أُفكِّر بتقديم بياضي


زهير بردى – العراق

الليلة لا شيءَ جديد ولا ما كان حدث َسابقا
فالاب يوسف سعيد وكعادته المحبّبة في طحنِ الحروف بالسعال
نسى ثيابَه المقدّسة في محطّة مترو  بسودرتالية
فذهبنا معه أنا وشاكر سيفو نبحثُ عنها في مطار بغداد
ولحيته الناعمة كوبرٍ أصيبت بحوَل عيون تفكّر بتأويلاتٍ عديدة
كأنها شربت النارنج لسطوعِ بياضِها البنّي
فاصيبت بلدغةِ مجنوبة أكبر من فمِ النحل
بابا نوئيل يخرجُ من تحت أنقاضِ جرسِ ميلاد
كنيسةِ الطاهرة المتمرّدة على موسيقى سوداء
وكريات بيضاء وحمامات الناقوس ترصدُ الفجر
تفكّرُ بتقديمِ بياض صدرها لطعنٍ رقيق يرفضُ فكرةَ الحرب
سالتْ كراتُ صوف من رائحةِ آخر قربان
ما زالَ عالقاً في فمِ كاس من المرمرِ والنحاس
المتروك على كرسي إعترافٍ يحصي أبانا الذي
فيسكبُ جسدي سطوراً تخشعُ للسلام عليك
وأردّد أمامَ آخر فستانٍ أبيض يبتسمُ كثيرا
أمامَ ترونس ينظرُ الى صورةِ العشاءِ الاخير
ونعوش أطفال تسيرُ في طريقِ المقبرة ليس لوحدها
لكن مع مجاميع ثلج وصيف وأصابع صغيرة ومذود تبن
أطفال ما زالت نقوش صينيّة الشاي المرسومة
فوق براءةِ أصابعهم الملساء
و(مورن أتراحم أعلين )
حتى العيون تتكلّم حين تردّدها تجاعيدُ الجدران الباردة في بخديدا
مليئة بالخفافيشِ والعناكب والطيور الميّتة
والستائرُ تنتظرُ المياة المالحة المرشوشة من أجساد ساخنة
من البحرِ والقواقع والروبيان من يابسةٍ لا تتكاثرُ فيها العاقول
والشوك البرّي الهواء ينتظرُ الاصابعَ الرقيقة
وصوت الناقوس وباقة أيّام ليست من أبجديّة ِمرثية
مصابة بعطبٍ مزمن وشغب خيمة لا ترى السماء
وأبوابا سريّة لمزيدٍ من الظلام
الليلةَ يا أطفالَ العالم الحلوين
إنْ مرَّ بابا نوئيل أمسحوا دموعَهُ
فبقجته مليئةٌ بالترابِ المقلوب المليء
بمخلّفات الحرب والجوع والشاحنات المليئة بالنفايات
ووشاح الازقّة المتهرئ وبرتقال سوق الخضراوات
تتأملنا واحدا واحدا كأننا فاكهة صفراء
وبرتقال وليمون ونارنج ويوسفي وتفاح
وتوت وبرحي وجوز هند
الليلةَ يا أطفالَ الحبِّ والجمال والحياة
إنْ مرَّ بابا نوئيل حنّوا يديه
واكسوه بدلته الحمراء
ضعوا النجومَ والورود والشمس
في عربتِه المنزلقة على ظهرِ التاريخ
لا بدّ أن يفرحَ بابا نوئيل
لا بدَّ أن يضاءَ العالم مرّة  ثانية
ببراءةِ عيونِكم البيضاء
حقّا أنَّ العالمَ جميل

 

تعليق عبر الفيس بوك