و يحدث.. أن


سمر محفوض - سوريا


ويحدث.. أن
 يضيقُ الوطنُ
ليصبِحَ بحجمِ رغيفِ خبزٍ
بطولِ ساعاتِ تقنينْ
بسعةِ خزّانٍ فارغْ
ويحدثُ أن نظلَّ نعشقُهُ

يحدث...أن
في اللوحةِ المعلقةِ على جدارِ غرفتي
صورةٌ جماعيةٌ لشخصٍ واحد.

ويحدث..
 أني بعد قليلٍ سأقضُمُ ما تبقى من أصابعي
كي لا أعاودَ العدَّ العكسيَّ لانتظارِك
يحدث بعد قليلٍ  أن انثرَ
 هدوئي لينهضَ بكاملِ غرائزِهِ
إلى أغصانِ جوعِكَ الغاوي

يحدث ..
أن يكونَ فنجانُ قهوتي الوحيدُ,
معبدَ شاغرٍ
يعلقنُي على أهوائِه...
كعطشٍ لا يرويهِ شيءٌ.

ويحدث ..
أن كلَّ ما تبقى من الحديقةِ المقابلةِ لمنزلي .
الحديقةُ الجرداءُ من كلِ شيء..
الحديقةُ التي تحولَّتْ إلى مكبِ قمامة ..
كلُّ ما تبقى لافتةٌ كُتِبَ عليها..
ممنوعٌ قطفُ الأزهار.

يحدث..
أنه موعدُك اليوميُ.. مشوارُك اليوميُ..
قبلتُك اليوميةُ.. غيابُك اليوميُ..
وبدقةٍ أكثرَ هو نسيانُك اليوميُ ..
واعني اليوميَ الدائم.

ويحدث
أن تشيرَ للبحرِ فيغسلَ موجَهُ بك,
أن تشيرَ للتاريخِ يغادرُ دائرةَ الطباشير..
أن تشيرَ للضجرِ يتصوفُ شارعاً بكاملِه .....
ويحدث ..يحدث
أن القرصانَ
مازالَ يتابعُ المشهدَ
بشرودٍ مفتعلْ

يحدث..
أن أصغرَ الأشياءِ تتركُ إيقاعَها بفيءِ المكان..
وأنك حقيقتي الأكثرُ انهماكاً بعدِّ أوقاتِها المهدورةِ في اللهاث.
وأنك زخةُ قصائدَ...
تنشبُ برابعةِ القلبِ..
بعد عمرٍ طويلٍ منَ الفناءْ..

يحدث..
أني أصدقُ الخرافةَ وجدتي
واللهَ والنسيانْ..
نسيانٌ غائبٌ لن يأتي
.. نسيانٌ غائبٌ أنتظرُ عودتَه
كغفرانٍ أخيرٍ لتوبةِ العاشقِ
يتممُ اللوحَ
الأولَ.. للروح.

يحدث.. أن
أكونَ قاطرةً وحيدةً  أنا ,
صفيراً يعبرُ شوارعَ مدنِ الحرب ..
الملمُ من قربِ جدرانِها المنهارةِ حكاياتِ الليل
ونظراتِ الضحايا الأخيرةْ..
يحدث أني عربةُ أمنياتٍ وصورةٌ خاطفةْ .

يحدث.. أن أقولَ
أحلامُها حبلُ غسيلٍ معتنى به..
تنقي أشواقَه النظيفةَ ,وتعتني بطقوسِ غيمةٍ خريفية..
ثم تعاودُ تشميسَ نواياها المؤجلة ...   
متغاضيةً عن هواءٍ عابرٍ
غازلَ خصلةَ شعرِها المندى بالرمان
وتترقبُ أصداءَ هديرٍ يعِدُ بغبطةٍ ..ما...
غدا يأتي..
وماذا في غدٍ, يحركُ الأشياءْ...؟
سيبقى الحبُ معي ..
وستسيرُ الأرضُ معي...
سنرى... ؟؟!
أقول لا.... وأعرِفُ ما لا أريد

يحدث أن
صورتَك المتهكمةَ على الجدار..
يحدث..أن أصابعي  تمسحُ
نظراتِ النساءِ العالقةَ
بطرفِ ابتسامتِك ..
ضحكتِك ...
التي تعرِّشُ على يدي
كلما قطفتُ
 أغنيةً من صداك.
ويحدث أن
أصابعي ,وصورتَك, والضحكةَ, واللحنَ
شجرةُ عصافيرٍ
 تتغذى بحضورِك
 الدائمِ
على الجدار..

 

تعليق عبر الفيس بوك