحليل ما حصل على أرض الواقع منذ مرحلة ما بعد سيح الشامخات وحتى العام 2018؛ من خلال استضافة الجهات المعنية بتطبيق قرارات سيح الشامخات، والجهات التي تمَّ تأسيسها من أجل هذه الغرض، وتوثيق ذلك، ومناقشة البرامج والأرقام والنسب والأثر الذي تحقق لـ"ريادة الأعمال"، ومدى الاستفادة الحقيقية والملموسة للرواد والرائدات، والمعيقات التي حاصرت بعض المشاريع، وسياسة الاحتواء أو الدعم الفني، ونماذج عامة عن الإخفاقات في المشاريع وأسباب حصولها...وغيرها من الجوانب ذات الصلة.
هنا.. لابد أن نهمس للمنظمين والقائمين على تنظيم هذا الملتقى بأهمية مناقشة عدد من المحاور الفرعية والرئيسية؛ مثل: برامج الدعم الريادي التي يقدمها صندوق الرفد، وما هي المسؤولية التنظيمية، وفِي سبيل ذلك لابد من الوقوف والبحث عن خارطة طريق، وشهادة رائد ورائدة عمل، وما هي علامات النجاح والتحديات المصاحبة لهذا النجاح، لابد لهذا الملتقى أن يستقطب جهات ذات علاقة على طاولة النقاش مثل الجهات التمويلية كصندوق الرفد وبنك التنمية العُماني، وهذه الجهات عليها أن تطرح مرئياتها حول دور رواد ورائدات العمل على خارطة الاقتصاد العماني. كما لابد من الاستماع إلى شهادة الهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة "ريادة"، ونظرتها حول "المستقبل التفاعلي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة". وأيضا لابد من الاستماع لقصة نجاح مؤسسة فردية قُبطانها رائد أو رائدة أعمال ناجحة لنستمع إلى شهادة عن مسيرة الكفاح والخُطى التنافسية لهذه المسيرة، كما يُتطلب دعوة غرفة تجارة وصناعة عُمان؛ كونها جهة معنية، ولديها فروع في مختلف المحافظات، والتعرف على دور وفروع الغرفة لطرق أبواب الريادة التجارية، وتحقيق النجاح.