كيف صنعت فرنسا "إنجازها المونديالي"؟

 

حسين الغافري 

انتهت كأس العالم في روسيا وهي تتوشح اللون الأزرق. كان الختام بمباراة من العيار الثقيل بين "الديوك الفرنسية" ومنتخب "الناريين" كما يحب البعض تسميته. إجمالاً، البطولة حملت معطيات كثيرة ودروس يجب أن يستفاد منها. من ناحية التنظيم فقد كان على مستوى كبير من الإشادة والنجاح وها هي الأنظار تتحول إلى دوحة الخير حيث ستقام البطولة المقبلة. روسيا أثبتت وبشهادة الجميع على المستوى الكبير في التنظيم وبإذن الله ستكون قطر على قدر أكبر من النجاحات وهي تقام لأول مرة ضمن رقعة الشرق الأوسط وتحديداً في منطقة الخليج.

***

النهائي الروسي للمونديال جاء بلون أزرق صريح. أربعة أهداف هزّت شباك سبوسيتش بطريقة دراماتيكية. في المقابل كان التعاطف واسعاً مع الكروات الذين فرضوا أنفسهم نجوماً مقاتلين استحقوا الاحترام، وحققوا إشادات كبيرة للعمل الذي قاموا به. المتابع للمنتخب الفرنسي خلال فترة الأدوار الإقصائية يدرك أننا أمام منتخب بطل قادر على أن يحقق البطولة. والرهانات التي فرضتها كتيبة ديشامب عديدة من خلال الخيارات الفنية التي تملكها كتيبة الديوك. ولعل مشوار الجد الذي أعطى الشرارة الأولى للانطباع بهوية البطل إقصاءهم لمنتخب الأرجنتين بقيادة ليونيل ميسي. ومن كان يشاهد لقاء النهائي مساء الأحد وقارنه بما فعله المنتخب الفرنسي في التانغو يستوعب التشابه الخططي والفني في كيفية إدارة ديشامب للمباريات بما يتناسب مع الكوادر التي يمتلكها.

***

فرنسا قدمت طريقة لعب تميزت بالتركيز على الشق الدفاعي بشكل منظم، في المقابل تأتي المباغتة عن طريقة الارتداد السريع في الهجمات العكسية بتواجد الموهوب مبابي والنجم جريزمان. لذلك شاهدنا صعوبة كبيرة لكرواتيا في مجاراتهم. ولعل ما منح ديشامب هذه الخيارات المختلفة في إدارته للمواجهات التنوع الفني الذي يملكه في مختلف الخطوط.. صلابة دفاعية وتنظيم مميز لوسط الملعب وارتداد هجومي يستغل أنصاف الفرص المتاحة في الأمام. ولا ننسى كذلك دور حارس المرمى الذي كان في الموعد رغم الخطأ الذي تسبب به في الهدف الثاني لكرواتيا والذي بنظري لا يخفي نجوميته وتألقه طيلة المونديال. أيضاً لا نتجاهل الاستقرار الفني الذي تعيشه الإدارة الفنية بقيادة ديشامب وهو أمر مهم لا يجب إغفاله ولا تجاهله ولعله من أهم الأسباب الرئيسية التي يجب أن يشار إليها في مثل هكذا نجاحات؛ فألمانيا التي حققت المونديال السابق جاءت بنمط مماثل للديوك في هذا المونديال من خلال الاستقرار الفني مع لوف.

***

فرنسا بهذا الجيل تملك الفرصة لتحقيق نجاحات أكبر. خسارة اليورو المنصرم كانت بمثابة درس حقيقي للديوك وتعلم منه اللاعبون كما ينبغي. الجيل الحالي بإمكانه أن يذهب لما هو أبعد. في الجانب الآخر، كلمة حق في منتخب كرواتيا الذي أذهل العالم بما قدمه وكيف جاء من بعيد إلى النهائي. منتخب منظم استحق ما هو أكثر، وأرى بأنّ هذه البطولة التي نجح بها الكروات بحاجة إلى أن تكون نقطة انطلاق في البناء. نقطة يبني عليها المنتخب طموحات في كيفية تكرار المشهد وتكوين خامات لاعبين مثلما يمتلكها المنتخب الآن أمثال راكتتش ومودريتش وكوفاستش والبقيّة.

 

HussainGhafri@gmail.com