الهاتف الذكي... قاتل السعادة الذي استأجرناه

مرتضى علي – بغداد

 

 نواجه في مجتمعنا العربي مشاكل عديدة أفرزتها الثورة التكنولوجية أدت إلى شقاء الإنسان بدلا من أن تسهم في إسعاده وإحدى هذه المشاكل وأكبرها هي الاستخدام المفرط لمواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت تُسمى فيما بعد (مواقع التنافر الاجتماعي)، ومنصات للتفاهات التي ثارت لها منزلة رفيعة على صفحاتها لاسيما الأكاذيب وعمليات التشهير والتسقيط وإطلاق الفضائح والترويج لنزعة الاستهلاك وتصنيع وتسويق ثقافة الإدمان على البرامج السطحية، فما إن يدخل المستخدم  على أحد المواقع لمتابعة مقطع معين حتى يجد نفسه قد دخل إلى العشرات من المقاطع الشبيهة من دون أن يشعر بذلك ومن غير إحساس بقيمة الوقت الذي يمضيه منحنيًا متقوقعًا فضلا عن الضرر الصحي الفادح الذي يسببه لجسمه ونفسه وعقله! ، فكل هذه الأشياء تشوش رؤيته  للجمال وتمنع المرء من الوصول إلى الإحساس العميق بالسعادة لأنه سيربط سعادته بعدد الإعجابات والتعليقات التي جمعها على منشوره الأخير أو يربطها بتلك السيارة الباهظة الثمن التي يمتلكها المشهور الفلاني أو يربطها بالفيلا الفخمة التي يمتلكها  المشهور فلان ابن علان.
والمشكلة الأكبر هي أن يربط المتصفح المدمن لمواقع التواصل الاجتماعي سعادته بالشهرة ويسعى طوال حياته لإرضاء جميع الناس وهذا شيء لم ينله حتى الأنبياء، وإذا قام أحد الأشخاص بإلغاء متابعته عبر مواقع التواصل فإنه يصاب بإحباط شديد واكتئاب حاد لأنه وببساطه ربط سعادته بالشهرة، وهذا ليس ذنبه وحده فالمشاهير الموجودون على مواقع التواصل هم ممثلون محترفون يتظاهرون بإن حياتهم مثالية وليس فيها خدش واحد وإنك لن تصبح سعيدًا إلّا إذا أصبحت مثلهم أما واقعيا فحياتهم لا تحتوي على كمية الحماس التي تتوقعها منهم، لأنك ستشعر بعدم الرضا تجاه حياتك بعدها تشعر بالنقص فتحبط، فحتى مخترع الهاتف الذكي "ستيفن جوبس" كان يمنع إبناءه من استخدام الهواتف الذكية.
إن الإنترنت بالتأكيد ليس مضرا؛ بل هو مغارة ضخمة مليئة بالمعلومات الشيقة ويمكن أن يصنع منك إنسانا مغمورا بالإبداع وشخصا موسوعيا ومثقفا؛ ولكن استخدامه بشكل غير متزن سيجعل منك إمَّعة تميل مع كل ريح!! .

تعليق عبر الفيس بوك