"الوجع هو الرمق الأخير للكتابة "

إسراء إسماعيل - فلسطين


استوقفتني تلك العبارة ولا أعلم لماذا ..؟
حاولت بكل جوارحي أن أخبأها تحت جلدي
أو أضعها خلف الهامش بكثير ..
أن أترجمها إلى شهقة بائسة ..
أن أقلبها بين أصابعي العشر ذات البين وذات اللمس ..
أن أدحض مسعاها في تمزيق صوتي إلى صيحات صغيرة متفجرة ..
أن أكورها ..
أن أصفعها ..
أن أكسرها ..
أن أثنيها بفعل تمدد قلبي على سطرها الوحيد ..
أن أبنيها كما يشتهى تأويلي أن يفسرها وأكسرها مجدداً ..
أن أبلع غصتها كلما حاولت أن أقرأها بصوت أعلى ..
هل يجدر بي أن أصفق لها أم أصفق للوجع نفسه ..؟
تمنيت لو أخوض تجاربها وهي تحارب الوحي بنزف تائه ..!
تمنيت لو تكون دمية يهبها الله حياة أخرى فحتما سأستثمر وجعها بكامل خريفي بدلا من الغرق في ساتر الرمال عندما أكرر وقع خطواتها الأنيق على أذني ..!

أليس غريبًا أن لا تمطر السماء عندما أسمع صوتها ..؟
أليست مناسبة جميلة تستحق الاحتفال لأجلها واحتفالي هو البكاء ..؟
الغريب هنا ..
إنها لم تخني الذاكرة ولا السماء ولا يدي الخرقاء حين تنفست بصعوبة بالغة لقاءها السريع شبه الصامت على الورق ..
كيف لعبارة مثلها أن تثير جلبة رغم أنها بالكاد تشغل حيزا من الفراغ ..؟
الجمال هنا ..
البساطة قمة التعقيد ...!!

هل تعلم صاحبة هذه العبارة أنني أصبحت أعاني من تقلباتها المزاجية ..
جعلتني أقف عند المنتصف بين نقطة اللارجوع واللامحتمل ..!
لكنها لا تعلم من سيعلن الحداد على العبارة بعد ان تموت ؟
 أنا أم هي..؟
قفزت شجاعتي من خانة المتلقي إلى خانة هذا الوجع الذي استنزف رمقه الأخير في الكتابة ..
لم الكتابة بالتحديد ..؟!
ماذا لو كتبت أي شيئا آخرَ هل ستكون أخف وطأة على القلم ..؟!
مثلا أن تكتبي "الوجع هو الرمق الأخير للحياة" ما تكبدت خسارة نفسي كلما قرأتها أكثر ..

فعلا أخشى على روحي من تلك العبارة إن تعمقت في تجردها المعدم وينتابني الخوف إن توقفت عن ترددها لحظة ..
وأعود بأدراجي  السؤال نفسه باستسلام لم الكتابة يا صديقة ..؟!
لم تقفز شجاعتي هذه المرة لتسعف انهياري التام أمامها لأصف عمق الجدال الذي حدث بين عقلي وقلبي ..
أعترف أني فشلت في التجرؤ على خيالها باعتبار أنها قطار رحلة لا منتهية ..
وأعترف أيضا أن قصر قامة عقلي جعلني لا أشعر بثرثرة الحروف بعد أن أصابتني لعنة سهادها ..!
ربما علي أن أعطيها اسما يليق بها منحدر زلق أم عام من العدم ..!!

ماذا أفكر وأنا أنظر إلى أهوالها ..؟
من هي حقا ..؟
وكيف تبدو ..؟
هل تشعر بي عندما أتسلل من ثقوب حلمها ..؟
عندما أراها بدقة الـ HD أصاب بالهلع
فأبدأ بحفر جسدها لمعان أعمق ..
كل شيء فيها صعب ما عدا الوقوع في حبها كان الجزء الأسهل على الإطلاق ..!
ما هو سرها الملتاع ..؟
لن تخبرني ولن أختبر طاقة حبري في تحمل عنجهيتها المفرطة نحو غرق بدا لي نجاة لوهلة ..
كان علي أن أقتل نفسي قبل أن أقترفها أكثر لكني احترت في طرق قتلي ..
ربما سأفكر بانتحار لطيف بخاصية الـ Slow Motion عندما أهوى من شاهق فأتناثر حروفا وقصائد ..!
أليست طريقة مثالية لإهانة الموت ..؟
أو أستأجر قاتلا محترفا يقتلني ويكدسني على روزنامة من وقعوا ضحية في قراءتها ..!
لكن سرعان ما أتراجع في آخر لحظة كما العادة حين آخذ وضعية القرفصاء وأرددها بندم ..
"الوجع هو الرمق الأخير للكتابة "
"الوجع هو الرمق الأخير للكتابة"
"الوجع هو الرمق الأخير للكتابة "

تعليق عبر الفيس بوك