كرة القدم : صانعة المرارة والفرح

الحافظ الزبور – مونتريا - كندا


لم تكن هذه "الجلدة " سوى بالونا معبأ بالهواء.. تتخطفه الأرجل بركلات أحيانا ممهورة وأحيانا مخشوشنة.."جلدة".. يركض اللاعبون بها في كل الاتجاهات دون أن تعاتب أو تعترض..انسيابية مكفولة.. بزمن محسوب... لكن الحكاية ليست لا في الكرة ولا في القدم ولا في الأشخاص ولا في الزمن  ..الحكاية وما فيها  ان الاثنين معا (الكرة والقدم ).. وقود نار... يجتاح هشيمها الأجساد والعقول والأرواح.. و"الشباك"  هي الفيصل في كل ذلك... إما مرارة.. وإما فرحا ..ليس هناك منزلة بين المنزلتين.. وجوه عابسة أو وجوه مستبشرة (يوم قيامة..اعتقد...)... لابد من تحول ما.. تأرجح ما.. بين الغضب و الحبور.. كل الثنائيات حاضرة.. تناوب فاضح. ..صراخ قاتل اوصمت بغيض... حرقة أونغم ..تفوق وانكماش...منظر رهيب ..معمل متحرك من "الثنائيات" ؛  تجره لنا احصنة البشر بمختلف معادنهم ..على المباشر أو ب"الريموت كنترول".. كل يسعى .. للحظة "الهتك "...لحظة "هتك " بامتياز ..لكل التوقعات..والتنبؤات ..والرهانات ..والعلاقات ..والمنشأ..والممر ..- و" هتك "..للعابر
...والقابع ...ولكل الهويات والاجناس...- وهتك لكل الوضعيات..والاحتمالات ..لحظة "ميثولوجية "  بامتياز ...كثير من الحظ ... كثير  من الخرافة .. وكثير من واقع الحال ..خليط غير منسجم ..يداهمنا ..ونحن على أعتاب  "الفرجة " .. فرجة منظمة..عليها كبار "شداد" ..يشدون احبالها..ويذيقون..ما يحلو لهم : المرارة والخزي..او الافتتان و النشوة..."حرب " من طينة اخرى.. . حرب ..دروس .. مدبرة ..بتجييش "العقول "..والمشاعر " ....!!!    
للألعاب الجماعية..نكهة "الحشد".. تثير فينا مدفوناتنا...انتماءاتنا الغابرة...فتتحرك ..الانتماءات حسب الأهواء..وحسب الدم والجغرافياوالتاريخ..وتتدرج..وتدور ...وتعرج ..وتتلمس ..وتلامس ..حسب القرب من هذا وذاك " سياسة القرب " ..بها يكون الحسم مع الخصم .. وفي رمشة العين يتحول الخصم إلى صديق ..والصديق إلى خصم...كل تناقضاتنا ..يحملها الملعب- (محفل ..قداس ..اغورا يونانية...)-.. على ظهره وبكامل جوقته ..ليس في الأمر " لهو " فقط ..بل كيان بني حجرة حجرة ..حتى استوى صرحا بشريا لا يقاوم...تعبئة في غاية الدقة والتخطيط.. لا يمكننا أن نظل  طول اللعبة ..على "حياد" ..لابد من اتخاذ موقف ...موقف جلل له تداعيات تفوق أدوارنا العادية في الصراخ والاندهاش...من أعلى كراسينا ..ومن أضيق الأمكنة..إلى ارحبها...ملاعب/ أماكن شكلت لتحملنا على مدرجاتها..حقيقة وافتراضا ..ونحن ..وما يئن في دواخلنا...من مكبوتات ومترسبات...وما يغور فينا من آلام وأحزان..  يتحول ..منا...رمشة..-(بركلة أو ضربة رأس )-  إلى شحن من البهاء والفرح... (جنون ثائر احيانا )..اومن غم وسهاد  (كبوات صادمةالى حدود  الإغماء..) ..سلسلة لا نهاية لها ..تعاقب "فاتن"   ...وكل فرح نشوة لاتقاوم (ايروس داهم )..وكل كبوة -(سخط سيزيفي مقيت)-  .فهي قطعا لا تشبه لحظة فرح..فهي أرعن وأقسى ..لن تكفكفها الدموع أبدا ...كبوة (الكرة تمور في الشباك وتستقر)..بدموع حارة ...ماردة ....تجري "وديانا"   من عيون مشرئبة ..عطشى ..فتمسخ جراحات غائرة ..تظل تنز..تلازمنا ..ما دامت غاراتنا...في الملاعب /الميادين... بحظ أو بغير حظ ....لن تقوى على هزم آخر "صفارات " الخيبة .. فمن منا سينكر ..بعد ما رأى وعاين :   إن مصائر فرق /شعوب / دول... أصبحت على كف "كرة" من جلد أو من "بوليستير" ...سيان..لابد أن شيئا ما ..بدأ "يفتن" العالم .. !!!؟؟؟

تعليق عبر الفيس بوك