تحفيز الاقتصاد العماني

خلفان الطوقي

 

تتعدد المدارس الاقتصادية في كيفية رفع مستوى خزينة الدولة ورفع المُساهمات من غير الإيرادات النفطية، فهناك من يكتفي بالحلول السهلة كرفع رسوم الخدمات الحكومية واستحداث رسوم لبعض الخدمات التي كانت غير مفروضة من قبل، واستحداث ضرائب على المؤسسات التجارية وحتى على الأفراد، وهناك من يرى أنَّ رفع الإيرادات الحكومية لا يكون بالطرق التقليدية، وإنما يكون بتحفيز الاقتصاد.

هذه المُقدمة تقودنا إلى النظر في هذا السؤال، ترى متى يجب تحفيز الاقتصاد؟، والجواب على هذا السؤال هو عندما تكون هناك مؤشرات ومظاهر لبطء النمو الاقتصادي، والذي تكمن أهم مؤشراته في ضعف القوة الشرائية لدى المواطنين والمقيمين، وانحسار ملحوظ لنسبة مرتادي الأسواق والمُجمعات التجارية، وزيادة نسبة التضخم في الأسعار، وتراجع نسبة النمو الاقتصادي السنوي، وضعف الصادرات إلى الخارج، وقلة الصرف الحكومي، ورفع الدعم عن المحروقات وأسعار الطاقة، وارتفاع نسبة الشركات والمؤسسات التجارية المهددة بالإغلاق، وزيادة نسبة الباحثين عن عمل، والتي منطقياً ستؤثر على مستوى معيشة الفرد ونوعية الخدمات والسلع التي يسعى إليها، وانخفاض نسبي لأسعار الأسهم والأراضي، وارتفاع الضمانات والفوائد البنكية، والتردد في الاستثمار سواء من التجار المحليين أو المستثمرين من الخارج، وغيرها من العواقب الكثيرة للانكماش الاقتصادي التي تمتد لجميع الأنشطة التجارية.

أجزم مع أمنيتي الصادقة أن أكون مخطئاً في ذلك، أنَّ الكثير من المؤشرات التي ذكرتها أعلاه أصبحت واضحة لمُتابعي الوضع الاقتصادي الذي يمُر بالسلطنة وبعض دول الخليج، والمُتتبع أيضًا يُلاحظ أنَّ أسعار الرسوم في ازدياد وخاصة في عام ٢٠١٧م، بالرغم من أنَّ الحكومة أخرت رفع الرسوم على خدمات بلدية مسقط وصحار وظفار وباقي البلديات الإقليمية وأجلت ضريبة القيمة المضافة إلى بداية العام القادم ٢٠١٩م، إلا أنَّ ذلك لم يمنع معظم المؤسسات التجارية بغض النظر عن حجمها ونشاطها من قلقهم الشديد من تفاقم معاناتهم وعدم استطاعتهم تكملة مشوار العمل التجاري والإغلاق بأقل الأضرار الممنكة التي تقيهم الوقوف أمام المحاكم أو الدائنين.

فما الحل إذن؟ وهل الحل يكمن في يد الحكومة؟ وهل الحكومة أدت أفضل ما لديها للمساهمة في تحفيز الاقتصاد؟، بكل تأكيد يوجد حلا لكل مشكلة، والحل يكمن في يد الحكومة لأنها هي الجهة المشرعة التي يمكنها تهيئة الأرضية والظروف المناسبة للعمل التجاري أو العكس، ويمكن للحكومة أن تقوم بأفضل مما قامت به، وذلك لأنَّ أي حكومة ديناميكية تجدها تجدد تشريعاتها وأنظمتها حسب المتغيرات والإحداثيات بأسلوب مرن وسريع، ووجهة نظر الكثير من المتابعين وخاصة المتخصصين منهم في السلطنة والذين في أرض الواقع يرون أن رفع الرسوم على الخدمات والتراخيص وفرض ضريبة القيمة المضافة سوف تزيد من المشكلة بدلاً من حلها، ويرون أنَّ الحكومة عليها القيام بعدد من الخطوات وأهمها خفض الرسوم والضرائب وإعادة هيكلة القروض لمدد أطول وتأجيل الأقساط من خلال خطة متوسطة بتدخل من البنك المركزي العماني، وترقية بعض قوانين العمل لكي تتناسب مع الوضع الاقتصادي، وتكوين فرق عمل مؤهلة لتطوير منظومة التشريعات لتتنافس مع الوجهات الاستثمارية المحيطة بنا، فالمتطلبات في وقت الرخاء والازدهار والنمو الاقتصادي قد تكون مقبولة، ولكن لن تكون منطقية عند فرضها في أوقات الشدة والانكماش، فالحل يكمن في تعدد الحوارات والنقاشات من المؤهلين والمتخصصين وتكررها بين الأجهزة التشريعية والتنفيذية واستعراض خيارات جديدة ومبتكرة مع استبعاد خيار الضرائب ورفع الرسوم لحل للفترة المقبلة.