شركة مبتكرة بدأت من "الجراج" تتفوق على عملاقة النفط "بيتروتشاينا"

"آبل" فوق التريليون دولار.. عائد الاستثمار التقني يتجاوز الناتج الاقتصادي للدول

الرؤية – خاص

ليس جديدا القول إن المستقبل – كل المستقبل – للشركات التي توجّه استثماراتها لمجالات التقنية والابتكار والإبداع دون الاكتفاء بتقليدية الاستثمار في المواد الخام، لكن الجديد أن شركة "آبل" برهنت على هذه الحقيقة عملياً بأن أصبحت أول شركة أمريكية تتداول أسهمها في البورصة بقيمة بلغت تريليون دولار، حيث ارتفعت أسهم "آبل" بنسبة 2.7% لتصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 207.05 دولار للسهم في منتصف نهار الخميس.

وزادت "آبل"، التي بدأت نشاطها في مرآب مؤسسها المشارك ستيف جوبز في عام 1976، إيراداتها لتتجاوز الناتج الاقتصادي للبرتغال ونيوزيلندا ودول أخرى، وقفز سهم آبل بما يزيد على 50 ألف بالمئة منذ طرحها العام الأولي في عام 1980، بينما ارتفع المؤشر ستاندر آند بورز 500 بنحو 2000 بالمئة خلال الفترة نفسها.

لذلك فإن القفزة التي حققتها "آبل"، تمثل علامة مالية فارقة لشركة التكنولوجيا التي تأسست قبل 42 عاما، حيث ارتفعت أسهم الشركة بنسبة 22% حتى الآن هذا العام، وجاء ارتفاع سعر سهم "آبل" الخميس بعدما أعلنت الشركة الأربعاء عن تحقيقها أرباحا تجاوزت التوقعات.

ليست "آبل" وحدها، وإنما تضم قائمة الشركات التي تقرب من تكرار الإنجاز نفسه عدة شركات تعتمد على الابتكار التقني أولا، وعلى رأسها شركة "أمازون" للتجارة الإلكترونية التي بلغت قيمتها حتى الآن نحو 876 مليار دولار، فيما تخطت القيمة السوقية لشركة التكنولوجيا "ألفابت"، المالكة لشركة "جوجل" نحو 851 مليار دولار.

وفي المق آبل، كانت شركة "بيتروتشاينا" العملاقة في مجال النفط تجاوزت بشكل مؤقت حاجز التريليون دولار في أواخر 2007 لكن سعر سهم الشركة الصينية تهاوى بشكل صادم مع تراجع أسعار النفط خلال الأزمة المالية العالمية، وهو ما يبرهن على الحقيقة ذاتها: المستقبل للاستثمارات المستدامة، وإن بدأت بتمويل أصغر من أن يتوقع أحد فرص نموه.

 وقال المحلل دان ايفز من بنك جي.بي.سي. في تصريحات بعد التحركات التاريخية فى السوق إن ما حدث يؤكد مدى قوة نظام آبل على مدى العقود القليلة الماضية، وهذه ليست النهاية، إنها تصل إلى تريليون دولار، وأرى أنه مجرد حديث عن مرحلة جديدة من النمو والربحية. وأكد "إيفز" أن نمو أرباح البرامج والخدمات للشركة كان سبب هذا التقدم، إذ سجلت فئة "الاستلام" - التي تتضمن متجر التطبيقات App Store، وAppleCare، وApple Pay، وiTunes، والخدمات السحابية - أرباحًا ربع سنوية قياسية بلغت 9.55 مليار دولار.

وقفز سهم "آبل" لتصل مكاسبه إلى نحو تسعة، حينما أعلنت شركة التكنولوجيا نتائج مالية تجاوزت التوقعات في الربع المنتهي في يونيو وقالت إنها ستعيد شراء أسهم بقيمة 20 مليار دولار. وحتى نتخيل نسبة الأرباح، نجيب على السؤال الافتراضي: لو استثمرت 1000 دولار في "آبل" قبل 10 سنوات كم ستصبح ثروتك اليوم؟ يعني ذلك أنّ هذه الألف دولار تصبح الآن حوالي 9222,50 دولار، إضافة إلى علاوات أخرى.

وكانت أسهم شركة آبل قد ارتفعت مؤخرا، عندما سرب وارين بافيت المدير التنفيذي لشركة "بيرشاير هاثواي"، خبر شراء شركته لحوالي 75 مليون سهم من شركة آبل، مضافة إلى 165 مليون سهم تمتلكها شركته من قبل، لتتوج "آبل" بذلك موجة صعود استمرت عشر سنوات بدعم من هواتفها الرائجة آيفون التي حولتها من شركة متخصصة في أجهزة الكمبيوتر الشخصي إلى شركة عالمية كبرى تعمل في مجالات الترفيه والاتصالات.

لكن يشار إلى أن "آبل" واحدة من خمس شركات أمريكية احتلت المركز الأول في وول ستريت من حيث القيمة السوقية منذ الثمانينات، إلا أن شركات مثل ألفابت وأمازون دوت كوم قد تطيح بها من الصدارة إذا لم تجد لنفسها منتجا أو خدمة جديدة ذات ثقل، في الوقت الذي بدأ فيه الطلب على الهواتف الذكية يفقد زخمه.

وفي كل مرة تعلن فيها شركات التقنية عن أرباحها الفصلية، خصوصا جوجل، وفيسبوك، وأمازون، وآبل، ومايكروسوفت وهي أكبر خمس شركات تقنية من حيث القيمة، يتأكد للعالم أن الاستثمار في المستقبل يحقق أرباحًا خيالية تفوق أرباح الصناعات التقليدية، بما يفرض واقعًا جديدًا في الاقتصاد بدأ يتبلور معالمه في الفترة الماضية، فعائدات تلك الشركات وما تقدمه مختلفة تمامًا عن الشركات التقليدية.

وقد شهدت الأعوام القليل الماضية العديد من الصفقات الكبرى في قطاع التكنولوجيا بما يفوق مليارات الدولارات، ومنها صفقة الاستحواذ على شركة توشيبا للرقائق الإلكترونية إلى تحالف بقيادة باين كابيتال، وشراء أنتل لشركة اتصالات، فضلاً عن استحواذ مارفيل على كافيوم، وكانت الصفقة الأبرز فيها استحواذ مايكروسوفت على شبكة التواصل المهني "لينكد إن" بمبلغ وصل إلى 26 مليار دولار.

 

تعليق عبر الفيس بوك