بيـت ُ الذاكــرة


عبد الله زيادة أبو خالد – فلسطين

في البيت البعيد
لم تعد تسكن سوى الذكريات
خربشّات على نافذة احتلّها الصدأ
قفّل قديم على باب ٍ هالك .. كتّب في الخزّانة التي تآكلت مع الزمن..
مسمّار في الجدار كنت أضع عليه ملابس العيّد
لم يتغير شيء.. سوى أنا
أنا والشجرة التي زرعتها في حديقة البيت
كبرّنا معا ً.. بل أنّام في ظلّها بكل هدوء
أثمّرت وغدت أجمل مما أتصور..
يحطُّ عليها العصفور الجريح
يُغرّد كأنه ملّك َ العالم بأسره..
شاهقة بحجم الذكريات التي بيننا
الطابون وحده تناثر.. ولكن رائحة الخبز
ما زالت تُعطّر ُ المكّان.. مازلت أذكر
تلك الكرسي التي أجلس عليها لساعات
وأنا أتناول ذلك الخبز العظيم..
كأنني كنّت ُ في مطعم ٍ فاخر.. بركة لا حدود لها
في ذلك البيت.. تلفاز ٌ قديم كان واقعيا ً
لا يلّون الواقع.. غدا بيتّا ً للعنكبوت.. وصورتي
التي كنت أبتسم بها ما زالت صامدة فوق الحائط..
كنت فيها طفلا ً يكبر في زوايا هذا البيت..
ما زالت تحدثني عني .. وتسألني أين أنا من هذا الغيّاب؟ ألهذا الوقت تقطعنا.. لم تزر طفولتك حتى بلغت شابا.. أخبرتها بأن الحياة تغيّرت وكل شيء تغيّر.. إلا أنا ما زلت أحافظ على هذه الإبتسامة التي تجمعنا.. على هذا البيّت الذي يسكن داخلي .. ما أبعدني عنّي كل هذا الوقت ..هو أنني أرغمّت ُ نفسي على الإقتنّاع.. بأن الحب ليس في القرب بقدر ما يكون في الاهتمام.. لهذا كنتم معي ولم تفارقوني ثانية أينما أذهب ..تسافرون معي ..ثم تجولت ُ في البيت أكثر من مرّة.. وقفّت ُ على مرآتي التي كنتُ أقفّ عليها عند ذهابي للمدرسة كل يوم ..رأيت بها طفولتي البعيدة ..رأيت ُ بعض الشيّب الذي لم أكنّ أفكر فيه حينها ..رأيت ابتسامة وغصة. هنا وهناك.. تلك المرآة أعود لها بعد زمن في شكل ٍ مختلف تماما ً لكنها بقيّت على حالها.. تصّور الواقع كما هو .. لا تُجمّل ولا تُغيّر.. بل هو الزمن الذين صنع كل تلك التغيرات والتناقضات.. فمن الطبيعي أن تتغير ملامحنا عبر الزمن.. لكن من العار أن تتغير قلوبنا..

 

تعليق عبر الفيس بوك