صباحات باسلة


هاشم الجنابي - العراق


راحت السماء تحملق على أديم الأرض غير آبهة لمآرب العتمة، وكان الظلام لايزال جاثمآ على صدر كل البسيطة إلا ما اقتضاه الله - جل جلاله- ، وكادت الغياهب تصيب كل من هبَّ ودبَّ بالذعر وتدخل في نفوسهم الريبة والارتياب، وكانت خطوات السكون المشبعة بالجزع قد ملأت كل الممرات والآفاق وانطلقت صوب المدى لتحول كل تلك الأمكنة إلى مشاهد صمت ووجوم.!
وظل الليل متربصًّا يضلل خيوط الفجر الكاذب كي تتراجع عن الانسدال من بطن السماء لولا حشود الضياء التي استدارت ببراعة نادرة وقفزت من فوق جدران الغبش لتحول أسطورة الليل إلى مجرد عباءة رمادية قد مزقتها فيالق النور!
كانت اللحظة التي تفصل الليل عن الصباح هي لحظة مدهشة بحق،! حيث أخرجت الكثير من الحيارى من حيرتهم وراحت توزع الآمال بقدوم فجر جديد وتستدعي كل من لم يجد بُدًّا من التعايش مع العتمة ولو لحين لكي يبدأوا مشوارهم مع النور من جديد ..!
صار الليل مجرد أحاديث بعد أن خانته الشجاعة ليمكث طويلآ بصمته المريب..!
وها هو الصباح الواثق من بسالته ينتصب بزهو ويهتف للشمس: إن الظلام آل للزوال وقد سقط..!*
وقد استأنفت شمس الأصيل عبر أسلاكها الذهبية بالانتشار وتابعت استسلام وإذعان الظلام الحالك، وأخذ الضياء ينادي رفاق النور لكي يسلكوا سبل الرشاد والصلاحوالفضيلة والعزم، ولرؤية مراسيم الكبرياء الذي شرع بترديد آية وهج النور وترنيمة النقاء والمحبة...!
.........................................
    * فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة *
                سورة الأسراء / الآية 12
     

 

تعليق عبر الفيس بوك